كثرة التفكير والتحليل دون مبرر

منذ 2021-01-17

شاب في فترة المراهقة، يشعر أنه مختلف عن الناس، يستغرق في الآمال والطموحات حتى يشعر بأنه يعيش فيها ويتصرف على أساسها، كما أنه يحاول أن يُعَلِّل كل شيء بسؤاله لنفسه: لماذا؟ وكيف؟ ولم لا؟ ويسأل: ماذا أفعل بهذا الشعور؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابٌّ عمري 18 عامًا، أشعر أني مُختلفٌ عن الناس، فأنا كثير التفكير، أفكِّر في كلِّ شيء، ومقتنع وعلى يقينٍ بأني خُلِقْتُ لتأدية رسالة ساميةٍ تُفيد البشرية كلها، فأحلامي ليس لها حدودٌ، وإن كانتْ مَحِلَّ سخرية، لكني أملك إيمانًا بالله ويقينًا بأني سأُحَقِّق هذه الأحلام، وكأني أرى ذلك اليوم.

 

أحيانًا أتخيَّل أني وصلتُ لهذا الحلم، وأبدأ في تمثيل وتخيُّل أني حققتُه بالفعل.

 

طريقةُ تفكيري تعتمد على المنطق، وأسلوبُ تفكيري أسلوبٌ علمي يعتمد على الأدلة المنطقية لإقناع عقلي بأي شيءٍ، حتى في الدِّين فإذا سمعتُ فتوى عن شيءٍ محرمٍ أسأل نفسي: لماذا حرَّم الله كذا؟ ولماذا لم يحلل كذا؟ دائمًا أسأل نفسي في كل شيء: لماذا؟ وكيف؟ ولِمَ لا؟ كأنَّ التفكير لديَّ غريزة أريد أن أُشبعها ببعض الإجابات!

 

أحاول أن أُبَرِّر كل شيءٍ يَحْدُث لي بأدلةٍ منطقيةٍ يقتنع بها عقلي؛ لأنَّ عقلي لا يقتنع إلا بالمنطق؛ هذا أولاً.

 

ثانيًا: يلعب الخيالُ دورًا مهمًّا في حياتي، فأنا دائمًا أتخيَّل وأفكِّر في كلِّ شيء، أفكِّر وأنا آكل وأنا أشرب وأنا نائم وأنا أتحدَّث، وأحيانًا وأنا أتحدَّث أشعُر أني أتحدَّث بـ10 % فقط مِن تركيزي، والباقي أكون مُشَتتًا فيه؛ سواء في تخيُّلات أو أفكارٍ أو ألغازٍ لَم أجد لها إجابة بعدُ.

 

لا يهدأ عقلي من التفكير، وعندي قدرة على تحليل المواقف، وفَهْم التصرفات، مع أني لستُ مِن هواة علم النفس، فكلُّ هذا يحدُث لا إراديًّا وسريعًا جدًّا، كأني أصبحتُ محترفًا في التحليل والتفكير والبرهنة مِن كثرة التفكير.

 

المشكلة أنَّ قلة تركيزي جَعَلت الناسَ تسْخَر منِّي كثيرًا، فقد يطلُب منِّي البعضُ شيئًا، وأُعطيهم أشياء أخرى.

 

ثالثًا: أمتَلِك عزَّة نفس مُثيرة للجَدَل بين أصدقائي وأهلي، فلا أتحمَّل كلمةً تُقال عليَّ، أو أي نظرة ساخرة، ولا أحب أن يفكِّرَ أحدٌ فيّ بطريقةٍ تُقَلِّل من شأني، فدائمًا أحرص على كَرامتي أمام الناس، ويضرني ذلك كثيرًا مع والدى.

 

كثيرًا ما يقول عني الناسُ: مَغرور، مع أني لستُ كذلك، فلا أحبُّ أن يُقَلِّل أحدٌ مِن شأني، وأحب الاحترام والتقدير!

 

فأخبروني ماذا أفعل في هذا الشعور؟

 

الإجابة:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الأستاذ الفاضل، استشارتك تحمِل جوانبَ عدة:

• منذ صِغَرك وأنت تشعُر بأنك مختلفٌ عن الناس، فأنت كثيرُ التفكير، وتفكِّر في كلِّ شيء، ومُقتنع وعلى يقينٍ بأنك خُلِقْتَ لتأدية رسالةٍ ساميةٍ تُفيد البشرية كلها.

 

• أحلامُك ليس لها حدودٌ، وإن كانتْ محل سخرية، لكنك تملك إيمانًا بالله ويقينًا بأنك ستُحَقِّق هذه الأحلام.

 

• طريقةُ تفكيرك تعتمد على المنطِق، وأسلوب تفكيرك أسلوبٌ علميٌّ يعْتَمِد على الأدلة المنطقية لإقناع عقلك بأي شيءٍ.

 

• في الأمور الدينية أي فتوى أو شيء محرم تسعى وراءه متسائلاً: لماذا حرَّم الله ذلك؟

 

• تسأل في كل شيء: لماذا؟ وكيف؟ ولِمَ لا؟

 

• تُحاول أن تبرِّر كل شيء يَحْدُث بأدلةٍ منطقيةٍ يقتنع بها عقلك؛ لأنَّ عقلك لا يقتنع إلا بالمنطق.

 

• يلعب الخيالُ دورًا مهمًّا في حياتك، فأنت دائمًا تتخيَّل وتُفَكِّر في كل شيء.

 

• تتحدث بـ10 % فقط من تركيزك، والباقي مُشَتَّت إما في تخيُّلات أو أفكار أو ألْغاز لم تَجِدْ لها إجابة بعدُ.

 

• عندك قدرة على تحليل المواقف، وفَهم التصرفات، مع أنك لستَ مِنْ هُواة علم النفس.

 

• غالباً تركيزك مُشَتَّت، وتُفَكِّر كثيرًا، وكلُّ هذا يَحْدُث لا إراديًّا وسريعًا جدًّا، كأنك أصبحتَ محترفًا في التحليل والتفكير والبرهنة.

 

• كثير التفكير، قليل التركيز، حتى جعلتَ الناس تسخَر منك.

 

• لا تَتَحَمَّل كلمةً تُقال عنك، أو أية نظرة ساخرة، ولا تُحِبُّ أحدًا يفكِّر فيك بطريقةٍ تُقَلِّل من شأنك.

 

• دائمًا تحرص على أن تكونَ بكرامتك أمام الناس، ويضرك ذلك كثيرًا مع والدك.

 

• لا تشعُر بأنك أفضل، لكن تشعُر بأنك لستَ أقل مِن أحدٍ.

 

 

بدايةً أشكر لك سؤالك وبحثك عن الصواب، واستعدادك للإصلاح والتحسين، فوُجودُ شابٍّ يحمِل فكرًا تحليليًّا، ويبحث عن الصواب، ويتمتَّع بعُلُوِّ همة - شيءٌ يُسعد ويُبَشِّر بخيرٍ؛ لكن أن يصلَ الموضوع لمبالغةٍ مُفرطة وتراجيدية، فهذا قد يصل بك لجنون العَظَمَة أو لانحرافات في العقيدة.

 

لذا يجب عليك التوسُّط والتوازُن في أخْذِ الأمور وتلقيها وطريقة تحليلها وتفسيرها، فليس كلُّ شيء قابلاً للتحليل والتدقيق والتفحص العميق، فالذي حلل الألماس وجَد أنَّ أصله كان مجرد فحم، الشتات واضح جدًّا في طريقةِ نَظرتك للأمور وللأشخاص.

 

ونصيحتي أنْ تضَعَ لنفسك هدفًا واضحًا ساميًا، وتسعى لتحقيقه، وترْك ما عدا ذلك، مع إعطاء الأمور قدرها بتوسط، ولْيَكُنْ مَرجِعُك في التعامُلات مع الناس ما سنَّه الرسولُ صلى الله عليه وسلم، ولو لَم يقْبَلْها عقلُك، فمَن اعتمد على عقله فقط ضلَّ وزلَّ وخسر الدنيا والآخرة - والعياذ بالله.

 

ولتكنْ مُقارنتك لنفسك في أمور الدنيا بِمَن هُم أقل منك، كي تحمدَ الله، وتسعى لمساعدتهم، وفي أمورِ الآخرة بِمَنْ هم أفضلُ منك كي تقتديَ بهم، وتسعى للاجتهاد واللحاق بِرَكْبِهم.

 

وفقك الله، وجَعَلَك مِن عباده الهداة المهتدين الصالحين المصلحين

 

  • 9
  • 0
  • 1,449

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً