أقوال في رواية وضع اليدين تحت السرة في الصلاة
وَقَدِ اخْتَصَرَهُ كما قال السُّيُوطِيُّ في شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ الذي شَمَّرَ ذَيْلَهُ بِجَمْعِ أَدِلَّةِ الْمَذْهَبِ لم يَظْفَرْ بها وَإِلَّا لَذَكَرَهَا وهو من أَوْسَعِ الناس اطِّلَاعًا.
توجد هذه الرواية في مصنف ابْنِ أبي شيبة:
حدثنا وكيعٌ عن موسى بن عمير عن علقمة بن وائل بن حُجْر عن أبيه قال: "رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع يَمينَهُ على شِماله في الصلاة".
بعض العلماء في الماضي ادّعى بأنّ هذه الرواية توجد أيضًا بالتعبير الإضافي: "تَحْتَ السُّرَّة" في نهاية الحديث.
سؤالي لك: يمكن أن تخبرني إذا عثر على هذا التعبير الإضافي في أيٍّ من المخطوطات نظرت فيه. إذا كان الأمر كذلك أيّ المخطوطات لها هذه الإضافة وهل هي نسخة أصيلة أو ليست؟
شكرا لك... بارك الله فيك...
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فالحديث المشار إليه رواه ابنُ أبي شَيبةَ في "المصنَّف" فقال: حدثنا وكيع عن موسى بن عمير عن علقمة بن وائل بن حُجْرٍ عن أبيه قال: ((رأيت النبي -صلى الله عليه وسلم- وضع يمينه على شماله في الصلاة)).
وليس في النسخة المطبوع بين أيدينا زيادة: "تحت السرة"، إلا أن ابن أبي شَيبةَ روى بعده أثرًا عن إبراهيم النخعي؛ حيث قال: حدثنا وكيع عن ربيع عن أبي معشر عن إبراهيم قال: "يضع يمينَهُ على شِماله في الصلاة تحت السُّرَّة".
فلعلَّ مَنْ أَشَرْتَ إليه من أهل العلم قدِ انتقل بصرُه فظن أنهما حديثٌ واحدٌ.
وقد أطال المباركفوري رحمه الله في "تحفة الأحوذي" (2/74-78) في بيان أصل هذا الإشكال والجواب عنه؛ حيث ذكر أقوال الأئمة ومذاهبهم في مكان وضع اليدين في الصلاة، ثم قال:
((وَكُلُّ ذلك وَاسِعٌ عِنْدَهُمْ: أَنَّ الِاخْتِلَافَ بَيْنَهُمْ في الْوَضْعِ فَوْقَ السُّرَّةِ وَتَحْتَ السُّرَّةِ إنما هو في الِاخْتِيَارِ وَالْأَفْضَلِيَّةِ.
واعلم أَنَّ الْأَحَادِيثَ وَالْآثَارَ قد وَرَدَتْ مُخْتَلِفَةً في هذا الْبَابِ وَلِأَجْلِ ذلك وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بين الْأَئِمَّةِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَا أنا أَذْكُرُ مُتَمَسّكَاتِهِمْ في ثَلَاثَةِ فُصُولٍ مع بَيَانِ ما لها وما عليها:
الْفَصْلُ الْأَوَّلُ في بَيَانِ من ذَهَبَ إلى وَضْعِ الْيَدَيْنِ تَحْتَ السُّرَّةِ وقد تَمَسَّكَ هَؤُلَاءِ على مَذْهَبِهِمْ هذا بِأَحَادِيثَ:
الْأَوَّلُ: حَدِيثُ وَائِلِ بن حُجْرٍ رضي الله عنه: رَوَى بن أبي شَيْبَةَ في "مُصَنَّفِهِ"؛ قال: حدثنا وَكِيعٌ عن مُوسَى بن عُمَيْرٍ عن عَلْقَمَةَ بن وَائِلِ بن حُجْرٍ عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يَضَعُ يَمِينَهُ على شِمَالِهِ تَحْتَ السُّرَّةِ.
قال الْحَافِظُ الْقَاسِمُ بن قُطْلُوبُغَا في "تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ": "هذا سَنَدٌ جَيِّدٌ".
وقال الشَّيْخُ أبو الطَّيِّبِ الْمَدَنِيُّ في "شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ": "هذا حَدِيثٌ قَوِيٌّ من حَيْثُ السَّنَدِ".
وقال الشَّيْخُ عَابِدٌ السِّنْدِيُّ في "طَوَالِعِ الْأَنْوَارِ": "رِجَالُهُ ثِقَاتٌ".
قلت: إِسْنَادُ هذا الحديث وَإِنْ كان جَيِّدًا، لَكِنْ في ثُبُوتِ لَفْظِ تَحْتَ السُّرَّةِ في هذا الحديث نظر قوي.
قال الشَّيْخُ مُحَمَّد حَيَاة السِّنْدِيُّ في رِسَالَتِهِ "فَتْحِ الْغَفُورِ": في زِيَادَةِ تَحْتَ السُّرَّةِ نَظَرٌ، بَلْ هِيَ غَلَطٌ مُنْشَؤُهُ السَّهْوُ؛ فَإِنِّي رَاجَعْتُ نُسْخَةً صَحِيحَةً مِنَ "الْمُصَنَّفِ"، فَرَأَيْتُ فيها هذا الحديث بهذا السَّنَدِ، وَبِهَذِهِ الْأَلْفَاظِ، إِلَّا أنه ليس فيها "تَحْتَ السُّرَّةِ"، وَذَكَرَ فيها بَعْدَ هذا الحديث أَثَرَ النَّخَعِيِّ، وَلَفْظُهُ قَرِيبٌ من لَفْظِ هذا الحديث، وفي آخره: "في الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ"، فَلَعَلَّ بَصَرَ الْكَاتِبِ زَاغَ من مَحَلٍّ إلى مَحَلٍّ آخر، فَأَدْرَجَ لَفْظَ الْمَوْقُوفِ في الْمَرْفُوعِ. انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ مُحَمَّد حَيَاة السِّنْدِيُّ.
وقال صَاحِبُ الرِّسَالَةِ الْمُسَمَّاةِ بِـ"الدُّرَّةِ في إِظْهَارِ غِشِّ نَقْدِ الصُّرَّةِ": وَأَمَّا ما اسْتَدَلَّ بِهِ من حديث وَائِلٍ الذي رَوَاهُ بن أبي شَيْبَةَ: فَهَذَا حَدِيثٌ فيه كَلَامٌ كَثِيرٌ.
قال: وَرَوَى هذا الحديث ابن أبي شَيْبَةَ، وَرَوَى بَعْدَهُ أَثَرَ النَّخَعِيِّ، وَلَفْظُهُمَا قَرِيبٌ، وفي آخر الْأَثَرِ لَفْظُ: "تَحْتَ السُّرَّةِ"، وَاخْتَلَفَ نُسَخُهُ، فَفِي بَعْضِهَا ذَكَرَ الحديث من غَيْرِ تَعْيِينِ مَحَلِّ الْوَضْعِ مع وُجُودِ الْأَثَرِ الْمَذْكُورِ، وفي الْبَعْضِ وَقَعَ الْحَدِيثُ الْمَرْفُوعُ بِزِيَادَةِ لَفْظِ تَحْتَ السُّرَّةِ بِدُونِ أَثَرِ النَّخَعِيِّ، فيحتمل أَنَّ هذه الزِّيَادَةَ منْشَؤُهَا تَرْكُ الْكَاتِبِ سَهْوًا نحو سَطْرٍ في الْوَسَطِ، وإدراج لَفْظِ الْأَثَرِ في الْمَرْفُوعِ، كما يُحْتَمَلُ سُقُوطُ لَفْظِ تَحْتَ السُّرَّةِ في النُّسْخَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَكِنَّ اخْتِلَافَ النُّسْخَتَيْنِ على هذا الْوَجْهِ يُؤْذِنُ بِإِدْخَالِ الْأَثَرِ في الْمَرْفُوعِ. انْتَهَى كَلَامُ صَاحِبِ الدُّرَّةِ.
وقال الشَّيْخُ مُحَمَّد فَاخِر الْمُحَدِّثُ الاله ابادي في مَنْظُومَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِـ"نُورِ السُّنَّةِ"... ))، ونقل عنه كلامًا بالفارسية، ثم ترجمه بقوله: (( حَاصِلُهُ: أَنَّ ما نَقَلَهُ الْقَاسِمُ بن قُطْلُوبُغَا عَنِ "الْمُصَنَّفِ" لَا اعْتِمَادَ عليه وَلَا عِبْرَةَ بِهِ، فإن الْكِتَابَ الذي رَأَيْتُهُ أنا وَجَدْتُ فيه خِلَافَ مَقْصُودِهِ.
قلت: ما قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْأَعْلَامُ يُؤَيِّدُهُ أَنَّ هذا الحديث رَوَاهُ أَحْمَدُ في "مُسْنَدِهِ" بِعَيْنِ سَنَدِ ابن أبي شَيْبَةَ، وَلَيْسَتْ فيه هذه الزِّيَادَةُ، فَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ: حدثنا وَكِيعٌ حدثنا مُوسَى بن عُمَيْرٍ الْعَنْبَرِيُّ عن عَلْقَمَةَ بن وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عن أبيه قال رأيت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَمِينَهُ على شِمَالِهِ في الصَّلَاةِ. انْتَهَى.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا بِعَيْنِ سَنَدِ ابن أبي شَيْبَةَ وَلَيْسَ فيه أَيْضًا هذه الزِّيَادَةُ؛ قال في "سُنَنِهِ" حدثنا الْحُسَيْنُ بن إِسْمَاعِيلَ وَعُثْمَانُ بن جَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ الْأَحْوَلُ قَالَا نَا يُوسُفُ بن مُوسَى نَا وَكِيعٌ نَا مُوسَى بن عُمَيْرٍ الْعَنْبَرِيُّ عن عَلْقَمَةَ بن وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ عن أبيه قال رأيت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاضِعًا يَمِينَهُ على شِمَالِهِ في الصَّلَاةِ. انْتَهَى.
وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّ ابن التُّرْكُمَانِيِّ شَيْخَ الْحَافِظِ الزَّيْلَعِيِّ ذَكَرَ في "الْجَوْهَرِ النَّقِيِّ" لِتَأْيِيدِ مَذْهَبِهِ حَدِيثَيْنِ ضَعِيفَيْنِ؛ حَيْثُ قال: قال ابن حَزْمٍ: "وَرَوَيْنَا عن أبي هُرَيْرَةَ قال: وَضَعَ الْكَفَّ على الْكَفِّ في الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ، وَعَنْ أَنَسٍ قال: ثَلَاثٌ من أَخْلَاقِ النُّبُوَّةِ: تَعْجِيلُ الإفطار، وَتَأْخِيرُ السَّحُورِ، وَوَضْعُ الْيَدِ الْيُمْنَى على الْيُسْرَى في الصَّلَاةِ تَحْتَ السُّرَّةِ. انْتَهَى
وَنَقَلَ قبل هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ أَثَرَ أبي مِجْلَزٍ عن "مُصَنَّفِ بن أبي شَيْبَةَ" حَيْثُ قال: قال ابن أبي شَيْبَةَ في "مُصَنَّفِهِ": ثَنَا يَزِيدُ بن هَارُونَ نا الْحَجَّاجُ بن حَسَّانَ سمعت أَبَا مِجْلَزٍ أو سَأَلْتُهُ؛ قلت: كَيْفَ أَضَعُ؟ قال: يَضَعُ بَاطِنَ كَفِّ يَمِينِهِ على ظَاهِرِ كَفِّ شِمَالِهِ، وَيَجْعَلُهُمَا أَسْفَلَ مِنَ السُّرَّةِ. انْتَهَى.
ولم يَنْقُلِ ابن التُّرْكُمَانِيِّ عن مُصَنَّفِ بن أبي شَيْبَةَ غير هذا الْأَثَرِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لم يَكُنْ في حديث وَائِلٍ الذي أَخْرَجَهُ بن أبي شَيْبَةَ زِيَادَةُ تَحْتَ السُّرَّةِ، فإنه لو كان هذا الْحَدِيثُ فيه مع هذه الزِّيَادَةِ لَنَقَلَهُ ابن التُّرْكُمَانِيِّ؛ إِذْ بَعِيدٌ كُلَّ الْبُعْدِ أَنْ يَذْكُرَ ابن التُّرْكُمَانِيِّ لِتَأْيِيدِ مَذْهَبِهِ حَدِيثَيْنِ ضَعِيفَيْنِ، وَيَنْقُلَ عن "مُصَنَّفِ بن أبي شَيْبَةَ" أَثَرَ أبي مِجْلَزٍ التَّابِعِيِّ، وَلَا يَنْقُلَ عنه حَدِيثَ وَائِلٍ الْمَرْفُوعَ مع وُجُودِهِ فيه بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ، وَمَعَ صِحَّةِ إِسْنَادِهِ.
وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا ما قال الشَّيْخُ مُحَمَّد حَيَاة السِّنْدِيُّ في رِسَالَتِهِ "فَتْحِ الْغَفُورِ" من أَنَّ غير وَاحِدٍ من أَهْلِ الحديث رَوَى هذا الحديث ولم يذكر تَحْتَ السُّرَّةِ، بَلْ ما رأيت وَلَا سمعت أَحَدًا من أَهْلِ الْعِلْمِ ذَكَرَ هذا الحديث بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ إِلَّا الْقَاسِمَ.
هذا ابن عبد الْبَرِّ حَافِظُ دَهْرِهِ قال في "التَّمْهِيدِ": "وقال الثَّوْرِيُّ وأبو حَنِيفَةَ أَسْفَلَ السُّرَّةِ، وروي ذلك عن عَلِيٍّ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَلَا يَثْبُتُ ذلك عَنْهُمْ"، فَلَوْ كان هذا الْحَدِيثُ الصَّحِيحُ بِهَذِهِ اللَّفْظَةِ في "مُصَنَّفِ ابن أبي شَيْبَةَ" لَذَكَرَهُ، مع أَنَّهُ قد أَكْثَرَ في هذا الْبَابِ وَغَيْرِهِ الرِّوَايَةَ عَنِ ابن أبي شَيْبَةَ.
وَهَذَا ابن حَجَرٍ حَافِظُ عَصْرِهِ يقول في "فَتْحِهِ": "وقد رَوَى ابن خُزَيْمَةَ من حديث وَائِلٍ أَنَّهُ وَضَعَهُمَا على صَدْرِهِ، وَلِلْبَزَّارِ: عِنْدَ صَدْرِهِ، وَعِنْدَ أَحْمَدَ في حديث هُلْبٍ نَحْوَهُ".
وَيَقُولُ في "تَخْرِيجِ الْهِدَايَةِ": "وَإِسْنَادُ أَثَرِ عَلِيٍّ ضَعِيفٌ، وَيُعَارِضُهُ حَدِيثُ وَائِلِ بن حُجْرٍ قال: صَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى على يَدِهِ الْيُسْرَى على صَدْرِهِ، وَأَشَارَ إلى ذلك في "تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعِيِّ" فَلَوْ كانت هذه الزِّيَادَةُ مَوْجُودَةً في "الْمُصَنَّفِ" لَذَكَرَهَا وَكُتُبُهُ مَمْلُوءَةٌ من أَحَادِيثِهِ واثاره.
وَقَدِ اخْتَصَرَهُ كما قال السُّيُوطِيُّ في شَرْحِ أَلْفِيَّتِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الزَّيْلَعِيَّ الذي شَمَّرَ ذَيْلَهُ بِجَمْعِ أَدِلَّةِ الْمَذْهَبِ لم يَظْفَرْ بها وَإِلَّا لَذَكَرَهَا وهو من أَوْسَعِ الناس اطِّلَاعًا.
وَهَذَا السُّيُوطِيُّ الذي هو حَافِظُ وَقْتِهِ يقول في "وَظَائِفِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ": "وكان يَضَعُ يَدَهُ الْيُمْنَى على الْيُسْرَى، ثُمَّ يَشُدُّهُمَا على صَدْرِهِ"، وقد ذَكَرَ في "جَامِعِهِ الْكَبِيرِ" في مُسْنَدِ وَائِلٍ نحو تِسْعَةَ أَحَادِيثَ عَنِ "الْمُصَنَّفِ"، وَلَفْظُ بَعْضِهَا: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وَضَعَ يَمِينَهُ على شِمَالِهِ في الصَّلَاةِ، وَهَذَا اللَّفْظُ هو الذي ذَكَرَهُ صَاحِبُ "نَقْدِ الصُّرَّةِ" إِلَّا أَنَّهُ زَادَ لَفْظَ تَحْتَ السُّرَّةِ، فَلَوْ كانت هذه الزِّيَادَةُ مَوْجُودَةً في "الْمُصَنَّفِ" لَذَكَرَهَا السُّيُوطِيُّ.
وَهَذَا الْعَيْنِيُّ الذي يَجْمَعُ بين الْغَثِّ وَالسَّمِينِ في تَصَانِيفِهِ يقول في "شَرْحِهِ على الْبُخَارِيِّ": "احْتَجَّ الشَّافِعِيُّ بِحَدِيثِ وَائِلِ بن حُجْرٍ؛ أَخْرَجَهُ ابن خُزَيْمَةَ في "صَحِيحِهِ"؛ قال: صَلَّيْتُ مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَوَضَعَ يَدَهُ الْيُمْنَى على يَدِهِ الْيُسْرَى على صَدْرِهِ.
وَيَسْتَدِلُّ عُلَمَاؤُنَا الْحَنَفِيَّةُ بِدَلَائِلَ غَيْرِ وَثِيقَةٍ فَلَوْ كانت هذه الزِّيَادَةُ مَوْجُودَةً في "الْمُصَنَّفِ" لَذَكَرَهَا، وقد مَلَأَ تَصَانِيفَهُ بِالنَّقْلِ عنه.
وَهَذَا ابن أَمِيرِ الْحَاجِّ الذي بَلَغَ شَيْخَهُ ابن الْهُمَامِ في التَّحْقِيقِ وَسَعَةِ الِاطِّلَاعِ يقول في "شَرْحِ الْمُنْيَةِ": "إِنَّ الثَّابِتَ مِنَ السُّنَّةِ وَضْعُ الْيَمِينِ على الشِّمَالِ، ولم يَثْبُتْ حَدِيثٌ يُوجِبُ تَعْيِينَ الْمَحَلِّ الذي يَكُونُ الْوَضْعُ فيه مِنَ الْبَدَنِ، إِلَّا حَدِيثَ وَائِلٍ الْمَذْكُورُ. وَهَكَذَا قال صَاحِبُ "الْبَحْرِ الرَّائِقِ"، فَلَوْ كان الْحَدِيثُ في "الْمُصَنَّفِ" بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ لَذَكَرَهُ ابن أَمِيرِ الْحَاجِّ، مع أَنَّ شَرْحَهُ مَحْشُوٌّ مِنَ النَّقْلِ عنه.
فَهَذِهِ أُمُورٌ قَادِحَةٌ في صِحَّةِ هذه الزِّيَادَةِ في هذا الحديث. انْتَهَى كَلَامُ الشَّيْخِ مُحَمَّدٍ حَيَاةٍ السِّنْدِيِّ.
قلت: فَحَدِيثُ وَائِلِ بن حُجْرٍ الْمَذْكُورُ - وَإِنْ كان إِسْنَادُهُ جَيِّدًا - لَكِنَّ في ثُبُوتِ زِيَادَةِ تَحْتَ السُّرَّةِ فيه نَظَرًا قَوِيًّا كما عَرَفْتَ، فَكَيْفَ يَصِحُّ الِاسْتِدْلَالُ بهذا الحديث على وَضْعِ الْيَدَيْنِ تَحْتَ السُّرَّةِ )) اهـ كلام المباركفوري، وهو تحقيق مهم لما ورد في سؤالك،، والله أعلم.
الشيخ أ. د. سعد بن عبدالله الحميد
- التصنيف:
- المصدر: