كيف أتجاوز شعور الخذلان والضيق من أخواتي؟
فتاة تآمر عليها أخوتها في شيء ما وأدى إلى دخولها في حالة ضيق،وعندما واجهتهم أنكروا ما فعلوه. وقامت بتغيير معاملتها معهم وأصبحت ليست كسابق عهدها معهم ...
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السلام عليكم ورحمة الله.
عانيت من مشاكل عائلية منذ حوالي 4 أشهر، ولا أزال غير قادرة على تجاوزها، وأشعر بالألم والضيق، وفقدت طعم الحياة.
كنت أثق بشكل مطلق بأمي وأخواتي، وأفتخر وأعتز بالمحبة التي تجمعنا، وعلاقتي بهن هي أهم ما أملكه، كنت أطلعهم على كل شيء يخصني سواء كان مهما أو تافها، وبالمقابل أتوقع منهن المعاملة بالمثل، كنت أؤمن أننا كشخص واحد، وأحب لهن الخير كما أحبه لنفسي، لا سيما إن مررنا بظروف سيئة، وتم طردنا من قبل والدنا وزوجته.
حتما توجد بيننا خلافات من حين لآخر بحكم تباين الأفكار والشخصيات، لكنها كانت لا تطول كثيرا.
ولكن منذ حوالي 4 أشهر، اكتشفت صدفة أنهن كن يخفين عني أمورا تخصهن، وذات أهمية، والأسوأ أنهن نسجن مسرحية كاملة لإخباري بهذه الأمور؛ لا أخفي أنني حزنت كثيرا، ولم أكف عن التساؤل عن سبب تصرفهن، ولم أعد أتكلم معهن.
بعدها تفاجأت بتغير تعاملهن معي، وكأن تلك المحبة كانت مزيفة، ونظرا لسيطرة هذا الحزن على حياتي، واجهتهن بقصد حل المشكلة، وكنت أنتظر اعتذارا صغيرا منهن لتعود الأمور كالسابق، لكنهن أنكرن فعل أي شيء يضايقني، وأكدن أنها حساسية مني فقط.
منذ ذلك الحين وأنا أتخبط بداخلي، وكأن عالمي قد انهار، وأن قلبي تحطم، في هذه اللحظة لم أعد أكترث من المخطئ، ومن على صواب، أريد فقط تجاوز هذه الحالة، والاهتمام بدراستي التي أهملتها كثيرا.
هل أنا مخطئة في انتظار المعاملة بالمثل؟ كيف أتخلص من شعور الخذلان والضيق؟ وكيف أتعامل معهن بما يرضي الله ولا يجرني إلى الهلاك ؟
بسم الله الرحمن الرحيم
عزيزتي العلاقات الأسرية مع الأهل وذوي الأرحام، ينبغي أن يسودها الرِّفق واللِّين، للمحافظة على تماسك بنيانها وصفاء أجوائها، ولهذا جاء قول الرحمن في كتابه الحكيم يعلم نبيه الكريم: {فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك}، وإذا فهمت معنى هذه الآية الكريمة فتقدرين أن تنالي احترام ومحبة أخواتك بأسلوب اللين، وبالمعاملة الطيبة والصفح الجميل.
يُقال: كي لا نسمح للخذلان بالتسرب إلينا، علينا ألا نرفع سقف توقعاتنا بأحد ...
ومما يبدو لي انك رفعت جدا سقف توقعاتك من الأهل كما أنك وضعت ثقلا كبيراً لأهمية الصراحة المطلقة في حياتك، فأنت يا عزيزتي لا سلطة لك عليهم إلا بالمحبة والاحترام، لذا تغافلي عن أي سلوك لا يعجبك منهم، وكوني طبيعية، وتعاملي معهم بلطف وهدوء، واتركيهم على راحتهم، لأنك بالعتاب تكبرين الأمور، فالتغافل والتجاهل أفضل الحلول، مع إبقاء اللطف والاحترام والمودة بينكما.
فأخواتك لهن شخصيات مستقلة عنك، ومن حقهن الاستمتاع بحريتهن، وأنت كذلك الأمر، وكما ذكرت لنا وقلت:" حتما توجد بيننا خلافات من حين لآخر بحكم تباين الأفكار والشخصيات".
وبالنسبة لسلوك أخواتك معك، لاحظت بأن التغيير لم يحصل إلا خلال الأربعة الأشهر الأخيرة حسب ما ذكرت لنا في بداية رسالتك، وهنا أطرح عليك بعض الأسئلة التي تساعدك في فهم مشكلتك وحلِّها: فما هي أسباب هذا التغيير في أسلوب تعامل إخوتك معك خلال هذه الاشهر؟ فخلال عرضك للمشكلة لم أر ما يبرر تصرفات والدتك وأخواتك، فلا بد وأنّ هناك أسباباً أخرى أنت تجهلينها...
لذا يجب أن تركزي على هدفك، وتعلمي أن العطاء الزائد والمبالغ فيه أيضا خطأ...
وأعود وأنصحك أن لا تكثري من انتقادهم وتتبع هفواتهم وزلات لسانهم حتى لا ترهقي روحك، وتضيعي وقتك في أمور لا تجدي نفعاً، وتذكري أنك تؤجرين على نيتك الصافية والطيبة ومواقفهم النبيلة معهم، وتذكري قول الرحمن: {ربكم أعلم بما في نفوسكم}.
توكلي على رب العباد، والزمي الطاعات، وتخلصي من هاجس (الشعور بالخذلان)، ولا تنتظري منهم تقديم الاعتذار، وغيري من نمط حياتك وللأفضل طبعا، ولا تسمحي للشيطان أن يُحزن قلبك فيزرع البغضاء والنفور بينك وبين أهلك.
أسأل الله أن ينير بصيرتك، ويهدي قلبك، ويوثق أواصر الحب والمودة والرحمة بينك وبين والدتك وإخوتك.