بين الدنيا والآخرة
نظرة المؤمن للحياة يجب أن تكون نظرة متوازنة مبنية على منهج الشرع الكريم ورؤيته
لماذا يزهدوننا في الدنيا؟ فنحن نعاني من جهلنا بالصناعة والعلوم الحديثة وندفع ثمن تأخرنا بتصدير ثرواتنا للدول المتقدمة ليصنعوا منها ما لا نستطيع أن نصنعه لجهلنا بالعلوم والتقنيات الحديثة. نحتاج إلى من يحثنا على التعلم والعمل والإنتاجية ولكن ما أسمعه دائما هو عكس ذلك. لماذا لا يحثون الشباب على الاستفادة من علوم الدول التي سبقتنا بدلا من ذمها وذم كل شيء عندهم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
الابن السائل:
نظرة المؤمن للحياة يجب أن تكون نظرة متوازنة مبنية على منهج الشرع الكريم ورؤيته، وهي في ذلك ترعى عدة نقاط:
- الأولى مقام الدنيا وزخارفها وزينتها وما يتعلق بها من شهوات وصراعات فهذا مذموم شرعا التعلق به تعلقا ينسى الآخرة ويضيع حق الله.
وقد وردت الآيات والأحاديث في التقليل من شأنها، قال سبحانه:{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيمًا تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِرًا}، وقوله سبحانه وتعالى: {اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا}،
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيح: «مالي ودنياكم ما أنا إلا كراكب استظل بظل شجرة ثم ذهب وتركها»، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما» الترمذي، فذم ما فيها مما لا يقرب إلى الله.
- الثانية أن المذموم من الدنيا هو ما يباعد عن الله سبحانه فيفسد في الأرض سواء أكان هذا الفساد ماديا أو أخلاقيا أو غيره.
- ثالثا أن الدنيا من جانب آخر هي مزرعة الآخرة والإحسان فيها على كل الأصعدة أساس هام لازم للرقي على كل حال.
- رابعا أن الأخذ بأسباب التقدم العلمية والتكنولوجية المادية أمر هام لتقدم الأمم وبناء الحضارات ولاشك أننا بحاجة ماسة لذلك في أمتنا الإسلامية ولاشك أنه من المرفوض أن نكون في ذيل الأمم حضاريا وماديا ونحن نملك أعلى المناهج وأعظم الرسالات.
- خامسا يجب الموازنة والحكمة في الاستفادة من الآخرين سواء من الغرب أو الشرق، فنأخذ منهم المنافع وندع المفاسد.
- يجب أن يعتز المؤمن بمنهاجه ورسالته وحضارته عزة تجعله صامدا أمام الزخارف والفتن.
- لقد كان المسلمون الأوائل على علم بهذه المعاني فبدؤوا مسيرة الحضارة وعلموا العالم كله أصول الإصلاح على جميع الأصعدة فأخذ منها الغرب والشرق، فالخطأ ليس في المنهج والقصور ليس في المعنى ولكنه إنما هو في التطبيق والتراجع الواقعي.
- التصنيف:
- المصدر: