الاكتئاب واليأس من الحياة
فتاة تعاني بسبب ميلها الدائم للعزلة، وفِقدان الشغف في كل شيء، والحزن الذي أصاب قلبها، فلم تَعُدْ ترى لحياتها معنًى، وتسأل: ما النصيحة؟
بداية أنا كتومة جدًّا، ولا أُخبر أحدًا بما يحزنني، وأخفي دواخلي في ابتسامتي، رغم أنني أختنق من الداخل، وأنا متصالحة مع هذا الأمر منذ زمن، ولكن قبل سنة تقريبًا أصبحت أميل للعزلة كثيرًا، لا أقابل أحدًا، لا أهتم بمن حولي، حتى أهلي، وأما أصدقائي، فقد قلَّ تواصلي معهم، وأصبحت أتكلف المعاذير والتعلات إذا ما طلبوا مني أن أخرج معهم، فقدت الرغبة والشغف في كل شيء أُحبُّه، حتى الأشياء التي كانت تُدخل السرور على قلبي لم تَعُدْ كذلك، ولديَّ شعور بعدم الرغبة في الحياة، فقد فقدتُ المتعة والسعادة والبهجة في حياتي، أشعر دائمًا بالحزن، حتى في اللحظات التي تقتضي سعادتي، استلمتُ وثيقة التخرج في الجامعة منذ شهر تقريبًا، ومع ذلك لم أشعر بالفرح، بل كانت ردة فعلي عكس المتوقع؛ إذ ابتسمتُ ابتسامة باردة فقط؛ لأن عائلتي كانت حولي، ولم أشعر بفرحة التخرج التي كنت أنتظرها، أفكر في المستقبل كثيرًا، وأشعر باليأس حيال المستقبل، وأن الأمور لا يُمكن أن تتحسن، وأشعر بالفشل في كل شيء، حتى البكاء لم أعُدْ أستطيع أن أبكيَ حتى وإن أردت ذلك، أحيانًا أُصاب فجأة باختناق وغُصَّةٍ في الحلق، وضيق في التنفس، وخفقان في القلب، وأذهب إلى المستشفى، فلا أجد لذلك سببًا عضويًّا، أُرهقت من مقارنتي الدائمة بغيري من الفتيات من قِبل أمي، حتى إنها تقارنني بأختي الكبرى، أشعر أنه ليس هناك فائدة تُرتجى من حياتي، وثقتي بنفسي معدومة، وأعاني من وسواس قهري في الصلاة والطهارة، وأشكُّ دائمًا في غلقي الأبواب، وإطفاء الفرن والكهرباء، تعبتُ من حياتي، أرشدوني جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ أما بعد:
فملخص المشكلة:
صاحبة المشكلة بيَّنت أنها تعاني من اكتئاب وقلق داخلي من المستقبل، ووسواس قهري في صلاتها وطهارتها، وبلغ بها الخوف إلى التأكد من غلق الأبواب، والفرن الكهربائي، والتردد للتأكد من ذلك، وهذه المعاناة منذ زمن، ومن قبل سنة فضَّلت الوحدة، وعدم المشاركة الاجتماعية، مع فِقدان الفرح والابتسامة حال الأفراح، مع المعاناة من اختناق وضيق التنفس، وزيادة خفقان القلب، وتشعر أنها لا فائدةَ من وجودها في الحياة، وليس لها دور إيجابي، وليس لها مستقبل تَبنيه، حتى وصلت لدرجة اليأس والقنوط، وتسأل عن مساعدة للدلالة على حلٍّ لمشكلتها.
وأقولُ لها:
استشعار العبد أنه مخلوق بقدر الله، وأنه لم يُخلق عبثًا، ولم يترك هملًا، بل خلقه الله لعبادته؛ قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات: 56]، هذا الشعور الداخلي يعطي الإنسان راحة قلبية، وانشراحًا صدريًّا، واطمئنانًا نفسيًّا؛ لأنه كائن مخلوق في الحياة لهذا الغرض، دوره في الحياة تجاه ربِّه أعلى وأسمى من كل دورٍ حياتي، مصيره إلى الزوال مهما بلغ وارتفع.
يُعَدُّ الشعور بالقلق والخوف من الأمور الطبيعية التي يمكن أن يعانيَ منها الإنسان، لكن إذا كان هذا الشعور بالقلق أو الخوف دون سبب حقيقي، ويُشكِّل إعاقة لحياة الشخص بشكل عام - فهذا يعد دليلًا على إصابته باضطرابات القلق.
ومن الخوف الطبيعي الخوف من العدو، ومن الحيوانات المفترسة، ومن الثعابين وغيرها، ومن الاختبارات والقلق على مريض، وعلى عودة مسافر، أمور طبيعية تنتاب الشخص وتزول بنتائجها.
ومن الأمثلة على الخوف الطبيعي الفطري: أبونا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام خاف من الملائكة عندما قرَّب لهم العجل، ورأى أن أيديَهم لا تصل إليه، ولا يأكلون، {فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ} [الذاريات: 28]، وموسى عليه الصلاة والسلام خاف من بطش فرعون هو وأخوه هارون، عندما أمرهم ربُّهم بالذهاب إليه؛ قال الله تعالى: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى * قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى * قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: 43 - 46]؛ إذًا هنا تتركز القضية في الإيمان والثقة بالله تعالى، واستشعار مَعِيَّتِهِ؛ فموسى عليه السلام عندما لحِقَ به فرعون وجنوده، وخاف أتباعه، وقالوا لموسى: {إِنَّا لَمُدْرَكُونَ} [الشعراء: 61]، مباشرة يأتيهم ردُّ الواثق بالله، المستشعر عظمة الله، المتيقن أن الله سيجعل له مخرجًا: {كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ} [الشعراء: 62]، فأمر الله البحر، فانفلق طُرُقًا يابسة، فأنجى الله موسى وقومه، وأغرق فرعون وجنوده.
وعلى هذا، لا بد أن يُبنى الخوف على حقيقة، لا على أوهام وظنون وشكوك؛ فالخوف الحقيقي مثلًا كأن يخاف العبد من النار؛ لذا يلتزم بطاعة ربه، ويبتعد عن معصيته، هنا الخوف من أمر يقيني، وهي نار الله سبحانه وتعالى، مقابلها يرجو أمرًا يقينيًّا، وهو جنة الله سبحانه وتعالى، ولهذا على المسلم أن يطرُد من قلبه خوفًا موهومًا يوسوس به الشيطان، ويُثير به مخاوفه على نفسه وماله وولده، ومستقبله وصحته ومتاعه؛ قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]، وقال سبحانه وتعالى أيضًا: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا} [البقرة: 268]؛ لأن ما يصيب المسلم لا يأتي اعتباطًا، إنما يكون مقدَّرًا من الله سبحانه وتعالى قبل أن يخلق السماوات والأرض؛ قال سبحانه وتعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: 22]، وقال سبحانه وتعالى: {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 51]، وفي النتيجة عندما يزرع المسلم في قلبه خوفًا يقينيًّا من النار، وينـزع منه خوفًا موهومًا بسبب وسوسة الشيطان، يكون قد وُلد الأمن الذي يطرد القلق.
وينبغي للمسلم أن يُسلِّمَ أمره لله تعالى، ويرضى بما قضاه الله وقدره عليه، ولا يجعل للشيطان عليه سبيلًا، ولا يجعل الدنيا أكبر همَّه، بل يرضى بما قسم الله له منها؛ فعن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر، فكان خيرًا له» [رواه مسلم].
ولا ينبغي للمسلم أن تكون الدنيا هي أكبرَ همِّه، ولا يجعل للقلق على مستقبله ورزقه مجالًا للوصول إلى قلبه وعقله، وإلا زاد ذلك من مرضه وقلقه؛ فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت الآخرة همَّه، جعل الله غِناه في قلبه، وجمع له شمله، وأتَتْهُ الدنيا وهي راغمة، ومن كانت الدنيا همه، جعل الله فقره بين عينيه، وفرَّق عليه شمله، ولم يأتِهِ من الدنيا إلا ما قُدِّر له» [رواه الترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع].
قال ابن القيم رحمه الله:
"إذا أصبح العبد وأمسى، وليس همه إلا الله وحده، تحمَّل الله عنه سبحانه حوائجه كلها، وحمل عنه كل ما أهمه، وفرغ قلبه لمحبته، ولسانه لذكره، وجوارحه لطاعته، وإن أصبح وأمسى والدنيا همه، حمَّله الله همومها وغمومها وأنكادها، ووكله إلى نفسه، فشغل قلبه عن محبته بمحبة الخلق، ولسانه عن ذكره بذكرهم، وجوارحه عن طاعته بخدمتهم وأشغالهم، فهو يكدح كَدْحَ الوحوش في خدمة غيره، فكل من أعرض عن عبودية الله وطاعته ومحبته، بُليَ بعبودية المخلوق ومحبته وخدمته؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} [الزخرف: 36]"؛ [الفوائد].
أما في قضية الوساوس في الصلاة وفي الطهارة، فمن علاجها، عليكِ أن تستعيذي من الشيطان الرجيم، فهو العدو اللَّدُودُ للمسلم في عباداته؛ قال الله سبحانه: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]، ويقول سبحانه: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200]، فعليكِ أن تستعيذي بالله عند الوضوء وعند الصلاة، فإذا تيقنتِ من وضوئك وتوضأتِ، فلا تقولي: ما توضأتُ، ولا تشكي عدم إكمال الوضوء، بل اذهبي لصلاتكِ، واطردي عنكِ تلك الوساوس، وكذلك الصلاة، استشعري عظمة الله تعالى، وأكملي شروطها وأركانها وواجباتها، وتدبَّري القراءة والتسبيح والتحميد والركوع والسجود، ولا تلتفتي لأيِّ وساوس يُمليها عليكِ الشيطان، بل أكملي صلاتكِ، واختميها بعد السلام بالاستغفار.
هنا مسألة مهمة لا بد أخذها في الاعتبار، وهي تتمثل في إجابة هذا السؤال؛ سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
هل المؤمن يمرض نفسيًّا؟ وما هو علاجه في الشرع؟ علمًا بأن الطب الحديث يعالج هذه الأمراض بالأدوية العصرية فقط.
فأجاب:
"لا شك أن الإنسان يُصاب بالأمراض النفسية: بالهم للمستقبل، والحزن على الماضي، وتفعل الأمراض النفسية بالبدن أكثر مما تفعله الحسية البدنية، ودواء هذه الأمراض بالأمور الشرعية - أي: الرقية - أنجح من علاجها بالأدوية الحسية كما هو معروف، ومن أدويتها: الحديث الصحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه: «أنه ما من مؤمن يُصيبه همٌّ أو غمٌّ أو حزن، فيقول: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمَتِك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمُك، عَدْلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سمَّيتَ به نفسك، أو علَّمته أحدًا من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن العظيم ربيعَ قلبي، ونورَ صدري، وجِلاء حزني، وذَهاب همي وغمي - إلا فرَّج الله عنه» فهذا من الأدوية الشرعية.
وكذلك أيضًا أن يقول الإنسان: ((لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين)).
لكن لما ضعُف الإيمان، ضعُف قبول النفس للأدوية الشرعية، وصار الناس الآن يعتمدون على الأدوية الحسية أكثر من اعتمادهم على الأدوية الشرعية، أو لما كان الإيمان قويًّا، كانت الأدوية الشرعية مؤثرة تمامًا، بل إن تأثيرها أسرع من الأدوية الحسية، ولا تخفى علينا جميعًا قصة الرجل الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية، فنزل على قوم من العرب، ولكن هؤلاء القوم الذين نزلوا بهم لم يُضيِّفوهم، فشاء الله عز وجل أن لُدِغَ سيدهم لدغة حية، فقال بعضهم لبعض: اذهبوا إلى هؤلاء القوم الذين نزلوا لعلكم تجدون عندهم راقيًا، فقال الصحابة لهم: لا نرقِي على سيدكم إلا إذا أعطيتمونا كذا وكذا من الغنم، فقالوا: لا بأس، فذهب أحد الصحابة يقرأ على هذا الذي لُدغ، فقرأ سورة الفاتحة فقط، فقام هذا اللديغ كأنما نَشِطَ عن عِقالٍ.
وهكذا أثَّرت قراءة الفاتحة على هذا الرجل؛ لأنها صدرت من قلب مملوءٍ إيمانًا؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن رجعوا إليه: «وما يدريك أنها رقية».
لكن في زماننا هذا ضعُف الدين والإيمان، وصار الناس يعتمدون على الأمور الحسية الظاهرة، وابتُلوا فيها في الواقع.
ولكن في مقابل هؤلاء القوم أهل شعوذة ولعِبٍ بعقول الناس ومُقدَّراتهم وأقوالهم، يزعمون أنهم قُرَّاءُ بَرَرَةٌ، ولكنهم أكَلَةُ مال بالباطل، والناس بين طرفَي نقيض؛ منهم من تطرَّف ولم يَرَ للقراءة أثرًا إطلاقًا، ومنهم من تطرف ولعب بعقول الناس بالقراءات الكاذبة الخادعة، ومنهم الوسط"؛ [انتهي كلامه، فتاوى إسلامية].
ويمكن أن نتبع التوجيهات الآتية في التخلص من القلق والاكتئاب النفسي:
1- التمسك بشرع الله تعالى وطاعته، واتباع هديِ رسوله صلى الله عليه وسلم، وتحقيق توحيده، والبعد عن الشرك بأنواعه كبيرًا أو صغيرًا، وسؤال الله تعالى الثباتَ على ذلك، وعدم زيغ القلوب عن شرعه وهَدْيِه.
2- اللجوء إلى الله تعالى حالَ الهم والحزن والقلق؛ فهو سبحانه وتعالى ملجأ المؤمن لكشف همه وكربه؛ {فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50]، {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62].
والرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا حَزَبَهُ أمرٌ فَزِعَ إلى الصلاة، يناجي ربه، ويطلبه حاجته، فهو سبحانه يجيب دعوة مَن دعاه، فقط مطلوب الإخلاص في الدعاء، واليقين في الإجابة ولو بعد حين.
3- بالإمكان اللجوء إلى الرقية الشرعية، يرقي الإنسان نفسه، بما ورد من آيات وأحاديث صحيحة في الرقية الشرعية، أو الاستعانة - بعد الله - براقٍ ثقة، يرقي بالآيات والأدعية الشرعية، واستعمال ماء زمزم، فهو شفاءٌ لمن شرب له من غير حاجة إلى قراءة فيه؛ يقول صلى الله عليه وسلم: «إنها مباركة، إنها طعامُ طُعْمٍ، وشفاء سُقْمٍ»، فالشرب منها والاستحمام، كل ذلك من أسباب الشفاء والعافية.
4- لزوم طاعة الوالدين والحرص على رضاهم، فرضاهم من رضا الله تعالى، فإذا رضيَ الله عنكِ، أعانكِ على عدوكِ الشيطان، وأذهب عنكِ الهم والقلق، وشرح صدركِ، واطمأنت نفسكِ، واسقام أمركِ.
5- الحرص على أداء الصلاة في وقتها، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والإكثار من هذا الدعاء: «اللهم إني أعوذ بك من الهم والحَزَنِ، والعجز والكسل، والبخل والجبن، وضَلَعِ الدَّين، وغَلَبَةِ الرجال»، صباحًا ومساءً.
6- يجعل الإنسان له وِردًا من القرآن الكريم، يُصقِل به قلبه، ويشرح به صدره؛ فإنه جِلاء القلوب، وانشراح الصدور، ومؤانسة النفوس؛ قال الله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].
7- اختيار الصديقات اللاتي يُعنَّكِ على طاعة الله تعالى، ويكُنَّ سندًا لكِ على الاستقامة وفعل الخير، فالعبد لا بد له من رفيقِ دَرْبٍ وصديق، يأخذ بيده، يحثه على الخير، ويحذِّره من الشر، فلا بد من اختياره، فقد بيَّن الرسول صلى الله عليه وسلم الفرق بين الجليس الصالح، وجليس السوء؛ فمن حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إنما مثلُ الجليس الصالح وجليس السوء كحامل المسك، ونافخ الكِيرِ؛ فحامل المسك إما أن يُحذيَك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبةً، ونافخ الكير إما أن يحرِقَ ثيابك، وإما أن تجد منه ريحًا خبيثة» [متفق عليه].
ومن العلاج أيضًا للقلق والخوف:
الاستعانة ببعض السلوكيات والتجارب الحياتية في علاج القلق والاكتئاب، بعد المحافظة على الوسائل الشرعية، ومن أبرزها:
1- الاعتراف بالمشكلة بداخل نفسكِ، وأنها مجرد مشاعر عابرة وظنون ليست لها حقائق تستند إليها، وسوف تزول يومًا ما دون أن تؤثر في حياتكِ، ويمكن التخلص منها بسهولة، دون أن تؤثر عليكِ تأثيرًا سلبيًّا.
2- استخدمي مهارة الاسترخاء، فإن تمارين الاسترخاء تُعَدُّ من الأمور التي تُقلِّل من الشعور بالتوتر، وتساعد في تهدئة التوتر والانفعال، ولذلك يُمكن أن تتعلمي تمارين الاسترخاء، وتحرِصي على التأمل؛ لكي تشعري بنتائجَ إيجابية في حياتكِ.
3- عدم الاسترسال مع الأفكار السلبية والوساوس التي ليس لها صلة بالواقع، فتجب محاولة الابتعاد عن تلك الأفكار بقدر الإمكان، ويجب أن يُعلَم أنها نتيجة شعورك المتزايد بالقلق أو الخوف، ولا يوجد لها صلة بالحياة الواقعية مطلقًا.
4- استعملي أدوات الدفاع لمواجهة الأفكار السلبية، والخوف المتزايد، وتتمثل في الآتي:
♦ أولًا: محاولة إجبار العقل على التفكير في اللحظة، والإنجاز الفوري، دون التفكير في المستقبل، مع تعزيز الجوانب الإيجابية في حياتكِ؛ حتى يمكنكِ حل مشاكلكِ بنفسكِ.
♦ ثانيًا: مواجهة الأفكار التي تجعلكِ متوترة وخائفة، والسيطرة عليها، وعدم الهروب من المواجهة؛ حتى لا تسيطر عليك، بل مواجهتها واعتبارها أوهامًا لا حقائق، وأنكِ قادرة على مواجهتها؛ ما يجعلكِ أنتِ التي تسيطرين عليها.
5- يمكن المشاركة المجتمعية عبر الجمعيات الخيرية أو الأهلية، أو دور الأيتام، أو القرآن؛ مما يجعلكِ تتغلبين على الوحدة، وتشعرين بدوركِ الإيجابي في خدمة الناس، والمساهمة في مساعدتهم.
6- يمكن ممارسة الرياضة، والنزهة البرية أو البحرية مع الأقارب، والتأمل والتفكر في آيات الله تعالى ومخلوقاته؛ مما يعطي المسلم زيادة في الإيمان، وتقدير عظمة الخالق سبحانه.
7- يمكن مراجعة مختص نفسي ثقة، يساعدِك على العلاج المعرفي السلوكي، ولو احتجتِ للعلاج الدوائي فسوف يدلكِ على ذلك.
أتمنى من المولى القدير أن يُزيل همَّك، ويُذهب عنكِ القلق والوساوس والخوف، وأن يوفقكِ لكل ما يحبه ويرضاه، إنه جوَاد كريم.
- التصنيف:
- المصدر: