والدتي ترفض تغيير منزلها
رجل يريد من أمه أن تبيعَ منزلَها، وتشتري منزلًا آخرَ، لكنها ترفُض، ويسأل عن حلٍّ.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بصراحة إحدى المصاعب التي واجهتها في حياتي هي مسألة إهمال والدَي لي منذ كنت طفلًا مع الأسف، رحل والدي عن هذا العالم بسبب العين والحسد كما يقول البعض، وبقيت أمي ترفض بيع منزله وتغيير محل سكنها، وقد أزعجني ذلك؛ لأنها معرضة للخطر، فمنذ شهور معدودة حاول لصٌّ السطوَ على منزلها وسرقتها وقد كنتُ نائمًا في منزل والدتي حينها، ورأيتُ يد رجلٍ غريب ترفَع غطاء فتحة التهوية في السقف، فقد دخلَ اللص منزلَها عن طريق السطح، وحاوَل الدخول من فتحة التهوية، وكان ملثمًا، لكنني هاجمته فهربَ، هذه الحادثة حصلت أثناء وجودي في منزل أمي، فماذا ستفعل أمي لو كانت وحدها بالمنزل، الأرجح أن اللص كان سيضرها ويَسرقها، وبعد هذه الحادثة طلبتُ من أمي بيع منزلها، لكنها رفضت مع وجود المال الكافي لشراء منزل جديد في مكان آخر بعيد عن بيتها الحالي، لكنها تعاند ولا جدوى من إقناعها، فتذكَّرت قول الله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [القصص: 56]، لكني أصبحت أتوقع أنني سأسمع خبر وفاتها يومًا ما، فأنا قد هجرتهم وتركتُهم نهائيًّا وأعيش في بلدٍ آخرَ، وإخوتي الكبار لا يهمهم حالها، وهي باقية على عنادها، والحقيقة أرى أن أمي كانت سببًا في وفاة والدي، فقد كانت تُعانده حينما أراد بيع منزله.
ظُلمت كثيرًا من والدي، حتى ميراثي أُخِذ مني، لكني صراحة تحسنتُ كثيرًا منذ أن هاجرت، ولا أريد أي شيء من أهلي، ولا يهمني ميراثي، فأنا لا أريد منه شيئًا، لكني أتساءل أحيانًا: ماذا لو حصل مكروه لأمي، فهل أنا مسؤول عنها وهي لن تتغيَّر كما أظن؟
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد:
فأولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لك ولأسرتك وأمك الهداية والتوفيق والسداد والتيسير.
ثانيًا: ألحظ في كلامك تعديًّا وتجنيًا على والديك، فليس معنى أنهما لم يستجيبا لبعض رغباتك - ومنها بيع بيتهما - أن هذا إهمال لك، فنرجو مراجعة نفسك في هذا، وأن تكثر الدعاء لأبيك بالرحمة ولأمك بحسن الخاتمة.
ثالثًا: الواجب عليك أنت وإخوتك التناوب للقيام بحقوق وطلبات أمكما، كُلٌّ على حسب قربه منها، أو على الأقل أن توفروا لها من يقوم بحاجاتها، ويجلس معها ويحميها، حتى لو بالأجرة، فإذا امتنعتم جميعًا، فالإثم يطول الجميع، والواجب عليك الآن أن تتواصل مع إخوتك للتنسيق لتوفير احتياجات الأم.
والنصيحة لك: أن تراجع نفسك في مسألة برِّك بأمك، وأن تدرك المتبقي من عمرها لتنال بركة دعائها ورضاها عنك، فالأم لها المكانة العظيمة التي أكَّدها الشرع، كما لا يخفى على مسلم عاقل يرجو ربه ويخاف عقابه.
كما ننصحك بالسعي لبرِّ أبيك بعد موته بالدعاء له والصدقة عليه، وصلة أقربائه وأصدقائه.
فالعمر قصير، والأجل قريب، والآخرة خير وأبقى، فدع عنك أيها الأخ الفاضل صراعات الدنيا الفانية، ولا تتَّبع خطوات الشيطان، فيضلك عن سواء السبيل.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
- التصنيف:
- المصدر: