أنا عاطفية.. ولكن

منذ 2020-08-05

الإفراط في المشاعر، والحساسية الزائدة

السؤال:

أنا فتاة في الصف الثالث الثانوي، متفوقة نوعًا ما في دراستي، أشعر أني ممن يستخدمون عواطفهم أكثر من عقولهم في حل وتدبير كل شؤونهم، أحب ذلك، ولكن أشعر بأنه يؤذيني من جوانب أخرى.

في بعض الأحيان أتنازل عن حقوقٍ لي (بدون جزاء أو شكور).


أشعر أني حساسة لدرجة كبيرة، حتى إن التعامل معي أصبح صعبًا، لكثرة ما أتضايق مِمَّن حولي حتى من أشياء تافهة ولكن - ولله الحمد - حاولت أن أتخلص من تلك العادة، وأصبحت أرى الأمور ببساطة أكثر وهي بالأصل بسيطة ولكن أنا من يكبرها، أحاول أن التمس العذر لكل من يخطئ أو يقصر في حقي، ولكنه لا يزال بداخلي خالدًا في الذكرى فمن المستحيل أن أنسى أي موقفٍ آلمني.

دموعي دائمًا تسبق عباراتي، إذا خضت في جدال أو حوار أو حتى نقاش أرى بعض الكلمات التي تقال لي كبيره وقد تقع في قلبي دون أن يشعر من قالها، أعاني كثيرا من أُخَيَّتي وهي بنفس سني، هي جافة قليلا معي لا أحتمل عباراتها ولكن لا أملك حيلة غير الكتم، وأحيانا تبكيني عباراتها ولكن بعيدا عنها كثيرا من الأمور تضايقني وتشغل جزءا من تفكيري مع أنه لو رآها أحد لرأى أنها تافهة لا أحب أن أرى عداوة بين الناس، أحمل عواطف جياشة أعبر عنها بحرارة لمن أحب، ولكن الضيق أتعبني.

فكيف برأيك أتخلص من تلك الأمور الخالدة في مخيلتي؟

ولله الحمد استطعت أن أتغاضى وأسامح فكيف أنسى وأعيش بسعادة أكثر دون تفكير

الإجابة:

من الجميل أن تمتلكي هذه البصيرة وهذا الوعي بنفسك.. إنها الخطوة الأهم في طريق التغيير..


ليس من العيب أن نكون عاطفيين، لكن المهم هو مدى قدرتنا على ضبط أنفسنا.. ضبط سلوكنا الخارجي في المقام الأول.. العاطفة قوة رائعة لكن بدون ضبطها ووضعها في المكان المناسب فهي مؤذية، وتقلل منِ احترامك لنفسك واحترامِ الناس لك.

تابعي معي النقاط التالية:

أولا: الحساسية الزائدة لنقد الآخرين وطريقة حديثهم معنا ينجم في الأساس عن فكرة خاطئة داخل أعماقنا وهي: أن حبنا لأنفسنا، واحترامنا لها هو نتيجة لقبول الآخرين لنا وحبهم لنا.. فإن أثنوا علينا شعرنا بالسعادة، وإن جفونا أو انتقدونا شعرنا بألم داخلي عميق. في الحالة هذه نحن نضع سعادتنا في أيدي غيرنا وهذه مشكلة كبيرة.

حبك لنفسك - يا سيدتي - يجب أن يكون نابعا من نفسك أنت.. من شعورك بأنك مميزة وتستحقين الاحترام.. ولزيادة حبك لنفسك وثقتك بها قومي بأعمال مميزة لا يقوم بها عامه الناس (كقيام الليل والصيام والكتابة والقراءة وغير ذلك). والنتيجة شعورك بالتميز وزيادة ثقتك بنفسك وحبك لها.


ثانيا: التسامح والعفو عن الآخرين من المهارات النفسية الراقية.. صدقيني إن الرابح من عفوك وتسامحك عن هفوات الآخرين هو أنت.. أنت أول الرابحين.. لأن التسامح .. لماذا يبقى في داخلك؟ أعود للمشكلة الأصلية وهي اعتمادك على الآخرين في الشعور الإيجابي ولذا فيسبب من يخطئ في حقك ألما رهيبا لا تَنْسَيْنَهُ. لو عالجتِ هذه المشكلة (أي انتظار الحب والقبول من الآخرين) فستشعرين بتغير كبير.


ثالثا: أريدك أن تبدئي من اليوم بوضع أهداف قصيرة وطويلة الأمد لحياتك.. أنت فتاة مميزة ومع القليل من الجهد لترتيب حياتك وتنظيمها ستنطلقين من المشاعر السلبية إلى العالم الإيجابي حيثُ العملُ والإنجازُ والرضا عن النفس. إن أهم سبب لشعورنا بالضعف هو خلو حياتنا من هدف نعيش من أجله.. عندما لا يكون لدينا الحافز والدافعية التي توقظنا من الليل وتجعلنا نقفز من السرير بكل حماس.. هناك العديد من الكتب والمقالات على الموقع الالكتروني التي ستساعدك في هذا الأمر.


رابعا: كما قلت سابقا - سيدتي - المشاعر الجياشة أمر جميل لكن يجب أن تضبطي إظهارك لها؛ فإظهارها المبالَغُ للآخرين ممن تُحِبّينَ يحرِمُكِ منِ احترام الناسِ لكِ.. تذكري أننا كما نضغط على (دواسة) الفرامل لإيقاف السيارة عند الإشارة الحمراء يجب أن تضغطي على نفسك لإظهار هذه المشاعر في الوقت المناسب والى الحد المناسب.

ختاما: أوصيك بأمرين أعتقد أن فيهما السر في تنمية الشخصية.

أولا: الدعاء الصادق وطلب التوفيق من الله – عز وجل-.

 والأمر الثاني: القراءة حيث تتفتح المدارك ويزيد الوعي ويُرَقِّي من النفس.

وفقكِ اللهُ لما يُرضيه..

 

  • 2
  • 0
  • 1,468

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً