عن منهج سيبويه في الكتاب
منهج سيبويه في عرض مادة كتابه فهو منهج الفطرة والطبع، يدرس أساليب الكلام في الأمثلة والنصوص ليكشف عن الرأي فيها صحةً وخطأً
ما منهج سيبويه في كتابه "الكتاب"؟ هل هو منهج وصفي أم معياري أم الاثنين معًا؟
وما عدد مرات ذكره لرأي الخليل في الكتاب بالتقريب؟ وما عدد مرات ذكر آرائه الشخصية؟
وما عدد الشواهد القرآنية ومن الحديث الشريف التي استشهد بها سيبويه؟
أخي القارئ: سؤالك يشتمل على ثلاث نقاط؛ وهي: منهج سيبويه، وآراء الخليل وسيبويه، واستشهاد سيبويه بالقرآن الكريم والحديث الشريف؛ فلنبدأ على الترتيب:
أما منهج سيبويه في عرض مادة كتابه فهو منهج الفطرة والطبع، يدرس أساليب الكلام في الأمثلة والنصوص ليكشف عن الرأي فيها صحةً وخطأً، أو حسنًا وقبحًا، أو كثرةً وقلةً؛ وكما يقول عنه الدكتور صلاح روَّاي: "لا يكاد يعَرِّف مُعرَّفًا، أو يلتزم مصطلحًا، أو يفرع فروعًا، أو يشترط شروطًا على نحو ما نرى في الكتب التي صُنعت لعهد ازدهار الفلسفة.
هو في جملة الأمر يقدِّم مادة النحو الأولى موفورة العناصر كاملة الأطراف، لا يكاد يعوزها إلا استخلاص الضوابط وتصنيع الأصول على ما تقتضي الفلسفة المدروسة والمنطق الموضوع"[1].
وقد حاول كثير من الباحثين الوقوف على منهج كتاب سيبويه ورسم ملامحه، وللاستزادة يرجى مراجعة الكتب التالية:
• "النحو العربي"، للدكتور صلاح روَّاي، دار غريب 2003م
• "تاريخ النحو"، لعلي النجدي ناصف، دار المعارف بمصر 1978م.
• "سيبويه إمام النحاة"، لعلي النجدي ناصف، مطبعة نهضة مصر.
• "مدرسة البصرة النحوية"، للدكتور عبد الرحمن السيد، دار المعارف بمصر 1968م
• "نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة"، لمحمد الطنطاوي، دار المعارف بمصر.
أما الجانب الثاني من سؤالك المتعلق بآراء الخليل في الكتاب، فالخليل شيخ سيبويه الأول، ونجد أن علي النجدي ناصف في كتابه "سيبويه إمام النحاة" لم يرصد المواطن التي ذكر اسم الخليل فيها بشكل مفصل، واكتفى بالقول: "إن جملة ما روى عنه في الكتاب (522) مرة، وهو قدر لم يرو مثله ولا قريبا منه عن أحد من أساتذته"[2]، بيد أن أحد الباحثين استدرك عليه وعدهم (548) موضعًا.
وقد تنوعت تلك المواضع ما بين ذكر اسم الخليل صراحة، أو الإشارة إليه في الكتاب تنوعًا كبيرًا؛ فكان أحيانًا يصرح باسمه؛ فيقول: وزعم الخليل، وقال الخليل، وسألت الخليل، وروى الخليل، وأنشدنا الخليل... وأحيانًا كان يغفل اسمه لكنه يعنيه؛ فيقول: وزعم، وقال، وسألته، وأنشدنا، وغير ذلك.
أما آراؤه الشخصية، فمعظم آراء الكتاب التي لم ينسبها لأحد يمكن القول بأنها آراء له.
أما الجانب الثالث: وهو استشهاد سيبويه بالقرآن والحديث، فقد أكثر من الشواهد القرآنية؛ فزادت شواهده القرآنية عن أربعمائة شاهد[3] في حين لم يستشهد بالحديث الشريف إنما ذكره ثلاث مرات ليس على سبيل الاستشهاد ولم يرجح به رأيا أو حكما في مسألة، وإنما ذكره على سبيل المثال.
فقد انقسم النحاة في الاستشهاد بالحديث، وقال السيوطي: "على أن الواضعين الأولين لعلم النحو المستقرئين للأحكام من لسان العرب كأبي عمرو بن العلاء، وعيسى بن عمر، والخليل وسيبويه،،، لم يستدلوا بما وقع في الأحاديث على إثبات القواعد الكلية في لسان العرب"[4].
وللاستزادة حول هذه المسألة راجع كتاب:
"السير الحثيث إلى الاستشهاد بالحديث" تأليف الدكتور محمود فجال، أضواء السلف ط 2، 1417هـ.
ــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انظر النحو العربي 258.
[2] انظر: سيبويه إمام النحاة: 25.
[3] جملة ما ذكره عبد السلام هارون في فهارسه 411 شاهدًا قرآنيًّا.
[4] انظر: الاقتراح في أصول النحو: 56.
سليمان أبو عيسى
- التصنيف:
- المصدر: