إعانة الأم لأبنائها على الزواج من نصيبها من الميراث
خالد عبد المنعم الرفاعي
سائل يسأل: هل للأمِّ أن تُعينَ أبناءَها على تكاليف الزواج مِن نصيبها في الميراث؟ وهل في ذلك ظُلْمٌ لبناتها؟!
- التصنيفات: فقه المعاملات -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هل للأمِّ أن تُعينَ أبناءها على تكاليف الزواج من نصيبها في الميراث؟ وهل في ذلك ظُلْمٌ لبناتها؟!
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فهذه المسألةُ يَتَنَازَعُها أكثرُ مِنْ أصْلٍ فقهيٍّ أيها الأخ الكريم، أهمُّهما أصلانِ:
• الأول: هل يَجِبُ على الأب أو الأم إن عجز الأبُ عن النفَقة إعفاف الأبناء بتزويجِهم؟! وبمعنى آخر: هل هذا مِن النفقة أو مِن الهِبَة؟
فالحنابلةُ يُوجِبونه، ويَجعلونه مِن نفقته على الأب، كما قال المرداوي في الإنصاف: "يجب على الرجلِ إعفافُ مَن وَجَبَتْ نفقتُه عليه من الآباء والأجداد والأبناء وغيرهم...، وهو مِن مفردات المذهب". انتهى.
وقد أفتتْ به اللجنةُ الدائمةُ للبُحُوث والإفتاء (16/ 226) فقالتْ: "يجب عليك أن تزوِّج مَن احتاج إلى الزواج من أبنائك، إذا كان لا يقدر على الزواج مِن ماله، وأنت قادرٌ على ذلك، وتقوم بتكاليف زواجه، ولا تدفع للأبناء المتزوجين والذين يَقْدِرون على الزواج بأموالهم مثل ما دفعت في تزويج هذا الابن المحتاج؛ لأنَّ هذا يعتبر من الإنفاق الواجب، وليس هو من العطيَّة التي تجب فيها التسْويةُ بين الأولاد".
فعلى قولِ الحنابلة لا إشكال أن تُزَوِّجَ تلك الأمُّ أبناءها الذُّكور، ولا ظُلم حينئذٍ على الإناث؛ لأنَّ النفقة لا يجب العدْل فيها، وإنما تكون بحسب الحاجة.
• ويرى جمهورُ الفقهاء مِن الحنفية والمالكية والشافعية أنه لا يَجِبُ على الأب تزويجُ الابن، فعلى قولِهم إن زَوَّجَت الأمُّ أحد الأبناء، وَجَبَ عليها تزويج الباقين، وكذلك يَجِب التسويةُ مع البنات؛ لأنه من باب الهِبَة العطايا، وليس مِن باب النَّفَقة، والعدلُ فيها مأمورٌ به بين الأبناء إن كانت البناتُ مُحتاجات أيضًا.
ولكن الجمهور إن وجد ما يدعو إلى التفضيل، فلا يلزم العدل في تلك الحال، فإن كان الأبناءُ الذكورُ فقراء، ولا يملكون نفقات الزواج، فللأمِّ أن تَهَبَ لهم تلك النفقات، ولا يجب عليها تعويض البنات، وإن كانتْ مُطالَبَةً أن تُبَيِّن لهنَّ سبب تفضيل الذُّكور حتى لا يجدْنَ عليها.
والحاصل أنه على كلا القولَيْنِ فمساعدة الأم لمن يحتاج الزواج من أبنائها الذكور جائزٌ ما دامتْ مُوسرة، قال الإمام سفيان الثوري: "حق الولد على الوالد: أن يُحسنَ اسمه، وأن يُزَوِّجه إذا بلغ، وأن يحسنَ أدبه"؛ رواه المروزي في كتاب البِرِّ والصلة.
وفَّق اللهُ الجميع لما يُحبُّه ويرضاه.