زوجي وإدمان القات ورفاق السوء
امرأة متزوجة برجلٍ مُدمن للقات، ومرتبط برفاق السوء الذين يتدخلون في حياته، وتسأل: هل تَطلُب الطلاق؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا متزوجة منذ إحدى عشرة سنة، ولدي ابن وابنتان ولله الحمد، زوجي رجل طيب وكريم معي، لكنه متعاطٍ للقات بسبب جلساء السوء سامَحهم الله، الذين يتدخلون بحياتنا الزوجية، بسببهم أصبح زوجي شخصًا آخر يسمع لهم في كل شيء، وهم يغيِّرونه عليَّ؛ فأصبح شديد البخل، وقاسي القلب، لا يهتم لمشاعري، يجرحني بالكلام ويسبُّني، وإن أعطاني مصروفًا يعود ويأخُذه مني مرة أخرى، نقلنا إلى مدينة أخرى وبعدنا عن أهله، فعاد الرجل طبيعيًّا مثلما كان في بداية زواجنا، دام ذلك الحال سنتين، ثم رجع مرة أخرى إلى مدينة سكن أهله، وأنا كنت رافضة العودة، فهدَّدني إن لم أُطعْهُ، فسيأخذ مني أطفالي؛ فذهبت معه لأني لا أستطيع العيش دونهم؛ لأنه لا يهتم بهم، ولا حتى يساعدني في تربيتهم، أو المذاكرة لهم، ورجعت أخلاقه السيئة من جديد، بل أشد من قبل وبأفكارٍ غريبة وباطلة، ويدعي أنه ورفاقه من الأولياء الصالحين، أحسست بأنه انحرف من كثرة تعاطيه القات، حرَمني من كل شيء في الحياة، حرَمني من أهلي، ومن العمل لأُنفق على نفسي، وأشتري لنفسي ما أتمناه، وحرَمني من التسوق؛ لأنه لا يُخرجنا من المنزل، ولا يأخذنا للسوق لشراء ما نحتاج إليه، أنا وأبنائي تعِبنا معه، أشعُر بأني وصلت لطريق مسدود، أشعُر بالاختناق من هذه الحياة، أريد حريتي، لكن ماذا أفعل إن حرَمني من أطفالي؟ ما ذنبي أن أتحمَّل الظلم والحرمان؟ ضاعت سنوات شبابي على أمل أن يتغيَّر، لكن يبدو أنه لن يتغير أبدًا، ماذا أفعل؟ هل أطلُب الطلاق؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فعند التأمل في مشكلتكِ، تبينت الأمور الآتية:
١- أنتِ مطَّلعة وحريصة أيضًا على أولادكِ.
٢- زوجكِ حسب وصفكِ مهمل جدًّا للبيت، وتغير بعد مجالسته لجلساء السوء، وتعاطيه للقات.
٣- شخصية زوجكِ حسب وصفكِ شخصية إسفنجية تقبل كلام الآخرين دون تمييز.
٤- أُصبتِ بإحباط شديد من تصرُّفات زوجكِ وقسوته وبخله حسب تعبيركِ.
٥- يبدو أنكِ تفكرين في طلب الطلاق، ولكن يَمنعكِ من ذلك خوفكِ على أبنائكِ.
هذا ملخص مشكلتكِ حسب سطوركِ، فما هو الحل؟
الحل بإذن الله وتوفيقه في الآتي:
أولًا: النظر إليه على أنه شخص مبتلى يحتاج إلى وقفة جادة لمعالجته تَبدئينها بأهم شيء وأعظم علاج على الإطلاق، وهو الفزَع إلى الله سبحانه بإلحاح وقوة وثقة به سبحانه، بأن يصلح حاله، وأن يصرفه عن جلساء السوء، وعن القات المحرم.
ولا تتقالِّي الدعاء، فأثره لمن تعاطاه بإخلاص ويقين عظيم جدًّا وفوق الوصف؛ لقوله تعالى: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62]، وقوله عز وجل: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} [غافر: 60].
ثانيًا: توسيط عقلاء في العائلة للإصلاح بينكما ولمناصحته، وتذكيره بحقوق زوجته وأبنائه عليه، وبخطورة تعاطي القات المحرم عليه دينيًّا واجتماعيًّا، وفي الدنيا والآخرة.
ثالثًا: كثرة الاستغفار والاسترجاع والصدقة ولو بالقليل، فلهذه الأربعة مع الدعاء آثار إيجابية قوية وعجيبة.
رابعًا: يمكن أن تستخيري الله في أن تذهبي لأهلكِ وتجلسي عندهم فترة، تتظاهرين فيها بطلب الطلاق، وأنكِ مستعدة للتراجع عن طلبكِ إن عدَّل من سلوكه، وترك أخطاءَه، وحافظ على الصلوات وسائر الواجبات الشرعية.
ونظرًا لأنه سبق أن تعهَّد ثم نكث، فمنعًا له من الإخلاف، وحثًّا له على الالتزام بتعهُّداته - يستحسن في المرة القادمة أن يشهد على تعهُّده رجل من عائلته ورجل من عائلتكِ.
خامسًا: أما ما ذكرتِهِ من ادِّعائه أنه ولي صالح، فهذه عجيبة جدًّا، فإن كنتِ صادقة فيما نقلتِ عنه، فما حصل من كلام ربما أنه لأحد الأسباب الآتية:
أ- ربما أنه أراد التمويه عليكِ بهذا الكلام؛ بناءً على نصيحة من جليس سوء عملها مع زوجته.
ب- وربما أنه فعلًا له علاقات بأصحاب فرق باطنية ضالة؛ كغلاة المتصوفة أو الشيعة.
ج- وربما أنه قاله هلوسة تحت تأثير تخدير القات، وربما لأسباب أخرى، والذي يستطيع أن يحكم على كلامه هذا هو القضاء الشرعي فقط إذا ثبت تلفُّظه بذلك وهو في حالة طبيعية.
سادسًا: أما خوفكِ على أولادكِ من أن يأخذهم، وأنتِ لا تستطيعين الصبر عنهم، وهو ليس أهلًا للتربية، أقول: إن ثبت للمحكمة صحة كل ما تدَّعينه عليه، ففي الغالب يحكمون بالأبناء لكِ، والأفضل سؤال قاضٍ أو محامٍ عن هذه الأمور، وأرجو أن تصلح أموركم دون التنازع أو اللجوء للمحاكم.
حفِظكم الله، وفرَّج كُربتكم، وهدى زوجكِ، وأعاذه من شرور جلساء السوء، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
- التصنيف:
- المصدر: