لا أتقبل خطيبي لأنه أسمر البشرة!
فتاة مخطوبة لشابٍّ وبقي على الزواج 4 أشهر، لكنها غير متقبِّلة له بسبب لون بشرته السمراء.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
أنا فتاة في العشرين مِن عمري، مخطوبة لشابٍّ، لكني غير متقبِّلةٍ له بنسبة 100 %، وذلك بسبب لون بشرته! فأنا فتاةٌ بيضاء، وهو أسمرُ اللون بحكم طبيعة عمَلِه تحت أشعة الشمس، وهذا الأمرُ أثَّر عليَّ جدًّا، وأَتْعَبَ نفسيتي.
كنتُ دائمًا أريد شخصًا بَشْرَتُه متقاربة معي؛ حتى لا أشعرَ بالفرق، ولا أقارنَ بيني وبينه، أشعُر بِحَيْرةٍ كبيرةٍ، وهذه المشكلة تقف عائقًا أمام حبي له وتطوُّر شعوري نحوه.
نفسيتي تأثَّرَتْ سلبًا، ودائمًا أصلِّي استخارة، وأدعو الله أن يختارَ لي الأفضل، لكن لا أعلم ما الحل؛ فموعد زواجي بعد 4 شهور وأنا غير مرتاحة؟!
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فتوكَّلي على الله، ولا تَتَرَدَّدي في حال رضيتِ هذا الزوج دينًا وخُلُقًا، ولم تصلْ سمرةُ لونه إلى حد الشعور بالنفور، فبعدَ الزواج حقيقةً كلُّ شيء سيَتَغَيَّر؛ أقولُها لك عن خبرةٍ.
سأسألك سؤالًا يُؤكِّد لك ويُثبت نظرتي وتوقعي: ألم تسمعي بمَنْ تَزَوَّجَتْ رجلًا وسيمًا، ثم ما لبثتْ أن طلبت الانفصالَ بسبب عدم قدرتها على التعايش، والذي يصل إلى حدِّ الكُره؟!
ما الأسباب؟
سأذكرها لك: خَلَقَ الله جل جلاله البشرَ بهيئاتٍ وأشكالٍ وألوانٍ مختلفةٍ، وقَسَّم الأخلاقَ والطِّباع بينهم بعَدْلِه وحكمتِه، فلم يَقْسِم الله سبحانه لكلِّ جميلِ هيئةٍ بجمالِ خُلُق وطباعٍ، والعكس كذلك؛ ولهذا تجدين الوسيمَ أحيانًا غير مقبولٍ اجتماعيًّا بسبب ذلك، كما أنَّ هناك مِن البشر ممن قَدَّرَ الله عليهم نقصًا في الخِلْقة، لكنه عوَّضهم جمالَ خُلُق ودين، فكان لهم بذلك السبق، والحظوة عند الناس؛ لماذا؟ لأنَّ البشر مجبولون على الميل لحُسْن الخُلُق والنفرة مِن سَيِّئِه.
وتحضرني هنا قصة الصحابي زاهر، وسأذكرها لك بالتفصيل:
الصحابي زاهر لم يكنْ جميلَ الوجه، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يُحبُّه، وكان مِن أهل البادية، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم في المدينة، فلمَّا كان زاهر يذهب إلى المدينة كان يأخُذ أشياء مِن البادية للنبي صلى الله عليه وسلم، فالنبي ما أعطاه أحدٌ شيئًا إلا كافأه به، فكان يقول: «زاهر باديتنا ونحن حاضروه»؛ أي: إذا جاء الحضر ينزل عندنا، لكن هو مِن البادية.
ففي يوم مِن الأيام كان زاهر في السوق، والنبي صلى الله عليه وسلم رآه، فجاء مِن خلفه دون أن يحسَّ به، وغمى له عينيه، كما نفعل نحن مع بعض، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم ينادي يقول: «من يشتري هذا العبد»؟، وهو يعرف صوتَ النبي صلى الله عليه وسلم، فلما عرَف أنه النبي صلى الله عليه وسلم الذي يغميه فجعل لا يألو - أي: لا يُقصر - أن يلصقَ ظهره ببطن النبي صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول مازحًا: «من يشتري هذا العبد»؟، فقال: يا رسول الله، إذًا تجدني كاسدًا - أي: بضاعة لا قيمة لها! - فقَالَ: «لكِنَّكَ عِنْدَ الله لَسْتَ بِكَاسِدٍ»، أو قالَ صلى الله عليه وسلم: «بَلْ أنْتَ عِنْدَ الله غَالٍ».
يا بنية، لا تَتَرَدَّدي في القَبول، بل استبشري بأن هذا النقص قد يكون دليلَ كمالٍ في الغالب، وذلك مِن فضل الله.
وسأضرب لك مثالًا: لو أنك تزوجتِ برجلٍ وسيم أبيض اللون، قد يأتي يوم ليقارن بينك وبينه، فيرى أنه كان يستحق مَن هي أجمل منك مثلًا، أو أنصع بياضًا، أو أن صاحب هذه البشرة البيضاء قد تفاجئين بأنه يجذبه اللون الأسمر، ونسمع عن ذلك كثيرًا، فلا تحكمي على الأمور منذ البداية، فكم هي الأمور التي أحزنتْ أصحابها، فكانتْ عاقبتُها سرورًا!
توكَّلي على الله، واعزمي أمرك بعد أن تستخيري، فقد تظهر لك بعضُ الأخلاق التي تجمله في عينك قبل الزواج، فلا تقلقي؛ فالأمرُ أهونُ مما تظنين.
وفقك الله.
- التصنيف:
- المصدر: