زوجتي ترفض انتقالنا إلى جوار والدي
رجل يريد أن يغيِّر سكنَه؛ ليكون بجوار أبيه المسن المريض، وزوجتُه ترفُض، ويسأل عن حلٍّ.
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - استشارات تربوية وأسرية -
أبي رجل مُسن، مريض بالزهايمر، وغير ذلك من أمراض الشيخوخة، وقد قرَّرنا أنا وإخوتي أن نشترى شقه لأبي بجوار أختي؛ نظرًا لعدم قدرة أمي على رعاية أبي؛ حيث إنه معرَّض لموجات غضب في أي لحظة، ويطلب الذهاب إلى العمل أو المزرعة، ويُصر بشدة في أوقات متأخرة، فيكون الحل أن يأخذه أحدُنا إلى الشارع ساعة أو ساعتين للنزهة، وينسى الموضوع، ثم نحاول إرجاعه دون أن يغضَب، وأحيانًا لا تقدِر أمي على الرعاية، فتَكتئب وتنهار.
الآن بعد أن انتقَل أبي وأمي إلى سكن قريب من أختي، أفكِّر في أن أنتقل إلى سكن قريب منهم؛ حتى يسهل عليَّ عيادتهم في أي وقت، ثم إني لا أريد أن أُحمِّل أُختي مشقة الرعاية لأمي وأبي وحدَها، فهي مسؤولة عن بيت وأولاد، والآن زوجتي ترفُض الانتقال بجوارهم ومبرراتها:
أولًا: أن المنطقة أقل مستوى اجتماعيًّا، علمًا أنها أرقى من شقتي الأولى التي قَبِلتْها عند الخطبة.
ثانيًا: أنها تخاف من تدخُّلات أهلي وأختي في حياتها من قريب أو بعيد.
ثالثًا: أنها تعالَج من اكتئاب حتى الآن لا أعلم سببَه.
رابعًا: هي تقول إن التقارب الزائد قد يكون سببًا في مشاكل نحن في غنى عنها.
ومن ثم فقد ذهبتُ أنا وهي إلى دار الإفتاء، فقال لها الشيخ أنه يلزَم الزوجةَ اتباعُ مكان الزوج في السكن، ما دام أنه سكن مستقل، ثم أخذتها إلى طبيبها النفسي، وطرحت المشكلة، لكنه لم يذكر حلًّا إلى الآن، وهي الآن ما زالت مصرَّة، كما استشرت آخر فقال لي: خيِّرْها بين النقل أو الطلاق، وأنا لا أريد خراب بيتي، وتشتيت أطفالي، ماذا أفعل؟
سم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فملخص مشكلتك أنك تريد برَّ والديك المريضين وخدمتهما، وذلك باستئجار سكن قريب منهما، وزوجتك تعارض ذلك لمبررات وتخوفات، ومشكلتك في الحقيقة معضلة فعلًا، لماذا؟
لأنك تتعامل مع والدين كبيرين مريضين، ولهما عليك حقوق عظيمة، ومن جهة ثانية تتعامل مع زوجة مريضة أيضًا بمرض نفسي عضال، ولها أيضًا عليك حقوق، ولو كنت تتعامل مع أسوياء لهان الأمر؛ ولذا أقول مستعينًا بالله سبحانه: أرى أن تأخذ بالحلول الآتية:
الأول: وهو الأعظم أن تدعو الله كثيرًا بتسخير زوجتك للموافقة على قربك من والديك.
ثانيًا: كحلٍّ وسط أن تتفاهم مع زوجتك على الانتقال لسكنٍ لا يكون قريبًا جدًّا من والديك، ولا بعيدًا عنهما، وذلك يحقق لك خدمتك والديك قدر الاستطاعة، مع زوال تخوفات الزوجة وعدم انزعاجها.
ثالثًا: يمكن الاتفاق مع إخوانك على تقاسم أيام الخدمة للوالد؛ بحيث يكون لكل واحد منهم يومٌ كامل بالأسبوع.
رابعًا: أما تخييرها بين الطلاق أو الانتقال معك، فالذي أوصاك به اجتهدَ راغبًا في نفعك، وله أجر اجتهاده، لكني أرى أن تستبعد مسألة الطلاق، خاصة أنك لم تشتكِ دِيْنَ زوجتك، ولا سوء خلقها، وأيضا كن حريصًا على اجتماع شمل بيتك.
سادسًا: يمكن أن تذكر بفضل بر الوالدين، وببركة ذلك على بيت الزوجية.
سابعًا: لا يستبعد أن يكون اعتراضها تم بتأثير مرضها النفسي؛ ولذا اجتهد في علاجها منه بكل ما تستطيع، وأهم ما تعالج به مع العلاج النفسي هو الدعاء لها ورقيتها والصدقة عنها.
حفِظك الله، وزادك حرصًا وتوفيقًا، وجمَع لوالديك بين الأجر والعافية، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.