أريد أن أعرف صحة حديث
هذا الحديث ذكره البخاري في "صحيحه" (2/683) تعليقًا بصيغة التمريض، فقال: "ويُذْكَرُ عن أبي هريرة رَفَعَه: ((مَن أفطر يومًا من رمضان - مِن غير عُذْرٍ ولا مَرَضٍ - لم يَقضِه صيامُ الدهر، وإن صامه!))".
أريد أن أعرف صحة هذا الحديث: ((مَن أفطر يومًا مِن رمضان - مِن غير عذر - لم يُجْزِئْه صيام الدهر كله، ولو صامه)).
الجواب
الجواب: الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فهذا الحديث أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" (1987 و1988) من طريق شعبة بن الحجاج، عن حبيب بن أبي ثابت، عن عمارة بن عمير، عن ابن المطوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن أفطر يومًا مِن رمضان في غير رخصة رخَّصها الله، لم يقض عنه صوم الدهر وإن صامه)).
ولم يصححه ابن خزيمة، ولكن قال: ((باب التغليظ في إفطار يوم من رمضان متعمدًا من غير رخصة، إن صح الخبر؛ فإني لا أعرف ابن المطوس ولا أباه، غير أن حبيب بن أبي ثابت قد ذكر أنه لقي أبا المطوس)).
وهذا الحديث ذكره البخاري في "صحيحه" (2/683) تعليقًا بصيغة التمريض، فقال: "ويُذْكَرُ عن أبي هريرة رَفَعَه: ((مَن أفطر يومًا من رمضان - مِن غير عُذْرٍ ولا مَرَضٍ - لم يَقضِه صيامُ الدهر، وإن صامه!))".
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (4/161): "وَصَلَه أصحابُ السنن الأربعة، وصححه ابن خزيمة من طريق سفيانَ الثوري وشُعبةَ، كلاهما عن حبيب بن أبي ثابت، عن عمارة بن عمير، عن أبي المطوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، نحوه، وفي رواية شعبة: ((في غير رخصةٍ رَخَّصَهَا الله تعالى له لم يقضِ عنه، وإن صام الدهر كله)).
قال الترمذي: "سألتُ محمدًا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال: أبو المطوس اسمه: يزيد بن المطوس، لا أعرف له غير هذا الحديث".
وقال البخاري في "التاريخ" أيضًا: "تَفَرَّد أبو المطوس بهذا الحديث، ولا أدري سمع أبوه من أبي هريرة أم لا؟".
قلتُ: واختُلِفَ فيه على حبيب بن أبي ثابت اختلافًا كثيرًا؛ فحصلت فيه ثلاثُ عِلَلٍ: الاضطراب، والجهل بحال أبي المطوس، والشك في سماع أبيه من أبي هريرة، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء".اهـ كلام الحافظ ابن حجر، والظاهر أنه لم يتنبَّه لتوقّف ابن خزيمة عن تصحيح الحديث.
وقال ابن عبدالبر في"التمهيد" (7/173): "وقد روى أبو المطوس، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((مَن أفطر يومًا من رمضان متعمدًا، لم يجزه صيامُ الدهر، وإن صامه)).
ورُوي عن علي وابن مسعود، وهذا يَحتمِل أن يكون - لو صح - على التغليظ، وهو حديث ضعيف؛ لا يُحتَجُّ بمثله".
قال العَيْنِيُّ في "عُمدة القاري" (11/23): "... وقال مُهَنَّا: سألتُ أحمد عن هذا الحديث، فقال: يقولون عن ابن المطوس، وعن أبي المطوس، وبعضهم يقول عن حبيب عن عمارة بن عمير عن أبي المطوس، قال: لا أعرف المطوس، ولا ابن المطوس، قلتُ: أتعرف الحديث من غير هذا الوجه؟ قال: لا".
وقال ابن حبان في "المجروحين" (3/157): ((أبو المطوس رجل من أهل الكوفة يروي عن أبيه ما لم يتابع عليه لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد روى عن أبيه عن أبي هريرة))، ثم ذكر هذا الحديث.
وانظر لتفصيل طرق هذا الحديث والاختلاف فيه: "العلل" لابن أبي حاتم (674 و720 و750)، و"العلل الواردة في الأحاديث النبوية" للدارقطني (8/266-274)، و"تغليق التعليق" لابن حجر (3/169-172)،، والله أعلم.
أ. خالد بن مصطفى الشوربجي
- التصنيف:
- المصدر: