المشكلات مستمرة بين أبي وأمي
شاب أبوه لا يُصلِّي، وهو دائم النزاع مع أمِّه، والمشكلات بينهما لا تتوقف، مما أثر على الأبناء، ويسأل عن حلٍّ.
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أشكركم جزيل الشكر على موقعكم الرائع المفيد للأمة الإسلامية.
أبي للأسف لا يُصلي ولا يصوم، ولا يقرأ القرآن، ولا يذهب إلى المسجد، ومن ثم لم يعوِّدني على ذلك، فللأسف ما دخلت الجامع إلا مرتين أو ثلاثًا.
سأطيل في الشرح؛ لأنني لم أجد مَن يسمعني من الناس، وبالتالي أنا أجد في هذا متنفسًا وشيئًا مفيدًا ربما في حل المشكلة، لا أعرف شيئًا عن علاقة أمي وأبي قبل زواجهما، فهذه أمور خاصة بهما، لكن على ما يبدو أنهما كانا مترددين في الزواج، ويبدو أن أحدًا منهما قد أُجبر على الزواج من الآخر؛ لأن حياتهما كلها مشاكل - طبعًا أنا آخر أولادهما - وقد انعكس هذا بطبيعة الحال على حياتنا نحن، وإن المشاكل تتفاقم يومًا إثر يوم، على سبيل المثال أبي غالبًا ما يشتم أمي أمامنا، أحيانًا ترد عليه وغالبًا لا، وعندما كبرت ووعيت: سألتها لماذا تقبلين هذا؟ أمامك خيارات كثيرة، طبعًا أنا لا أُحرضها على شيء، فأجابت: إن هذا من أجلكم، أنا لا أريد أن أدمِّر عائلتي من أجله كما تفعل كثيرات.
أما بالنسبة لأخي وأختَيَّ الاثنتين، فهم ليسوا ناجحين كثيرًا في دراستهم، وأما عن علاقتهم بالمشكلة السابقة، فهم يقفون إلى جانب أمِّهم، وأنا لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، كثيرًا ما أحاول تهدئة الطرفين، وأُحاول أن أفهم أبي ألا يفعل ذلك، وكذلك إخوتي، وأحاول أن أخفِّف عن أمي، ولكن دون أن أجد آذانًا تصغي، فما الحل؟
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
أخي، اسمح لي أن أجعل حديثي معك على شكل نقاط:
أولًا: لا توجد حياة مثالية أبدًا.
ثانيًا: تضايقك من الخطأ يدل على سلامة في صدرك، ونبل في أخلاقك، فاحمد الله عليها، وحافِظ على هذا الصفاء بداخلك.
ثالثًا: أهنِّئك على هذه الوالدة التي تحبكم كثيرًا، وتتحمل الكثير من أجلكم.
رابعًا: استفد مما يحصل أمامك من دروس في الصبر والنضج الذي تتمتع به والدتكم الكريمة.
خامسًا: هذا المشهد الأسري الذي تراه أمامك، قد تجده متكررًا في مستقبل الأيام، حتى في الحياة العملية.
سادسًا: لن تستطيع إيقاف مصادر الأذى في حياتك إيقافًا تامًّا.
سابعًا: القوة تكمُن في التعامل الإيجابي مع مصادر الأذى، كما تفعل والدتك.
ثامنًا: انحياز الأبناء لطرف دون الآخر أمر لا يأتي بخير في الحياة الأسرية.
تاسعًا: وعليكم ألا تتدخلوا في شؤون والديكم، فهم أعرفُ بكيفية التعامل بينهما؛ فالعلاقة الزوجية فيها من التناغم والتكيف ما لا يستوعبه غير الزوجين.
عاشرًا: لسنا نحن من نحاسب والدينا على طريقة تربيتهم لنا، بل نحن مأمورون بفعل ما يجب علينا تُجاههما من البر والإحسان، والمرجع بالنهاية في الحساب إلى رب العباد سبحانه وتعالى؛ كما قال في كتابه الكريم: {وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 15].
أحد عشر: اجتهد في التلطُّف مع والدك، وحاوِل كسبَ قلبه، والتودد إليه، وأكثر من الدعاء له بالهداية، وامتثل ما ورد في هذه الآية الكريمة: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24].
ثاني عشر: دائمًا اسأل نفسك: ما الذي بإمكاني إضافته من خير لي ولمن حولي؟ وبادر إلى فعله؛ يقول الله تبارك وتعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [الحج: 77].
وختامًا: أسأل الله لك ولأسرتك التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.