كيف استفيد من تجربة الابتعاث على أكمل وجه؟

منذ 2018-04-05

ركِّزْ دائمًا على طريقة التفكير والتعامل مع الأشياء، وعلى تلك المسارات التي يسلكها المميَّزون هناك.

السؤال:

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،

وفَّقني الله للقبول كمُبْتَعَثٍ من قِبَل وزارة التعليم العالي في السعودية إلى الولايات المتَّحدة الأمريكية؛ للحصول على شهادة (البكالوريوس) في تخصُّص التَّسويق، وسأقيم في الولايات المتَّحدة قرابة العامَيْن لِلحُصُولِ على هذه الدرجة، وأطمَحُ بَعْدَها إلى أن أحْصُل على درجة (الماجستير) أيضًا بإذن الله.

 

أتَمنَّى أن أستفيد من تجربة الابتعاث على أكمل وجه، ليس دراسيًّا فحسب؛ بل حتَّى نفسيًّا وعلميًّا و فكريًّا، ولكن لا أعلم: كيف أبدأ؟

 

حَسَبَ ما قرأتُ في بعض السِّيَر الذَّاتية للمُستشارينَ الكِرام: أنَّ فيهم مَنْ دَرَسَ في الولايات المتَّحدة الأمريكيَّة، ولِثِقَتِي في كوْنِهم أهلاً للاستشارة؛ أعرضُ عليهمْ هذا السُّؤال؛ طالبًا منهم توجيهي ونصيحتي:

 

كيف أستفيدُ من تجربة الابتعاث على أكمل وجهٍ؟

علمًا بأنَّني طالبٌ في ولاية (OHIO)، وتحديدًا مدينة (Cleveland) في جامعة (Cleveland State University)، وسأقيم هناك قرابة الأربع سنوات - بإذن الله.

رعاكم الرَّحمن

الإجابة:

سُررتُ برسالتكَ غايةَ السُّرور؛ فكم من شابٍّ ابتُعِثَ إلى الغرب وعاد دون أن يكون لذلك أيُّ أثرٍ في حياته؟! وترى أنَّها لم تكن سوى خسارة للمال والأعمار.

 

لم أسافر إلى الغرب، لكنِّي على اتِّصالٍ وثيقٍ بمَنْ يسافرون ويعودون؛ لذا سأقترح عليكَ الأمور التَّالية:

أوَّلاً: دَعْنا نَتَذَكَّرُ أنَّك تعيش الآن في دولةٍ أقامت حضارةً لها وزنُها وقيمتها، ليس لديَّ شكٌّ في أنَّ الحضارةَ الغربيَّة تَحتوي على أخطاءٍ رهيبة، لكنَّها - في الوقت ذاته - قدَّمت أشياءَ إيجابيَّة كثيرة، وأنَّ هُناك الكثير من الأمور الرَّائعة التي يمكن أن تتعلَّمها وتنقلها إلى بلادنا.

أقول هذا لأنَّ هناك مِنَ المُبْتَعَثينَ مَنْ لا يرون سِوى أنَّهم يعيشون في حضارة الكُفْر التي لا قيمة لها, ومثل هؤلاء سوف لن يستفيدوا من الابتعاث شيئًا.

 

ثانيًا: كُنْ فُضُولِيًّا!! تحرَّرْ من كلِّ الأفكار والتَّصوُّرات التي تحملها في ذهنكَ عن هذا البلد وأهلِهِ، واقتربْ لاستكشافِهِم من جديد، والتعرُّفِ على سِرِّ قُوَّتهم والجوانب الإيجابيَّة في حياتهم، وتعرَّفْ أيضًا على موضع الخَلَل في حياتهم، ذلك الذي أوصلهم إلى الحضيض في بعض جوانب الحياة الأخرى.

لقد قام الغرب في حقبة من الأحقاب بدراسة العالم الإسلامي في أَوْجِ قوَّته والاستفادة منه، ولنا كامل الحقِّ في أن نُعيدَ نحن الكرَّة مرَّةً أخرى.

 

ثالثًا: عندما تَستيْقِظُ كلَّ صباح اسألْ نفسَكَ هذا السؤال: ما الشيءُ الذي يمكن أن أتعلَّمَهُ هنا، ولا يُمكن الحصول عليه في بلدي؟

ركِّزْ دائمًا على طريقة التفكير والتعامل مع الأشياء، وعلى تلك المسارات التي يسلكها المميَّزون هناك.

ركِّزْ على دراسة النُّظم والقوانين التي خَلَقَتْ وضعًا إيجابيًّا هناك.

ركِّزْ على الاتِّجاهات والأفكار الجديدة.

 

إيَّاك أن تَغُوصَ في تفاصيل المعلومات؛ فالوصول إلى المعلومة أصبح أمرًا سهلاً، حتى لو كنت تعيش في أدغال إفريقيا!!

 

كُنْ طالبًا بكلِّ ما لهذه الكلمة من معنى؛ طالبًا للعلم والحكمة، واجعل كلَّ لحظة فرصةً لأن تتعلَّم فيها شيئًا جديدًا ومفيدًا.

 

رابعًا: من الوسائل المهمَّة للغاية والتي ستُغَيِّر حياتكَ: أن تحتفظ بسجلٍّ تسجِّلُ فيه - كلَّ يومٍ - أفكارَكَ وانطباعاتِكَ وملاحظاتِكَ وما تعلَّمته من أشياءَ جديدة... اكتب ذلك دون ترتيب أو تنظيم، فقط اكتب دون أيِّ هدف، وداوِم على ذلك كلَّ يوم. صدِّقني، سيتحوَّل هذا السِّجلُّ إلى كَنْزٍ، وستتغيَّر حياتك جذريًّا لو حافظت على هذه العادة الحميدة.

 

ختـامًا: لابدَّ أن تذكِّرَ نفسكَ دائمًا أنَّكَ لو حصلت على أعلى الشهادات؛ فهذا لا قيمة له لو ضيَّعتَ دِينكَ أو شيئًا منه؛ دِينُكَ هو سبب حياتكَ ومقوِّمُها، ولو ضاع فلا معنى لهذه الحياة ولا قيمة لها.

 

أشكركَ على زيارة موقع (الألوكة)، تقبَّل تحياتَّي العطرة، واعتذاري عن التأخُّر في الرَّدِّ على رسالتِكَ.

 

انتبه لدِينِكَ!!

د. ياسر بكار

  • 2
  • 0
  • 30,237

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً