كيف أتعامل مع زوجة بدأت تترك الدين؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
شابٌّ متزوج مِن امرأة لم تتكيَّفْ مع الإسلام، وتركتِ الالْتِزامَ والصلاة، حاوَلَ كثيرًا إصلاحها لكنه فشل، ثم اتَّفَقا على الطلاقِ، وقبل الطلاقِ وجدَها حاملاً، وهي تريد إجهاضه والسفر إلى بلدها، ويسأل: هل أستمرُّ معها في الزواج وأحاول تغيير قرار الانفصال؟
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ مُتزوِّج منذ 9 أشهر مِن امرأة تركيَّة مُسلمة، عاشتْ أغلب حياتها في ألمانيا مع أسرتها التركية المسلمة التي لا تُمارس شعائر الإسلام!
في بداية تعرُّفي عليها كانتْ تقرأ عن الإسلام، وتُصَلِّي، ولكن ليس باستمرار، رأيتُ فيها جدِّية التقرُّب إلى الله بعد موت أبيها، وهذا ما جَعَلَها تُريد الزواج برجل مسلم ملتزمٍ، وتعيش في بلد مسلم - على حدِّ قولها.
تقدَّمتُ لها وتزوَّجنا، ومع مرور الوقت بدأ الشغَفُ بالدِّين يَقِلُّ، وبدأتْ في الشكوى من العيش في بلدي، ولم تستطع الالتزام بالحجاب، فكانتْ تخلعه أحيانًا، وتلبسه أخرى، إلى أن تركتْه نهائيًّا، ثم أخبرتْني بأنها تكره الحجاب بالكُلية، وأنها تشفق على النِّساء اللائي يَرتدينه؛ لأنه مفروض عليهنَّ كرهًا!
فسبحان الله! تغيَّرَتْ طريقةُ كلامها تمامًا، وتركت الصلاةَ نهائيًّا.
حاولتُ كثيرًا إصلاحها وتغيير فكرتها عن المسلمين، وإقناعها بالحُسنى للرُّجوع إلى ربِّها ودينها، ولكن باءتْ كلُّ محاولاتي بالفشَل، بل بدأتْ تتكلَّم بتهكُّم وتطاوُلٍ على نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم عندما عَلِمَتْ بزواجه بأكثر من زوجة، ومِن ضِمنهم أمِّنا عائشة في سن التاسعة!
وبعد فشل كل المحاولات في تغيير كل الأفكار المغلوطة عن الدين، بالإضافة إلى الضغوط التي واجهتُها من أهلي؛ حيث إنها امتنعتْ عن الذهاب معي لأهلي، ولا ترغب في أن يزورونا، وقررت الرحيل عن مصر نهائيًّا، وعدم العودة أبدًا - كانتْ رغبة أبي وأمي أن أُطَلِّقَها!
قررتُ الانفصال نهائيًّا بالحسنى، وأردْتُ أنْ أُعْطِيَها الوقتَ الكافي للبحث عن مسكن في بلدها وللرحيل، فاعتزلتُها في الفراش، وظلَّ الحالُ هكذا لمدة ثلاثة أسابيع!
شعرتْ بتعبٍ، فذهبنا إلى الطبيبة، وكانت المفاجأة أنها حامل في الأسبوع الخامس، ولا تريد إكمال الحمل بأية طريقة؛ لأنها لا تريد أن تحملَ هذه المسؤولية، ولا تريد إنجاب طفل يكون أبوه رجلاً رجعيًّا، غير مُتَفَتِّح، يَفْرِض التدين على مَن حوله بالإجبار - على حدِّ قولها!
الآن تريد الانفِصال والرحيل إلى بلدِها، وإجراء عملية الإجهاض هناك؛ خاصَّة أن الأمرَ قانوني هناك، ما دامتْ لَم تتجاوز الأسابيع الأولى من الحمل.
أنا لا أريدها أن تجهضَ الجنين؛ لِحُرمة هذا الأمر، فطلبتُ منها أن نفتحَ صفحةً جديدة، ونُصْلِحَ ما أَفْسَدْناه، لكنها رفضتْ ذلك، وأخاف إذا أنجبتْ أنْ تمنعني مِن تربية الطفل، أو أن تُرَبِّيه على العادات الفاسدة، والأفكار الخبيثة التي تتملكها وتستحوذ عليها.
فأخبروني هل أسْتَمِرُّ في الزواج وأُحاول إثناءها عن قرار الانفصال والإجهاض والذهاب معها إلى تركيا أو أي بلد آخر للعيش هناك؟ علمًا بأنها لو وافقتْ فلا أدري إن كنتُ أستطيع أن أرَبِّي هذا الطفل على تعاليم الإسلام في ظل وجود والدة كهذه أو لا؟ أو أتركها تَرْحَلُ وأنا لا أعلمُ إن كانتْ ستُجهض الجنين فعلاً أو ستَحْتَفِظ به.
ولن أعلم عنه شيئًا، وسأظل حائرًا، لا أعلم إن كان لي ولدٌ أو لا؟
لحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ عَلَى رسولِ اللهِ، وعَلَى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فقد أحسنتَ - أيُّها الأخُ الكريمُ - في اتخاذِ قرارِ الانفصالِ عن هذهِ المرأةِ؛ لأمورٍ كثيرةٍ باديةٍ ظاهرةٍ من رسالتك؛ منها: استشعارُ صدقِ كلامِكَ أنكَ دعوتَهَا للإسلام؛ بدليلِ التِزَامِهَا ببعضِ الشعائِرِ، ثم نُكُولِهَا على رأسِهَا مرةً ثانيةً.
ثانيًا: تفكيرُك في الاستمرارِ مُغَامَرَةٌ غيرُ محسوبةِ العَوَاقِبِ جيدًا، فستفقدُ بذلكَ والديكَ، ولا تأمَنُ على نفسِكَ إن سافَرْتَ معها إلى بعضِ بلاد الكفر أن يصيبَكَ لا قَدَّرَ اللهُ شؤمٌ من هذا، والسلامةُ في الدين لا يَعْدِلُهَا شَيْءٌ.
لَم يَظْهَرْ مِن كلامك عن تلك المرأة شيءٌ يدُلُّ على موضع قدمٍ لدعوتها للخير، وقد ذكرتَ أنك حاولْتَ معها كثيرًا، فلا تُحاول خِداعَ نفسك بأمرٍ مَظنونٍ، يترتَّب عليه كبائرُ بالنسبة لك؛ ومنها: الإمساك على زوجةٍ مُلْحِدةٍ.
يَظْهَرُ مِن كلامك أنك تحبُّها، ومرتبطٌ بها، وهي مشاعرُ كبيرةٌ لا يمكن لأحد تجاوزها، إلا لذات الله تعالى، ويَظْهَرُ مِن كلامك أيضًا أنك من أولئك الناس الذين يُؤثرون مرضاة الله على حظوظ نفوسهم مهما كانتْ عظيمةً؛ ومَن تَرَك شيئًا لله عَوَّضَه اللهُ خيرًا منه.
نصيحةٌ أخيرةٌ: ابْذُلْ وسعك أن تكونَ عملية الإجهاض في بلدك قبل سفَرها، وتَمَسَّك بذلك؛ فهذا أضمنُ، وأسْكَنُ لنفسك؛ فلا تدري ماذا ستفعل تلك المرأة لو سافَرَتْ دون ذلك؟ وابْحَثْ في بلدك، وستَجِد كثيرين يُساعدونك - بإذن الله تعالى.
وفَّقك الله لكل خيرٍ.