كيف أصير أماً؟

أما استفهامك عن التهديد الوهمي، فإني أنصحك بأمرين: اجعلي من كينونة الأب شخصًا محبوبًا، لكنه مهابٌ.. وليس وحشًا يُخشى من تواجده في البيت.

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

لأنني جديدة على الأمومة, ودائمًا تشغلني (التربية)، وما لها من دور وخطر في التأثير على شخصية الطفل، هكذا أصيغ سؤالي.. كيف أصير أمًّا؟

كيف أعرف أن ما أتصرَُّفُه مع طِفْلتي هُوَ الصحيح؟ ولا أَقْصِدُ هنا ما يمكن تصوُّره، ومعلوم   أنه هو الصحيح لعاقل.

لكني أقصد في التفاصيل الصغيرة، التي ربما تؤثر في شخصيتها من غير ما أُحِسّ..

مثلاً.. قرأت يومًا أن التهديد الوهمي لا يَجِبُ مع الأطفال.. وهذا دائمًا أكرره مع إخوتي الصغار، وأسمعه تقريبًا عند كلِّ مَن حولي.. (كُلْ أكْلك وإلا فَسَأُنَادِي أباك) مثلاً يعني تفاصيل ربما لا نلحظها. كيف أستطيع أن أتنَبَّهَ لها؟!

وللعلم ابنتي عمرها 6 أشهر (مازالت صغيرة) وأريد نصيحتَكُم في أحسن الكتب في هذا المجال عربيةً أو أجنبيةً!!

الإجابة:

وأقدِّرُ سؤالَكِ، وحرصَكِ على معرفة الطريق الصحيح؛ لتُصْبِحي أمًّا...

 

والأكثر جمالاً أن ابنتَكِ مازالت صغيرة، وتَحْرِصِينَ على تربيتها من هذه السن...

 

عسى الله - جل وعلا - أن يُقرَّ عينَكِ بابنتِكِ، وتبلغَ أَشُدَّها، ويرزُقَكِ بِرَّها...

 

سؤالك ممتدٌّ بامتداد عمركِ كلِّه عزيزتي... (كيف أصير أمًّا؟)..!! والجواب لا يمكن أن يُخْتَزَلَ بأسطر..

 

هذه المهنة الشريفة، التي لا تُفَارِقُكِ بِنَوْم أو يقظة... ولا بِلَيْلٍ أو نهار.. ولا بأي حال من أحوالك...

 

الأمومة شرفٌ ما بعده شرف.. واسمحي لي أن أصيغَ سؤالك كالتالي: (كيف أصير أمًّا مربية؟)..وإلا فالأمهات (بالاسم) كثيرات، إنما الفارق هو - كما شرحت بسؤالك - كيف أربي ابنتي على الطريقة الصحيحة؟!

 

ويتَّضح من المعلومات التي أوردتها أن لديك معلوماتٍ، ومهاراتٍ جيدةً عن التربية، ولكنك تَتُوقِين للأفضل..

 

وفي ثنايا سؤالك كتبت الجواب:

سألتِ (ما هي أفضل الكتب..؟)..

نعم.. فالقراءةُ هي السبيل للمعرفة.. ولكن قبل أن أدلك على الكتب النافعة بهذا المجال، آمُل أَنْ تَكُونَ لديْكِ هذه القناعاتُ الثَّلاثة، التي تعينك أن تكوني أمًّا مربية بإذن الله:

 

القناعة الأولى:

إحسان الظن بالله - عز وجل -: هذا المورد العظيم لن تقرأيه بأي كتاب أنتجه الغرب؛ لأن هذا المورد العظيم حصرٌ للمسلم من كل سكان الكرة الأرضية سابقًا ولاحقًا، فالحمد لله على نعمة الهداية، ونِعمة الإسلام، والحمد لله الذي بَشَّرنا فيمَا رواهُ عَنْهُ سيدنا ونبينا محمد بن عبدالله: ((أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، فَلْيَظُنَّ عَبْدِي مَا شَاءَ))، فأحسني الظن بالله بأنه يُعِينك أن تكوني أفضل أمٍّ مربية، ويعينك على تحقيق هدفك السامي.

 

القناعة الثانية:

الإيمان بقدراتك وإمكاناتك (الأدوات) التي أنْعَمَ الله بها عليك..

وأقترحُ عليك لتدركي هذا الكنز الذي في داخِلِكِ: أمسكي ورقة وقلمًا، واكتُبِي ما تَمْلِكينَهُ من أدوات، وأنا متأكدة بفضل الله أنَّكِ ستَكْتُبِينَ ما يزيد عن الخمسين واحدة..ولله الحمد من قبل ومن بعد..

 

القناعة الثالثة:

أن ترْفُضِي الرسائل السلبية التي تأتيك، سواء من داخلك لذاتك (والمقصود بها الحديث السلبي، الذي قد تُحَدثين به نفسك؛ إن صدر منك أخطاء بالتربية تِجاه ابنتك)، أو تأتيك من الآخرين (أقول لك: إنَّه مِن آفات مجتمعنا العربي أنه ينشغل بالآخر كثيرًا، وأسهلُ ما يقوم به أن يصنف الآخر، ويحكم عليه أكثر من أن ينشغل بإصلاح نفسه ومحيطه) واستبدلي هذه الرسائل السلبية مباشرة برسائل إيجابية تُوَجِّهينَها لنفسك، مستعينة بالقناعة الأولى، والقناعة الثانية التي ذكرتها أعلاه.

 

أما الكتب فأفضل ما تفعلينه أن تَجُولي بنفسك في المكتبات، وتختاري الكتاب الذي يناسبك، أو تجولي في مواقع الإنترنت، وتختاري ما يناسبك (تبعًا لبيئتك، وثَقَافَتِكِ، واحتياجاتك)

 

وأقترح عليك مايلي من كتب:

الكتب التي تبحث في التربية بالحب، هناك أشرطة للدكتور ميسرة طاهر بهذا الشأن، وسبق واستضافني موقع "لها أونلاين" في حوار حي حول "التربية بالحب"، أنصحك بالاطلاع عليه، والاستفادة منه.

 

كتاب "هكذا رباني جدي الشيخ علي الطنطاوي" لمؤلفته حفيدة الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله وغفر له - وجميع علمائنا و مشايخنا، الجميل في هذا الكتاب أنه يعرض لمواقف واقعية، مرَّت على حفيدة الشيخ الطنطاوي - رحمه الله - وذكرت كيف تعامل معها الشيخ بالتحفيز، أوالتوجيه، أو العقوبة، أو الاستحسان بشكل غير مباشر..وهكذا...

 

كتاب "دراسات تربوية في الأحاديث النبوية" لمؤلفه الأستاذ الدكتور محمد لقمان الأعظمي الندوي، تجدينه بمكتبة العبيكان إن كنت من ساكنات الرياض.

 

مؤلفات الأستاذ الدكتور عبد الكريم بكار في فلسفة التربية، وله أيضًا صفحة شخصية ومقالات في موقع الألوكة، وفي موقع الإسلام اليوم. فمن هذه الكتب تتفهمين الفكرة العميقة من التربية، وتتمكَّنين بذلك من اختيار المهارات اللازمة، التي تعينك على زرع هذه الفكرة. من الكتب التي تعلم وتكسب المهارات، وفيها تدريب منتظم كتاب "التدريب الفعال للتربية المنتظمة"ويختصر بـ STEP.

"The Systemic Training for Effective Parnting"

تأليف "دان دينكماير وجيري ماكي: ترجمة الدكتورة سهام الصويغ".. الجميل بهذا الكتاب وجود جداول، وتدريب منتظم لقياس مدى تطور وتحسن الوالدين خلال تربيتهم لأبنائهم، أي نقل المعنوي الوجداني للمحسوس.

 

وأما استفهامك عن التهديد الوهمي، فإني أنصحك بأمرين:

اجعلي من كينونة الأب شخصًا محبوبًا، لكنه مهابٌ.. وليس وحشًا يُخشى من تواجده في البيت.

التزمي الصدق دائمًا مع أولادك، فإن كان في ما أسميتِه (التهديد الوهمي) شيء - ولو قليل -من عدم الصدق، فأنت في غنى عنه.

 

آمل أن أكون قد أجبتُكِ على سؤالك... وفقك الله لحسن تربية أبنائك...