ذنبي يؤرقني
فتاة ألمَّتْ بذنب، ثم تابت منه، لكن تصيبها حالة من القنوط واليأس إذا ما تذكَّرت الأيام الخوالي، وقد عرَضت نفسها على طبيبة، وتسأل: هل يجوز أن تحكي لها ما ألَمَّت به؟ وما الحل لهذه الحالة من اليأس والإحباط؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
ألممتُ بذنب السنة التي مضت، وقد لازمني هذا الذنب ثلاث سنوات، أفعله وأنا في غفلة من أمري، وقد تبت ولله الحمد، لكن نفسي اللوامة أنينُها لا يصمت أبدًا، وإذا ما سمعت أو قرأت أو شاهدت أيَّ شيء عن التوبة، فإن نفسي تأنَس وتفرَح بأن لي ربًّا غفورًا رحيمًا، وما أمكث إلا بضع ساعات وتعود اللومة والحسرة على الأيام الخالية، فأدخل في حالات أوشكُ بها على إنهاء حياتي أو الجنون.
ولكن أريد أستشيركم بشيء: أنا تحدثت مع طبيبة نفسية، وقالت بأنها أعراض اكتئاب، وأرادت مني أن أشرح حالتي، وقد فعلت ذلك وشرَحت لها كل شيء، فهل هذا يعتبر مجاهرةً بالذنب؟ مع أنني والله لست فخورة، ولكني أبحث عن حلٍّ لأني قد تعبت، وأنا أعلم أن المجاهرة تعني المفاخرة، لكنني نادمة.
أريد حلًّا لمشكلتي فقد تحدثت مع أناس كثيرين بهدف المساعدة، لكن أيًّا منهم لم يستطع أن يساعدني، وهذه الطبيبة وافقت، أريد رأيكم وجزاكم الله خيرًا.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
أذكركِ أختنا الكريمة بقوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
وبحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم رجلٌ قتل تسعة وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على راهب، فأتاه، فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفسًا، فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله، فكمَّل به مائة، ثم سأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس، فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومَن يحول بينه وبين التوبة؟ انطَلِقْ إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناسًا يعبدون الله، فاعبدِ الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك، فإنها أرض سوء، فانطَلَقَ حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مقبلًا بقلبه إلى الله، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي، فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين، فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبَضته ملائكة الرحمة» [1].
فرحمة الله تعالى واسعة تقبل كل تائب، حتى الكافر الذي كان يسب الله تعالى ثم يتوب، فإن الله تعالى يتوب عليه.
وأما ذكر مثل هذه المعاصي لمن تعتقدين أنه قادرٌ على مساعدتك، فجائز ولا شيء فيه، وفقكِ الله لكل خير.
[1] متفق عليه: أخرجه البخاري (3470)، ومسلم (2766).
- التصنيف:
- المصدر:
Muhammad Brikaa
منذ