زوجي يمارس الجنس عبر مواقع التواصل مع الفتيات

منذ 2020-09-16

زوجة اكتشفت أن زوجها يُمارس الجنس عبر مواقع التواصل مع الفتيات؛ مما جعَلها تعيش حالة نفسية وصحية صعبة، وتسأل: هل تبقى معه أو تطلُب الطلاق؟

السؤال:

السلام عليكم:

بعد سنتين من الزواج تدهورت حالتي الصحية والنفسية، وفقدتُ طعم الحياة والفرح، وذبلت بعدما كنتُ وردة جميلة، أعيش مع زوجي في بلد خليجي بعيدين عن الأهل، وجنسيته غير جنسيتي، اكتشفت عن طريق الصدفة أنه يخونني على مواقع التواصل الاجتماعي بما يعرف بالزنا المعنوي؛ حيث يتكلم مع الفتيات ويكشف عن عورته، وتكشف الفتاة عن عورتها له حتى يستمنيا، وقد اكتشفت هذا؛ لأنه يسجل المكالمات ويخزنها على الحاسوب، والله شاهد علي أنني ما رفضت له طلبًا من حقوقه الشرعية، أصبح يتركني أنام وحدي دائمًا؛ حتى يجد الوقت الكافي في الليل للمحادثات الجنسية، بعدما بحثت على الإنترنت وجدت أن له نقاطًا كثيرة مع الشخصية المنحرفة النرجسية، فهو دائمًا ما يلومني على أشياء لم تصدُر مني، فمثلًا يقول لي: أنا لن أصليَ؛ لأنكِ سببتِ لنا مشاكل، ومن ثَمَّ فأنا أعيش حالة نفسية محطمة؛ فهو لا يشعر بي ولا بحاجاتي، يعاملني كالبهيمة التي لا تحتاج إلا للطعام والشراب، ويقول لي: أنتِ تعيشين حياة الملوك، لا يستغفر الله لما يقوم به ويقول: أنا على صواب والله غفور رحيم، أصبحت أخشى على نفسي وصحتي، فهل من الواجب عليَّ أن أطلب الطلاق أو أبقى تحته؟ علمًا بأنني أستخير كل يوم، واستشرت أهلي فأشاروا عليَّ بالطلاق، ولا سيما بعد دخولي المستشفى إثر انهيار عصبي وتناول مهدئات وأدوية اكتئاب.

الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فمرحبًا أختي الكريمة، ونشكركِ على الثقة بهذا الموقع، واسمحي لي أن تكون الإجابة على شكل نقاط:

أولًا: أن تسير الأمور على ما نحب دائمًا، هذا أمر مستحيل.

 

ثانيًا: التحديات تحيط بالإنسان دائمًا، وفي شتى المجالات، وهذا لا يعني الاستسلام لها.

 

ثالثًا: يصاب المؤمن ويُبتلَى رحمةً من الله؛ لرفعة الدرجات وتكفير السيئات.

 

رابعًا: الله سبحانه أعد للصابرين أجرًا عظيمًا.

 

خامسًا: مشاكل الحياة قسمان:

قسم لدينا قدرة وسلطة على تغييره وتعديله.

 

وقسم خارج عن السيطرة، لا نستطيع معه إيقاف مصدر الأذى عنا، ولكن نستطيع التكيف معه والتعايش بما يخفف آثاره علينا.

 

سادسًا: وهذا قد نغفل عنه أحيانًا، هل استعنَّا بدعاء الله سبحانه بتضرعٍ وخشوعٍ، وتحرَّيْنا مواطنَ إجابة الدعاء، وأدمْنا قرعَ باب السماء؟

 

سابعًا: أركان استقرار الحياة الزوجية أربعة: نفسي، واجتماعي، ومالي، وجنسي، وقد يضعف ركن، لكن يكون العوض في الأركان الأخرى.

 

ثامنًا: اليأس والاستسلام قد يقودان إلى الرغبة في الخلاص فقط، فما نفيق إلا بعد اتخاذ قرار قد نندم بعده، لنصحوَ على حقيقة مُرَّةٍ تقول لنا: كان الوضع السابق أفضل من انتهاء العلاقة رغم التنغيص.

 

تاسعًا: هناك في أعماقكِ قدرة على التركيز على الإيجابيات، والتغافل عن السلبيات التي تبث القلق والهموم.

 

عاشرًا: ما دام الانحراف لم يصل إلى ترك المنزل، والمبيت في علاقة محرمة ومباشرة، فالأمر أسهل رغم خطورته وبشاعته.

 

حادي عشر: غيِّري الطريقة والأسلوب، وتجدَّدي له دائمًا في نفسكِ وبيتكِ.

 

ثاني عشر: الاحتواء العاطفي والمبادرة في ذلك، وعدم ترك الأمر للزمن، أو التفكير بالهروب من الواقع - من أنجح الوسائل في استمالة الطرف الآخر.

 

ثالث عشر: اصنعي جوًّا هادئًا داخل المنزل يجعله يقترب من نفسكِ، وتجنَّبي محاصرته دائمًا وتقريعه.

 

رابع عشر: نفْرَتُهُ من المبيت معكِ، ولجوؤه إلى وسيلة محرمة وغير آمنة، رغم وجود الحلال بين يديه - توحي بأن هناك أسباب غائبة عن التفكير.

 

خامس عشر: تأملي يا أختي وتفحصي الأمور من حولكِ، فهناك مؤشرات على رغبته في الإحسان إليكِ (كاستمراره في النفقات عليكِ بأنواعها)، لكن يبدو أن هناك ما يدعوه إلى البعد عنكِ؛ إما لعدم الانسجام النفسي، أو كثرة عتابكِ له، فلا تكثري عليه اللوم، واحرصي دائمًا على اختيار الأوقات المناسبة للحوار الهادئ.

 

سادس عشر: كل إنسان عنده تقصير، وما دام يستر نفسه أثناء هذه الممارسات، فهناك أمل كبير في تحسُّن أحواله؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملًا، ثم يصبح وقد ستره الله عليه، فيقول: يا فلان، عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه، ويصبح يكشف ستر الله عنه»؛ [متفق عليه].

 

فما دمتِ وقعتِ على هذه الزلة عن طريق الخطأ، فمعناه أن الرجل يستحيي مما يصنع، ويحشمكِ أن تطلعي على ضعفه هذا.

 

سابع عشر: الشخص الواقع في التقصير، والمبتلى في الوقوع في الرذيلة، ينبغي التعامل معه برفق ولطف؛ حتى نعينه على التخلص من مأزقه، لا سيما إذا كان خلاصه متعلقًا بميول عواطفه إليكِ، وعلاجه العفاف الذي تقدرين عليه بإذن الله.

 

ثامن عشر: تقولين: (بعدما بحثت على الإنترنت وجدت أن له نقاطًا كثيرة مع الشخصية المنحرفة النرجسية، فهو دائمًا ما يلومني على أشياء لم تصدر مني؛ فمثلًا يقول لي: أنا لن أصليَ؛ لأنكِ سببتِ لنا مشاكل)، لومُهُ لكِ على أشياء لم تفعليها مباشرة قد يحمل معنًى مبطنًا وصرخة استغاثة بأن تعينيه على نفسه، وتُصغي إلى آلامه واحتياجاته.

 

تاسع عشر: تذكري أن الهدم أسهل من البناء، وأن تدارك العلاقة وتحسينها قدر المستطاع - أولى من إنهائها.

 

ختامًا: أسأل الله لكِ التوفيق والسداد والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

 

  • 4
  • 6
  • 8,862

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً