أرجوكم ساعدوني قتلت قلبي
أتعلَّم العلم ليقال عالم، ولينتشر اسمي بالآفاق ولأحلّق في عالم الشهرة. أحسُد وأحقِد على كل متعلّم إذ إني أريد نسبة العلم لي فقط.
أنا طالب علم لكني أعاني من آفات أرجوكم حلّوها لي.....
♦ أتعلَّم العلم ليقال عالم، ولينتشر اسمي بالآفاق ولأحلّق في عالم الشهرة.
♦ أحسُد وأحقِد على كل متعلّم إذ إني أريد نسبة العلم لي فقط.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمّا بعدُ:
فإنَّ الإخلاص لله في طلب العلم مع الحذر من الرياء من أهم الأسباب لإدراك المطلوبِ، والفَوْزِ بالمرغوب، ثُمَّ النجاة في الآخرة، أمّا من يَطْلُبهُ بِنِيَّةِ تَحْصِيلِ المالِ والجاهِ وإِقْبالِ العامَّةِ عَلَيْهِ وغيرها من الأغراض الدنيَّة، فلا يَجني بعد التَّعبِ إلا الفوز بالنار، وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم- أنه قال: «مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لا يَتَعَلَّمُهُ إِلاَّ لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنَ الدُّنْيا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الجَنَّةِ يَوْمَ القِيامَةِ» (يَعْنِي رِيحَها)؛ (أبو داود).
(وروى الترمذي وابنُ ماجه عن كعب بن مالك) قال: سَمِعْتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن طلبَ العِلْمَ ليُجاري به العلماءَ، أو ليُماريَ به السُّفهاء، أو يَصرف به وجوه النّاس إليه أدخله الله النّار»؛ (حسَّنه الألباني) .
فمن كان قصده ابتغاء وجه ربه الأعلى استحق الثواب، ومن كان قصده رياء الناس ومدحهم وتعظيمهم له وطلب الجاه عندهم ولم يقصد وجه الله - وإن كانت صور أعماله حسنة - كان ممن يستحق العذاب؛ كما رَوى مسلمٌ والنَّسائي عن أبي هُريْرة قال: سَمِعْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم يقول:
«إِنَّ أَوَّلَ النّاسِ يُقْضَى يَوْمَ القِيامَةِ عَلَيْهِ: رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها، قالَ فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: قاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قاتَلْتَ لأَنْ يُقالَ جَرِيءٌ، فَقَدْ قِيلَ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النّارِ. وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ العِلْمَ وَعَلَّمَهُ وَقَرَأَ القُرْآنَ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها قالَ: فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: تَعَلَّمْتُ العِلْمَ وَعَلَّمْتُهُ، وَقَرَأْتُ فِيكَ القُرْآنَ، قالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ تَعَلَّمْتَ العِلْمَ لِيُقالَ عالِمٌ، وَقَرَأْتَ القُرْآنَ لِيُقالَ هُوَ قارِئٌ، فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النّارِ. وَرَجُلٌ وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَعْطاهُ مِنْ أَصْنافِ المالِ كُلِّهِ، فَأُتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَها قالَ: فَما عَمِلْتَ فِيها؟ قالَ: ما تَرَكْتُ مِنْ سَبِيلٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيها إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِيها لَكَ، قالَ: كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ فَعَلْتَ لِيُقالَ هُوَ جَوادٌ، فَقَدْ قِيلَ ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أُلْقِيَ فِي النّارِ»، وعند الترمذيُّ أنَّ رجلاً دخل على معاويةُ فأخبَرهُ بِهذا الحديث، فقالَ معاويةُ: "قد فُعِلَ بهؤلاءِ هكذا، فَكَيفَ بِمَن بقي من النّاسِ؟! ثم بَكَى معاوية بُكاءً شديدًا، حتى ظَنَنّا أَنَّهُ هالِكٌ، وقُلنا: قد جاء هذا الرجلُ بِشَرٍّ، ثُمَّ أَفاقَ معاويةُ، ومسحَ عن وجْهِهِ، وقال: صدقَ اللهُ ورسولُهُ: { مَنْ كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [هود: 14، 15].
فالمُرائي هو من يَطلُبُ المنزلة عِنْدَ النّاس بإظهار خصال الخير، بجعل طاعته سُلَّمًا لنَيْل حظٍّ من الدنيا قليلٍ من المْدَح أو اجتناب المذمَّة.
وقد تواترتِ الأدلَّة من الكتاب والسُّنَّة على تَحريم الرياء وذمِّ فاعله، قال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} [الماعون: 4-6].
وفي الحديث القدُسي يَقُولُ الله عزَّ وجلَّ: «أنا أغنَى الشُّركاء عن الشرك، مَن عمِل عملاً أشْرَكَ فيه معي غيري تركْتُه وشركه» ؛ رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إنَّ أخوفَ ما أخاف عليكُم الشِّرك الأصغر)) قالوا: وما الشرك الأصغَرُ يا رسول الله؟ قال: «الرِّياء، يقول الله - عزَّ وجلَّ - يوم القيامة إذا جازى العِباد بأعمالِهم: اذهبوا إلى الَّذين كُنْتُم تُراءون في الدُّنيا فانظروا هل تَجِدُون عندهم الجَزاء»!؛ رواه أحمد وغيره.
وقال -صلى الله عليه وسلم-: «الشِّرك فيكم أخْفَى من دبيب النَّمل، وسأدُلُّك على شيء إذا فعلتَه أَذْهَبَ عنك صغارَ الشرك وكبارَه، تقول: اللَّهُمَّ إنّي أعوذُ بك أن أُشْرِكَ بك وأنا أعلم، وأستغْفِرُك لِما لا أعلم» ؛ رواه أحمد وصحَّحه الألباني.
وعن أبي سعيد مرفوعًا: «ألا أُخْبِرُكم بِما هو أخوفُ عليكم عندي من المسيح الدَّجّال؟» قالوا: بلى يا رسولَ الله، قال: «الشركُ الخفيُّ: يقومُ الرَّجُلُ فيصلّي فيُزيّنُ صلاتَه لما يرى من نَظَرِ رجُل» ؛ رواه أحْمَدُ وغيرُه، وحسَّنه الألبانيُّ.
قالَ ابنُ رجب - رحِمه الله -: "واعلم أنَّ العملَ لغير الله أقسامٌ؛ فتارةً يكونُ رياءً محضًا كحالِ المنافقين كما قال تعالى: {وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: 142]، وهذا الرياءُ المحضُ لا يكادُ يصْدرُ عن مؤمنٍ في فرضِ الصلاةِ والصيامِ، وقد يصدرُ في الصدقةِ أو الحجِ الواجبِ أو غيرِهما منَ الأعمال الظاهرةِ أو التي يتعدَّى نفعُها، فإنَّ الإخلاصَ فيها عزيزٌ، وهذا العملُ لا يشكُّ مسلم أنَّه حابطٌ، وأن صاحبَه يستحقُّ المقتَ منَ الله والعقوبة".
فعلى العاقلِ ألا يسْتسلِمَ لهذا الداءِ العُضالِ الذي يفتكُ بالدين ويُحبطُ الأعمالَ ويُعرِّضُ صاحبَه لمقتِ الله، وليبحثْ عن طُرق مُعالجةِ قلبِه مِن تلكَ الكبيرةِ المُهلكةِ ولْيُشمرْ عن ساعدِ الجدِّ في اقتلاعِه وقطعِ مادتِّه وخلعِ لذَّة محمدةِ النَّاس، والطمعِ فيما في أيديهم مع الفِرارِ من أَلَمِ الذَّم، فهذه هي كُلُّ ما يحركُ المُرائي إلى الرياءِ.
ويبدأُ علاجُه بمعرفةِ مضرَّته وما يفوتُ به من صَلاحِ القلْب وحِرمانِ التَّوفيقِ فإذا هاجتْ رغبةُ اللَّذَّةِ إلى المحمَدةِ تذَّكرَ ما ينتَظِرُه من عِقابٍ ومقْتِ الجبَّارِ وخِزيٍ شديدٍ مع الخُسرانِ وحُبوطِ الأعمالِ في الأجر، فمن تأمَّل هذا سهُل عليه قطعُ الرغبةِ عن الرياء.
قال ابنُ رجب - رحمه الله-: " فما أحسنَ قولَ سهلِ بن عبدالله التَّسْتُري: ليس على النَّفسِ شيء أشقُّ منَ الإخلاصِ لأنَّه ليس لها فيه نصيبٌ.
وقال يوسفُ بن الحسين الرازي: أعزُّ شيءٍ في الدنيا الإخلاصُ، وكمْ أجْتهدُ في إسقاطِ الرياءِ عن قلبي، وكأنَّه ينبتُ فيه على لونٍ آخرَ". اهـ.
ولْتتأملْ - رعاك الله - ما رواه النَّسائيُّ عن أبي أُمامةَ الباهليّ أنَّ رجُلا جاءَ إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسولَ الله، أرأيتَ رجُلاً غزا يلتمِسُ الأجرَ والذِّكرَ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((لا شيء له))، فأعادَها ثلاثَ مرَّاتٍ، يقولُ له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((لا شيء له)) ثم قال: « إنَّ الله لا يقبلُ من العملِ إلا ما كانَ لهُ خالِصًا، وابتُغيَ به وجهُه» .
قال شيخ الإسلام في "الفتاوى": "... إخلاص الدين لله هو الدين الذي لا يقبل الله سواه، وهو الذي بعث به الأولين والآخرين من الرسل، وأنزل به جميع الكتب، واتفق عليه أئمة أهل الإيمان وهذا هو خلاصة الدعوة النبوية وهو قطب القرآن الذي تدور عليه رحاه".
وإنَّ مِمَّا يُعينُ على الخَلاصِ منَ الرياءِ تحقيقَ نقيضِهِ وهو الإخلاصُ وذلكَ بمعرفةِ أشياءٍ منها:
• أنَّ الإخلاصَ شرطٌ في قَبولِ الأعمالِ يقولُ الله - عزَّ وجلَّ -: {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف:110] مع استحضارِ عظمةِ الله، وأنَّ النفعَ والضر بيدِ الله، وليس لأحدٍ تصرُّفٌ في صغيرٍ ولا كبيرٍ حتَّى يَقصدَه بالعملِ أو بشيءٍ منهُ، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأعراف: 194]، وقال تعالى: {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ المُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ القِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر:13-14].
• مجاهدةُ النفسِ على الإخلاصِ، فقد قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ} [العنكبوت:69].
• العلمُ بخطرِ الرياءِ، فقد حذَّر اللهُ منهُ بقوله: { وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِينَ} [الزمر: 65].
• الاستعانةُ بالدعاءِ أنْ يُحْييَ اللهُ قلبَكَ ويشرحَ صدرَك ويُلْهمَكَ رُشدَك ويكفيَك شرَّ الشيطان وشرَّ نفسِك ويوفقك للإخلاصِ، وبالدعاءِ المأثورِ: "اللهُمَّ إنَّا نعوذُ بكَ من أنْ نُشركَ بكَ شيئًا نعلمُه، ونستغفرُكَ لمِا لا نعلمُه" و "اللهُمَّ إِنِّي أعوذُ بِكَ مِن عِلمٍ لا ينفَعُ، وعملٍ لا يُرفعُ، ودُعاءٍ لا يُسمَعُ" ومَن دُعائِه -صلى الله عليه وسلم-: «اللهُمَّ حجَّةً لا رِياءً فيها ولا سُمعةً».
• اتّخاذ رفقة صالحة مؤمنة، فإنَّ صحبةَ الصالحينَ تُغري بالصلاحِ، والانتظامِ في سِلْكهِم فإنَّ الشيطانَ مع الواحدِ، وهو منَ الاثنين أبعدُ، وإِنَّما يأكلُ الذئبُ من الغنمِ القاصيةَ.
أما الحسَد فهو كراهة ما أنعَمَ الله به على عبادِه، من رزق أو مال أو بنين أو غير ذلك، وليس من شرطِه أن يتمنَّى زوالَ النِّعمة كما هو معروف عند كثير من العُلماء؛ بَل مُجرَّد كراهة ما أنعم الله به على الشخص يعتبر حسدًا، وقد قال الله - عزَّ وجلَّ -: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا * فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا} [النساء: 54، 55].
وهو من كبائر الذّنوب، ومذموم شرعًا وعقلاً لما فيه من عدم الرّضا بِقِسمة الله تعالى، والاعتِراض عليْها، فلا يَحِلُّ لأحدٍ أن يَحسُدَ أخاهُ.
وإن مِمَّا يُعِينُ على الخلاص منه:
• تذكر أنَّ كلَّ شيء بِقَضاء الله تعالى وقدره، وأنَّه لا معقّب لحُكْمِه ولا مانعَ لما أعطى ولا مُعْطِيَ لما منع، ولا يمنعه كراهيةُ كاره، ولا يجلبه حرصُ حريص
• أن ينظُرَ المرءُ إلى مَنْ هو دونَه منزلةً في أمور الدنيا، ولا ينظُر إلى مَن هو أعلى منه، فهذا أصل في الرضا كما ثَبَتَ عن النَّبيّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: «انظُرُوا إلى مَن هو أسفَل منكم، ولا تنظُروا إلى مَنْ هو فوقَكم، فإنَّه أجْدَرُ أن لا تَزْدَرُوا نعمةَ الله عليْكُم» ؛ (رواه مسلم) .
• أن يُعلم أن الحسد نارٌ تأكُلُ قلبَ الحاسد ولا تضُرُّ المَحسود، وأنَّه دليل على ضعفِ النَّفس وقلَّة الحيلة، ومضيعة لوقْتِه، ومضرٌّ بِصِحَّتِه، ومُفْسِدٌ لتَفْكِيرِه، ويحطُّ مِنْ مَنزِلَتهِ بَيْنَ النَّاس؛ فالحَسودُ لا يَسود.
• فعليكَ بالاشتغال بِخاصَّة نفسِك وتدبير شئونِ حياتِك، ومُحاولة البذل والإحسان إلى النَّاس، فإنَّ الإحسانَ والحسَدَ لا يَجتَمِعان.
ويرجى مراجعة فتوى: "علاج من في قلبه حسد" الشيخ العثيمين على موقعنا.
أمَّا الحِقْدُ فهو إضمارُ الشَّرِّ وتوقُّعه كلَّ وقت فيمنْ وجَدَّت عليْه، فلا يُزايلُ القَلْبَ أثرُه، كما قال ابنُ القيّم في كتاب "الروح"، وهو ثَمرةُ الغَضَبِ وله ثَمرات سيِّئة منها: الحسَد ومَنْعُ الحَقّ والإيذاء، وعلامته دوامُ بُغْضِ الشخص واستثقاله والنّفور منه.
ومن أنجح العلاج صِلة مَن يحقد عليه والدّعاء له إرغامًا للشيطان، مع الاحتراز من الوقوع في شَيْءٍ من آفاته التي حذر النبي - صلى الله عليه وسلَّم – منها في قوله: «لا تَبَاغَضُوا، ولا تَحَاسَدُوا، ولا تَدَابَرُوا، وكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، ولا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَيالٍ» ؛ متفق عليه () ، مع دوام الدعاء أن يَصرفه الله عنه.
قال الهيتمي في "الزواجر": "الحَسَدُ من نتائج الحِقْدِ، والحِقْدُ من نتائج الغَضَبِ فكانا بِمَنزلة خصلة واحدة، فلذَلِكَ جَمعتُها في ترجمة واحدة، لأنَّ ذمَّ كل يستلزم ذمَّ الآخَر، إذْ ذَمُّ الفرع وفرعه يَستَلْزِمُ ذمَّ الأصل، وأصله بالعكس".
فعليكَ بالَتزَّودْ بِفعلِ الخيراتِ حتى تنتَصرَ بواعثُ الخيرِ على كَوامِنِ الشرِّ ودواعي الهُدَى عَلى داعِي الضَّلالةِ، واسْتعنْ بِاللهِ ولا تَعْجِزْ، وَخُذْ نفسَكَ بالشِّدة ولا تتهاونْ في الأمرِ.
ونسألُ اللهَ أَنْ يرزُقنا وَإِيّاكَ الإخلاصَ في القولِ والعَمَلِ،، والله أعلم
الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي