إعراب كلمة (الحتوف)

أخي الكريم:

هذا البيت الذي ذكرتَه من قطعةٍ شعرية رائعةٍ لعنترةَ العبسي، رواها له أبو الفرج الأصبهاني وغيرُه، ومنها بيتٌ آخَرُ مشهورٌ، هو:

وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطَّوَى وَأَظَلُّهُ        حَتَّى  أَنالَ  بِهِ  كرِيمَ   المَأْكَلِ

وقد رَوَى الأصبهانيُّ في "أغانيه" أنَّ النَّبيَّ -صلى الله عليه وسلم- أُنْشِدَ هذا البيتَ: وَلَقَدْ أَبِيتُ عَلَى الطَّوَى... - فقال: ((ما وُصِفَ لي أعرابيٌّ قطُّ فأحببتُ أن أراه إلا عنترة))؛ وهو حديث شديد الضعف؛ قال عنه الشيخ الألباني - رحمه الله -: ((مُنكَر)).

أمَّا إعراب "بَكَرَتْ تُخَوِّفُنِي الحُتُوفَ" - وهو موضعُ السؤال - فتفصيله على النحو التالي:

بَكَرَتْ: (بَكَر) فعلٌ ماضٍ مبنيّ على الفَتح، والتَّاء للتَّأنيث وهي حرف مبنيٌّ على السكون لا محل له من الإعراب.

والفاعل ضمير مستترٌ جوازًا تقديره (هي)، وجملة (بكرتْ) ابتدائية لا مَحَلَّ لَها من الإعراب.

تخوِّفني: (تخوِّف) فعل مضارع مرفوع لخلوِّه عن النَّاصب والجازم، وعلامة رفعه الضَّمَّة الظَّاهرة، والنون للوقاية - وقاية الفعل من الكسر - حرفٌ لا مَحلَّ له من الإعراب، والياء ضمير مبني في محل نصب: مفعول به.

وفاعِلُ (تُخوِّف) ضميرٌ مستتِرٌ أيضًا تقديره (هي)، وجُملة (تُخوِّفُنِي) حالٌ من فاعل (بَكَرتْ)؛ فهي جَملةٌ في محلِّ نصبٍ، واعلم أنَّ (بكرت) هنا بِمعنى: عجِلَتْ، ولا دلالة لها على البكور الذي هو أوَّل النهار.

الحتوف: في إعرابها وجهان: أحدهما: منصوبٌ على نَزْعِ الخافض - وتقدير الخافض: الباء أو مِن - وعلامة النصب الفتحة.

والثاني: أن تكون الياء في (تخوِّفني) مفعولاً أوَّل، وتكون الحتوف مَفعولاً ثانيًا.

وقريبٌ من هذه الجملة في إعرابِها: قولُ الله - عزَّ وجلَّ -: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} [آل عمران: 175]؛ فكثيرٌ من المفسِّرين يقدِّرون الكلام: "يُخوِّفكم بأوليائه" بدليل: {فَلا تَخَافُوهُمْ}،، مع أقوالٍ أخرى في الآية.

وإذا أردت الاستزادة فراجعْ أقوال المفسِّرين عند هذه الآية، وراجِعْ أيضًا - غيْرَ مأمورٍ - أقوال اللغويين في تعدية الفعل (خاف) بالهمزة أو التضعيف.

وفَّقك الله لكل خير

ونشكُرُ لك ثِقَتَك في موقعِنا "الألوكة"

أ. أحمد محمد سليمان