كيف أتخذ القرار؟

منذ 2018-10-09

ضعفَ الثقة بأنفسهم؛ فهم ينظرون إليها على أنها قاصرة عن اتخاذ القرارات؛ خاصةً المصيرية منها.

السؤال:

أنا أعاني مشكلة عويصة، لا أستطيع اتخاذ القرار في معظم الأمور، إضافةً إلى أني قد أتخذ قراراً ما، لكن يصعب عليَّ تنفيذه، حتى فيما يتعلق بالدراسة واختيار الزوج الصالح.

الإجابة:

يعاني المترددون في اتخاذ القرار  في كثير من الأحيان:

ضعفَ الثقة بأنفسهم؛ فهم ينظرون إليها على أنها قاصرة عن اتخاذ القرارات؛ خاصةً المصيرية منها.

 

مثل هؤلاء يوجِّهون إلى أنفسهم في كل حين  دون وعي رسائل سلبية:

مفادها: أنتِ أقل من أن تتخذي قراراً كهذا، هذا خطر، صعب، مستحيل، غير ممكن!!!

 

تنشأ هذه الحالة لدى البعض منذ أيام الطفولة:

 عندما كان يوجَّه له - طفلاً - النقد اللاذع عند اتخاذه لأي قرار - كشراء لعبة أو ثوب أو غير ذلك - بدلاً من التشجيع والتقدير.

 

وقد ينشأ التردد في اتخاذ القرار - أحياناً – عن الحرص على الكمال:

 إذ يسعى المتردِّدون - بصورة مبالغ فيها - إلى أخذ كل الاحتياطات، والتنبه، والتأمل، والمراجعة، وهكذا.. دورةٌ لا تنتهي من الشك والتردد عند اتخاذ أي قرار؛ فتتعطل أمورهم، ويخسرون في مقابل ذلك الكثير.

 

قد ينشأ التردد نتيجة فشل سابق في اتخاذ قرار مهم،:

وكم قابلتُ من السيدات اللواتي مررْنَ بتجربة طلاق من أزواج سيئين، وكنَّ يلمْنَ أنفسهنَّ على قرار الزواج الخاطئ، وزرعن في أنفسهن الشك العميق من أي تجربة مقبلة!

 

وعندما يُصاب الشخص بـ (الاكتئاب) – أي:

بالحزن وضيق الصدر، وصعوبات في النوم، وضعف الشهية نحو الأكل - يصاحب هذه الحالة - المنتشرة كثيراً بين النساء - صعوبات كبيرة في اتخاذ القرار، ينظر هؤلاء إلى الدنيا بمنظار أسود، لا يرون فيه سوى اليأس, وفقدان القيمة, والحكم المقدَّم بالفشل.

 

وللتخلص من هذه الحالة؛ أود أن أطرح بعض الحلول التالية:

من أصول التدين لدينا اللجوء إلى الله - عزَّ وجلَّ - والتوكل عليه، والاستعانة به؛ فهو القوي الذي لا يغلبه شيء، وهو الهادي لمن التجأ إليه، وهو الرحيم بعباده، لا يخذلهم، ولا يتخلَّى عنهم، ولو فهمنا وطبَّقنا مبدأ التوكل على الله تطبيقاً صحيحاً وحقيقياً؛ فستتغير حياتنا كلِّياً.

 

لنتذكر أنه من طبيعة البشر ارتكاب الأخطاء، وهذا لا يعني قبول مستوى متدنٍّ من الأداء، وإنما يدفعنا إلى الاعتراف بالتقصير، والتعلُّم منه، بدلاً من أن نُشلَّ بكابوس الفشل، وستبقى الحياة مدرسةً تعطينا كل يوم دروسها، لنتعلم أكثر، وننمو أكثر.

 

كل ما يجري في هذا الكون له حكمة ربانية، لا تصدقي أن شيئاً قد يحدث عبثاً، قد لا نرى، لا نستوعب، لا نصدِّق، لا نعرف، لكنَّ ذلك بسبب قصورنا البشري المشهود؛ ولذا كان القبول والتسليم هو البلسم الذي لا شفاء بعده.

 

خذي بالأسباب قبل اتخاذ أي قرار، ومن ذلك: استشارة حكيم، أو صاحب خبرة، والاقتداء بمن سلك نفس الطريق، أو تعرَّض لنفس التجربة، واستخارة الله - تعالى- قبل الإقدام على أي قرار.. وغير ذلك الكثير.

 

الثقة بالنفس أمرٌ رئيسٌ، ليس في سبيل التخلص من التردد فحسب؛ بل من أجل العيش في هذه الحياة على نحو أفضل، وهناك العديد من الكتب والمقالات على الشابكة (الإنترنت)، تتحدث عن هذا الموضوع الحساس.

 

ومن الأخطاء الفكرية الشائعة: التفكير بمنطق التعميم؛ حيث نطلق استنتاجات عامة عن أنفسنا وعن الآخرين، بناءً على حوادث فردية سابقة: لقد فشل زواجي، لن أجد زوجاً مناسباً...!! لقد حَكَمَت على نفسها وحياتها الزوجية بالفشل بسبب حدث واحد فقط، على الرغم من أن لكل حدث ظروفه وتفاصيله التي لا يمكن أن تتشابه مع غيرها!

 

ويبقى سلاح المؤمن الأول؛ هو الدعاء، والتضرع إلى الله، وسؤاله الهداية.. إنني على يقين أن من احتمى بهذا السلاح، حماه من أي عواقب مؤلمة، لأي قرار قد يتخذه.

 

الكاتب: د. ياسر بكار.

  • 5
  • 0
  • 21,443

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً