التخلص من الخيالات الجنسية
سائلة تسأل عن كيفية التخلص من الأفكار والخيالات الجنسية، والتركيز في الدراسة والحياة.
مشكلتي تتلخص في التفكير الجنسي، وقد اطلعت على ردٍّ لاستشارة تحمل نفس المشكلة، وشدَّتني إجابة المستشارة بأننا نحن مَن نقوم باستدعاء هذه الأفكار، وطبَّقت هذا الكلام على وضعي، ووجدت أنني فعلًا كذلك، فأنا أُهيئ عقلي ونفسي لها وأتخيلها تخيُّلًا، بسبب هذه الخيالات كرهتُ نفسي، وأضعت كثيرًا من وقتي، ثم إنني حاولت كثيرًا أن أتبع خطوات العلاج كأن أشغل نفسي، ولكني أضعف نهايةً، وأبدأ بالبحث عن المشاهد الإباحية والقصص، ومن ثم أفسح المجال لخيالي، أنا أتألَّم جدًّا من حالي، خاصة أنني في العقد الثالث من العمر، وأحاول إحراز درجات عالية في الماجستير، وأن أنغمس في الدراسة، لكني ما إن تصعب عليَّ الدراسة شيئًا ما، فإني أعاود التفكير في هذه الخيالات الجنسية؛ ما يضيِّع كثيرًا من وقتي، سؤالي: كيف أتخلص من تلك الأفكار وأنشغل بدراستي؟ علمًا أن تلك الأفكار تزداد حِدَّةً قبل فترة الدورة الشهرية، وتخف وطأتها بعدها مباشرة.
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين؛ أما بعد:
فوالله لا أعلم من أي زاوية أبدأ، ولا أعلم أي زمن أظلَّنا، ولا أي نفس صارت بين جنبينا، سيطرت الشهوات على العفيفات، وما كان هذا إلا من إطلاق النظر والاستهانة بكثير من الممنوعات التي منعها خالقنا الذي صنعنا سبحانه؛ مثل: متابعة الأفلام والمسلسلات والمقاطع.
تأملي غاليتي، عندما نشتري جهازًا جديدًا أو سيارة أو غير ذلك نبحث عن أفضل نظم التشغيل لها، ونلتزمها حرفيًّا لتعيش الآلة أكبر عمرٍ افتراضي بأداء جيد، فإن كان هذا مبدأ العقل مع كل الأشياء، فلماذا لا نطبِّقه على أبداننا؟ ثم تأملي: ماذا تفعلين عند زيادة وزنكِ؟ طبيعي تتبعين حمية، فاعلمي أن الطعام شهوة، ويحفظ بقاء الإنسان وممتعٌ جدًّا أن يأكلَ الإنسان ما يشتهي وقتما يشتهي، ولكن الإفراط يمرضكِ، فتتولد لديكِ إرادة كبيرة للتراجع عن الإفراط، نفس الأمر مع هذه العادة، اتبعي حمية لنظركِ وعقلكِ وسلوككِ.
لا بد من عزيمة نابعة من داخلكِ لأن تَكُفِّي عن هذه العادة، وإلا لن يفيد نصح ولا دليل، أنتِ أنتِ صاحبة القرار، ولا تتعللي بصعوبة الأمر، من يستطع التزام الحمية من الطعام، يستطع الحمية من غيره؛ وكما قال الشاعر:
والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتَها ♦♦♦ فإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تقنعُ
ثم اعلمي أنه لا حدَّ لمتطلبات النفس وشهواتها؛ فقد قال ربك تقدَّست أسماؤه: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ} [آل عمران: 14].
فإن لم نقيد هذه الشهوات بالحلال والحرام هَلَكَنا، الزواج هو سبيلكِ الوحيد، كما أن العمل سبيل كسب الذهب والفضة، وليس السرقة.
فانتظري حتى يأذن الله لكِ بالزواج، وتشاغلي عن هذه الخيالات، وإن لزم الأمر عيشي دون هاتف تمامًا حتى تتعافي بإذن الله، الأمر ليس صعبًا لمن صدق مع ربه، ثم انتبهي لأمر مهمٍّ، وهو أنكِ اليوم جازعة نادمة تخافين من ربكِ، وعلى عقلكِ وتركيزكِ، وتريدين حلًّا، لو ظللتِ على ما تفعلينه، فسوف تنتقلين لمرحلة الرضا بهذه العادة، ثم لا تصبح تحقق لكِ أية متعة، ولا حتى أي شعور بالذنب، ونعوذ بالله أن تنجرفي لأمراض مضاعفة، أنتِ أعلم الناس بحالكِ، ابتعدي عن كل ما يثير هذه الغريزة في نفسكِ.
- التصنيف: