العادة السرية تؤرقني
شاب أدمَن العادة السرية، ويريد التخلص منها، ويريد حلًّا.
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية - استشارات نفسية -
مشكلتي تتمثَّل في إدماني العادة السرية، فقد دمَّرتني وحولت حياتي لكابوس مروع، توقفت عنها أيامًا وشهورًا، لكنها تلاحقني، والشيطان يقول لي: إنك لن تستطيع تركها، تركتها أسبوعًا وفشِلت، وتركتها اثنين وعشرين يومًا وفشِلت، نغَّصت عليَّ حياتي وسعادتي، أهلي وأقاربي وأصدقائي يضربون بي المثل في الصدق وحسن الخلق، وهم محقون في ذلك؛ فأنا لم أحمل في قلبي حقدًا أو ضغينة لأحد أبدًا، إلا أنني أرى تلكم العادة نقطةً سوداءَ في حياتي، ولا أخفيكم سرًّا فأنا امرؤ ذو شهوة عالية، فهل من دواء مثبط لشهوتي؟ أرجو منكم أن تخبروني: أنا على الطريق الصحيح أم أنني فاسدٌ؟
أرجو توجيهكم، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:
فأولًا: مرحبًا بك أيها الأخ الفاضل، ونسأل الله لنا ولك ولسائر المسلمين الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.
ثانيًا: نحمد لك غيرتك وعزمك على التوبة، والإقدام على استقامة ظاهرك وباطنك، أيها الأخ الفاضل، لا تيأَس، فنحن في الدنيا في صراع لا ينتهي إلا بالموت، فمهما بلغت الذنوب، ومهما رجعت بعد توبة - فصارِع وسارِع، ولا تقف وأكمِل توبتك، فإن الله يحب التوابين، ويفرح بتوبتهم.
أيها الأخ الفاضل، عليك بتذكير النفس دائمًا بحرمة الاستمناء، وصدق اللجوء إلى الله، والمبادرة بالتوبة، والبعد عن كل ما يسبب ثوران الشهوة: من اختلاط وسماع وتفكير، وترك الرفاهية التي من شأنها زيادة الإحساس بالنفس، وتلبية كل رغباتها، وترك بعض الأطعمة والأشربة التي تزيد من الشهوة، ولا مانع عند الزيادة المفرطة من تناول أطعمة وأدوية تقلِّل من الشهوة، بعد مراجعة طبيبٍ مختص.
ثالثًا: علاج العادة السرية:
يتمثل في محورين: الأول: الوقاية. والثاني: العلاج.
ونجمل الوقاية في نقاط:
1- المبادرة بالزواج عند الإمكان، ولو كان بصورة سهلة، لا إسراف فيها ولا تعقيد.
2- الاعتدال في الأكل والشرب؛ حتى لا تثور الشهوة، والرسول صلى الله عليه وسلم في هذا المقام أوصى بالصيام في الحديث الصحيح.
3- البعد عن كل ما يهيج الشهوة؛ كالاستماع إلى الأغاني الماجنة، والنظر إلى الصور الخليعة مما يوجد بكثرة في الأفلام والمسلسلات.
4- توجيه الإحساس إلى بعض الهوايات المباحة، كالرسم للزهور والمناظر الطبيعية غير المثيرة.
5- تخير الأصدقاء المستقيمين، والانشغال بالعبادة عامة، وعدم الاستسلام للأفكار.
6- الاندماج في المجتمع بالأعمال التي تشغله عن التفكير في الجنس، كالاشتراك في الأعمال الخيرية.
7- البعد عن الاجتماعات المختلطة التي تظهر فيها المفاتن، ولا تُراعَى فيها الحدود.
وأما العلاج:
1- يجب أن يكون الداعي للخلاص من هذه العادة امتثال أمر الله واجتناب سخطه.
2- الاعتبار بالأضرار الصحية الناتجة من تلك الممارسة؛ مثل: ضَعف البصر والأعصاب، وضعف عضو التناسل، وآلام الظهر، وغيرها من الأضرار التي ذكرها أهل الطب.
3- الاعتبار بالأضرار النفسية؛ كالقلق ووخز الضمير، والأعظم من ذلك تضييع الصلوات لتعدد الاغتسال، أو مشقته خصوصًا في الشتاء، وكذلك إفساد الصوم.
4- إزالة القناعات الخاطئة لدى الشباب؛ بحيث يعتقد أن هذه الفعلة جائزة بحجة حماية النفس من الزنا واللواط، مع أنه قد لا يكون قريبًا من الفاحشة أبدًا.
5- التسلح بقوة الإرادة والعزيمة، وألَّا يستسلم الشخص للشيطان.
6- الأخذ بالعلاج النبوي الفعَّال، وهو الصوم؛ لأنه يكسر من حدة الشهوة، ويهذب الغريزة.
7- الالتزام بالآداب الشرعية عند النوم؛ مثل: قراءة الأذكار الواردة، والنوم على الشق الأيمن، وتجنب النوم على البطن، لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
8- التحلي بالصبر والعفة؛ لأنه واجب علينا الصبر عن المحرمات، لكن قبل الصبر عن المحرمات ينبغي الصبر على الطاعة.
9- إذا وقع الإنسان في هذه المعصية، فعليه أن يبادر إلى التوبة والاستغفار وفعل الطاعات، مع عدم اليأس والقنوط؛ لأنها من كبائر الذنوب.
وأخيرًا: مما لا شك فيه أن اللجوء إلى الله، والتضرع له بالدعاء، وطلب العون منه للخلاص من هذه العادة - من أعظم العلاج؛ لأنه سبحانه يجيب دعوة الداعي إذا دعاه، والله أعلم.
هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.