تراجعت بعد تفوقي.. وأدمنت على المعصية!!
معاصي السر كالعادة السرية تحتاج أن تواجهها وتقابلها بطاعات السر، فإن ذلك يصيب الإنسان بانشراح وراحة تقابل الضيق الذي يلاقيه من معاصي السر، وهي أعظم للأجر وأرضى لله سبحانه وتعالى..
أنا أحمد اسماعيل طالب في كلية الطب.
أنا كنت متفوق جدا جدا وكنت نشيط للغاية في دراستي.
ولكنني أصبحت فاشل في دراستي وقمت بإعادة إحدى السنوات.
وأنا مدمن العادة السرية.
بالله عليكم ماذا أفعل فأنا أنهار تماما وأريد أن ينقذني أحد فماذا أفعل؟
وشكرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد. أخي الحبيب..
كم هو جميل أن يكون لدينا من المراجعة الذاتية والتدقيق في أخطاء أنفسنا والقدرة على مواجهتها، ما يجعلنا نصحح أخطائنا الدنيوية والدينية، فالاستسلام للخطأ يعني دوامه وبقاؤه، وإذا كان الإنسان لا يمكن أن يسلم من الأخطاء والوقوع فيها كائنا من كان.. فإن الذي يميز المتميز عن الفاشل، والجاد عن المتقاعس.. أن الأول يثابر وينهض، والثاني يحبط ويستسلم.
أخي الحبيب دعني أهمس في أذنك بالأمور التالية:
1. قضيت من عمرك الدراسي أكثر من 13 سنة وبقي لك لإتمام مشوارك وحصولك على الشهادة الجامعية بضع سنوات.. فشد عزيمتك فقد ذهب الكثير وبقي القليل. ولا تضيع اجتهاد سنوات بكسل سنة!
2. لا تكون انطباعاً سلبياً عن نفسك، ولا تقع أسيراً لتجربة فشلك وإعادتك لسنة في دراستك، فأنت تستند إلى تاريخ حافل بالتفوق والنجاح.. أستمد منه بعد الله قوتك وإصرارك على أن تعيد أمجادك، واعتبر أن ما حصل لك من فشل دراسي عارض، عبارة عن كبوة جواد ما إن يقع حتى يقوم مري أخرى بأقوى مما كان.
3. راجع علاقاتك ووسطك الذي تعيش فيه فقد تكتشف أن السبب في تراجعك الدراسي هو محيطك الضيق، فنحن شديدي التأثر بمن حولنا، وفي الغالب أن الإنسان يسرق طباع من حوله.
4. الهموم والغموم والتفكيرات الجانبية تشتت عزيمة الإنسان وتشل فكره، فإن كان لديك هموم أو مشاكل جانبية فحاول مواجهتها ولا تهرب منها، فإبقاء الملفات مفتوحة في ذهنك يستنزف من طاقة العقل وإنتاجه.
5.إذا كانت الشهوة ضاغطة عليك بصورة كبيرة، ففكر عملياً في إمكانية الزواج.. وإذا كان هذا الأمر مستحيلاً لظروف الدراسة أو الظروف المالية أو غير ذلك.. فلا بد حينها من تقليل المساحات التي تزيد عندك من اشتعال الشهوة ولهيبها.. وبطبيعة الحال لن تستطيع إغلاق جميع المنافذ، ولكن فرق كبير بين أن نترك لأنفسنا العنان ولأعيننا الزمام، وبين أن نتقي الله قدر طاقتنا ووسعنا، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا } [الطلاق: 4].
6. لا شك أن العادة السرية عادة سيئة، وقد حرمها الكثير من أهل العلم.. إلا أن أسوء ما في هذه العادة أنها تعطي انطباعاً سلبياً للإنسان عن نفسه، إنها تصيبه بالإحباط واحتقار الذات، وربما هذا ما يجعل صاحبها يميل إلى الانطواء والسلبية.. حاول التحرر من هذه العادة أولاً، وعندما تفشل فلا تعتبر أنك أسير دائم لها، وإنما جدد توبتك في كل مرة تقع فيها، ولو وقعت فيها ألف مرة.. ثم بعد ذلك إن عجزت عن الإقلاع عنها تماماً، فلا تستلم لآثارها.. ولا تجمع على نفسك أن تكون ممارساً لهذه العادة وأن تكون انطوائيا وسلبياً ومحبطاً وفاشلاً في دراستك!
7. لا تحبط من معصيتك.. فقد تكون معصيتك هذه سبباً في قربك من الله ودخولك الجنة!! فقد جاء عن الإمام ابن القيم (أن المعصية قد تكون أنفع للعبد من كثير من الطاعات، لأن المصيبة قد تجر صاحبها إلى التذلل لله واللجوء إليه، بينما قد يقع البعض في الكبر والإعراض اغترارا بما يفعله من طاعات) فالشعور بالذنب يؤدي بصاحبه إلى الطاعة، والشعور بالطاعة قد يؤدي بصاحبه إلى الغفلة والمعصية..
8. أكثر من الطاعات، حتى وإن لم تستطع التحرر من بعض المعاصي واجعل لك بعد كل ممارسة لهذه العادة.. طاعة من صدقة أو صلاة أو غيرها، تكيد بها الشيطان وترضي بها الرحمن جل في علاه {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114] «واتبع السيئة الحسنة تمحها» (الترغيب والترهيب: 3/357).
9. معاصي السر كالعادة السرية تحتاج أن تواجهها وتقابلها بطاعات السر، فإن ذلك يصيب الإنسان بانشراح وراحة تقابل الضيق الذي يلاقيه من معاصي السر، وهي أعظم للأجر وأرضى لله سبحانه وتعالى..
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«صدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر» ( حسنه الألباني)
10. لا تبالغ في ربط فشلك الدراسي بممارستك للعادة السرية، حتى لا يكون في ذلك حيلة نفسية تحتال بها على نفسك لتبرير عدم اجتهادك في دراستك وذاكرتك.
أسأل الله أن يبارك في جهدك، وأن يعينك على نفسك، وأن تعود لسابق عزك ومجدك لنراك طبيباً ناجحا متميزاً بعد سنوات قليلة بإذنه تعالى.. ونستودعك الله يا دكتور أحمد..
المستشار: أ. وليد الرفاعي