تقسيم القران الكريم إلى اجزاء

منذ 2019-10-17

أريد نبذة عن تقسيم القران الكريم إلى اجزاء، ومتى تم ذلك، وهل هو توقيفي لا تجوز مخالفته؟ وما هي الكتب التي تتحدث عن هذا الموضوع

السؤال:

أريد نبذة عن تقسيم القران الكريم إلى اجزاء، ومتى تم ذلك، وهل هو توقيفي لا تجوز مخالفته؟ وما هي الكتب التي تتحدث عن هذا الموضوع 

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:

أولًا: متى تم تقسيم القرآن الكريم إلى أجزاء وأنصاف؟

ورد التعبير بالجزء كما في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «قرأتُ جزءًا من القرآن» [1]، وقول عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنهما-: «هذا جزئي الذي أقرأ به الليلة». وقول عائشة -رضي الله عنها-: «إني لأقرأ جزئي». ومثل ذلك عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.

وورد استعمال لفظ الوِرْد، كما في قول عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما-: «كنت في قضاء وِردي».

وهذه المسألة تعرف عند العلماء بتحزيب القرآن، وقد ورد فيها حديث عـبـد الله بن عمرو -رضي الله عنهما-، الذي رواه جمعٌ من الأئمة بينهم الأئمة الستة [2]، ولفظ الإمام مسلم: كنتُ أصوم الدهر، وأقرأ القرآن كلّ ليلة، قال: فإما ذكرت لرسـول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإما أرسل لي، فأتيته، فقال: «ألم أُخبر أنك تصوم الدهر، وتقرأ القرآن كل ليلة»؟ فقلتُ: بلى يا نبي الله؛ ولم أرد إلا الخير، قال: «فـإن بحـسـبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام...»، ثم قال: «واقرأ القرآن في كلّ شهر»، قال: قلتُ: يا نبي الله؛ إني أطيق أفضل من ذلك، قال: «فاقرأه في سبع، ولا تـزد على ذلك، فإن لزوجك عليك حقًّا، ولزورك عليك حقًّا، ولجسدك عليك حقًّا»، قال: فشددتُ؛ فشُدد عليّ، قال: وقال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-: «لعلك يطول بك العمر»، فصرتُ إلى الذي قال لي النبي -صلى الله عليه وسلم-، فلما كبرت وددت أني قبلتُ رخصة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

وقد أشار الإمام السخاوي إلى أن معنى التجزئة والتحزيب ورد على لسان النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأنه قال: «طرأ عليَّ حزبي من القرآن» [3]، و «إنه قد فاتني الليلة جزئي من القرآن..» [4]، وذكر قصة جمع الحجاج بن يوسف للقراء والحفاظ في عهده، وسؤالهم عن عدد آيات القرآن، وعن منتصف القرآن وربعه وثلثه وغيرها. وقد استند على هذه الحادثة كثيرٌ من العلماء الذين كتبوا في تاريخ القرآن، وقالوا بأن أول من أحدث الأجزاء والأحزاب هو الحجاج بن يوسف الثقفي المتوفى سنة 110هـ.

وقال الزركشي في البرهان[5] عند الحديث عن تحزيب القرآن: وأما التحزيب والتجزئة فقد اشتهرت الأجزاء من ثلاثين كما في الربعات بالمدارس وغيرها. وقد أخرج أحمد في مسنده وأبو داود وابن ماجه عن أوس بن حذيفة أنه سأل أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حياته: كيف تحزبون القرآن؟ قالوا: ثلاث، وخمس، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، وثلاث عشرة، وحزب المفصل من (ق) حتى يختم.

وتحدث ابن تيمية في مجموع الفتاوى (13/405) حديثًا طويلًا عن تحزيب القرآن، تحسن مراجعته إن أمكن، ذهب فيه إلى أن التحزيب بالسور أفضل من التحزيب الحاصل، والذي يقف فيه القارئ أحيانًا على مواضع مرتبطة بما بعدها، والبدء بمواضع لها تعلق بما قبلها، وأشار إلى سبق الحجاج إلى تجزئة القرآن بالحروف.

وقد ذكر السخاوي -رحمه الله- في «جمال القراء» في الكتاب الرابع منه «تجزئة القرآن» كلامًا طويلًا نافعًا عن تفاصيل أجزاء القرآن وأرباعه وأسباعه وأثمانه وغيرها بدقة ينتفع بها الحافظ لكتاب الله، ومن يرغب في حفظه بسهولة ويسر.

ثانيًا: هل هذا التحزيب والتقسيم توقيفي؟

الذي عليه العلماء -وهو الصحيح إن شاء الله- أن تجزئة القرآن وتحزيبه وقسمة الأرباع على الصورة التي توجد في مصاحف المسلمين اجتهادية، ولها أصل من فعل أصحاب
النبي -صلى الله عليه وسلم-، لكن على غير هذه القسمة، وكان السلف يختلفون في ذلك، وليس المعنى فيه تعبديًّا، وإنما هو لتيسير أخذ القرآن.

ثالثًا: من الكتب التي تحدثت عن ذلك:

- جمال القراء وكمال الإقراء، للسخاوي (1: 124 - 187).

- البرهان في علوم القرآن للزركشي.

- فتاوى ابن تيمية (13/405) وما بعدها.

- هناك بحث للشيخ محمد الدويش نشر في مجلة «البيان»، فصَّل فيه جوانب هذه المسألة.

وصلى الله وسلم على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

[1] رواه أبو داود (1392)، وصححه الألباني.

[2] البخاري (1976)، ومسلم (1159)، والترمذي (2946)، والنسائي (2399)، وأبو داود (1388)، وابن ماجه (1346).

[3] رواه ابن ماجه (1345).

[4] أخرجه عبد الرزاق في مصنفه (3/363).

[5] البرهان للزركشي (1/349).

عبد الرحمن بن معاضة الشهري

الشيخ عبد الرحمن بن معاضة الشهري المدير العام لمركز تفسير للدراسات القرآنية https://tafsir.net/ دكتوراه في القرآن وعلومه من كلية أصول الدين بالرياض عام 1425هـ

  • 24
  • 3
  • 16,608

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً