خيانة زوجتي

منذ 2020-12-01

رجل يسكن مع والده؛ ما سبَّب له مشاكل جمة مع زوجته، ثم إنه اكتشف أن زوجته تتحدث عبر الإنترنت مع شاب، فواجَهها واعترَفت بخطئها، ووعدته بأنها لا تعود لمثلها أبدًا؛ على أن ذلك أدخله في حالة اكتئاب، وألبسَه ثوب الهمِّ والغم، وقد ذهب لشيوخ قالوا له: إن به سحرًا أو مسًّا من الجن، ويسأل: ما الحل؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تزوَّجت منذ خمس سنوات، وأسكن مع والدي في نفس البيت؛ ما وضعني في المشاكل والاضطرابات، سواء بين والدي وزوجتي أو بين زوجتي وأخواتي، وهذا كله سبَّب مشاكل جَمَّةً بيني وبين زوجتي، المهم أني منذ شهر تقريبًا نزل عليَّ أمرٌ كما الصاعقة؛ إذ اكتشفت أن زوجتي تتكلم عبر الإنترنت مع شابٍّ ومعجبة به، فما كان مني إلا أن صارَحتها بذلك، ووعدتني بأنها لن تعود لمثلها أبدًا، بيد أنني دخلت في حالة اكتئاب حاد، وساءت حالتي النفسية، وذهبت لدكتور نفساني وأعطاني علاجًا، لكنني لا أزال كئيبًا، وقلبي دائمًا يملؤه الخوف، وقد أخذني أبي لشيوخٍ كُثُرٍ؛ فهذا يقول: إنه مسحور، وآخر يقول: إن به مسًّا من الجن، ويقرؤون القرآن، ويعطونني ماءً لأَسكبه على نفسي، لكن - ومع ذلك كله - فإني غير مرتاح والخوف يلازمني، كما أنني لا أستطيع أن أصليَ وأسمع القرآن بصعوبة، وأشعر أن جبلًا أصبح على قلبي، وأصبحت حياتي مملة، لا طعم لشيء فيها، هل هذا من نفسي أو سحر أو مسُّ جنٍّ؟ أرجو أن أجد عندكم الحل، فأنا مرهق جدًّا وأصبحت متوترًا دائمًا.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فيبدو أن لمشكلتك أحدَ سببين؛ هما:

الاحتمال الأول: إما أنه لا علاقة لها أبدًا بالسحر ولا بالمس، وإنما هي صدمة قوية مما لحظتَه على زوجتك لم تستطع تحملها، وأثَّرت كثيرًا على تفكيرك وسعادتك، وجلبت لك الهموم والاكتئاب، وهذا هو الاحتمال الأقوى عندي.

 

الاحتمال الثاني: وإن كان به ضعفٌ إلا أنه وارد وغير مستبعد؛ لورود وقائع كثيرة فيه، وهو احتمال وجود شيء مما ذكره القراء لك، خاصة أنك ذكرت تضايُقَكَ من الصلاة، ومن تلاوة القرآن، وكأن على قلبك جبلًا، وأيضًا ذكرت المشاكل الكثيرة سابقًا بينك وبين والدك وزوجتك، وبين أخواتك وزوجتك، وبينك وبين زوجتك - فهذه كلها مؤشرات على احتمال وجود سبب خارجي حقيقي، ويبقى السؤال الكبير: ما علاج حالتك أيًّا كان سببها؟ فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: إن كان سببها مرضيًّا - كالاكتئاب مثلًا - فهذه علاجها - بعد توفيق الله، وبعد الدعاء ومعه - عند الأطباء المختصين.

 

ثانيًا: إن كان سببها خارجيًّا من مسٍّ أو سحر، فهذه علاجها بالآتي:

١- كثرة الدعاء منك ومن والدك دون أي يأس أو ملل.

٢- رُقية نفسك بالرقية الشرعية، والأفضل أن تكون منك أو من والدك.

 

أما الرُّقاةُ، فإن اضطُررتَ للذهاب لهم، فتحرَّ الذهاب للمخلص الثقة؛ لأن بعضهم مشعوذون ويتعاملون مع السحرة، وكلامهم يزيد المريض سقمًا.

 

٣- أكْثِرْ من الاسترجاع؛ فهو علاج عظيم جدًّا؛ قال سبحانه: {الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة: 156، 157]، وتأمل كثيرًا في الحديث الآتي: عن أم سلمة أنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (( «ما من مسلم تُصيبه مصيبة، فيقول ما أمره الله:  إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرًا منها، إلا أخلف الله له خيرًا منها» ، قالت: فلما مات أبو سلمة، قلت: أي المسلمين خير من أبي سلمة؟ أول بيت هاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إني قلتها، فأخلف الله لي رسولَ الله صلى الله عليه وسلم))؛ [رواه مسلم].

 

٤- تصدق ولو بالقليل، فالصدقة من أسباب دفع البلاء، ومن أسباب إجابة الدعاء.

 

٥- جاهِد نفسك على الصلاة، وقراءة القرآن، وأذكار الصباح والمساء؛ فهي بمجموعها سياجات عظيمة للحماية من شرور شياطين الإنس والجن، وأسباب عظيمة لتفريج الكرب؛ قال سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ}[الحج: 38]؛ قال الشيخ السعدي رحمه الله: "هذا إخبار ووعد وبشارة من الله للذين آمنوا أن الله يدافع عنهم كل مكروه، ويدفع عنهم كل شر - بسبب إيمانهم - من شر الكفار، وشر وسوسة الشيطان، وشرور أنفسهم، وسيئات أعمالهم، ويحمل عنهم عند نزول المكاره ما لا يتحملون، فيخفف عنهم غاية التخفيف، كل مؤمن له من هذه المدافعة والفضيلة بحسب إيمانه، فمستقل ومستكثر".

 

ثالثًا: احذَر من مرض عضال مدمر، وهو سيطرة الأوهام عليك والمبالغة، وأنك وصلت لطريق مسدود، وأنه لا أمل في شفائك، فهذه كلها من الشيطان؛ ليحزنك وليصرفك عن طاعة الله سبحانه؛ قال سبحانه: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ} [النمل: 62].

 

رابعًا: تذكَّرْ عظمة الله سبحانه وقدرته على كل شيء، لِتَقْوَى ثقتُك به سبحانه، وتوكلك عليه، ويضمحلَّ الحزن واليأس نهائيًّا؛ قال عز وجل: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3]، وقال عز وجل: {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ}  [الملك: 1].

 

خامسًا: أما زوجتك، فما دامت قد ندِمت وتعهَّدت، فأحْسِنِ الظنَّ بها، وأعْطِها فرصة للتصحيح، ولا تعيِّرها بما حصل، فهي نزغة شيطان ربما كان لك سببٌ فيها؛ من إهمال للزوجة من الناحية العاطفية والرومانسية والإعفاف، فتفقَّدْ نفسك في هذه المواطن معها.

 

حفظك الله، وفرَّج كربتك، وصرف عنك كيد الفجار وشر الأشرار، ورزقك قوة الإيمان والتوكل، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.

  • 4
  • 0
  • 2,200

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً