أولادي يضيعون
رجل يشكو عدم ظهور أي أثرٍ لتربيته الصالحة لأولاده، فابنه الذي أتَمَّ حفظ القرآن قد صرَّح له بأنه لن يصوم رمضان، ويسأل: ما السبب؟ وما الحل؟
السلام عليكم، أنا لا أتوقف عن الدعاء لزوجتي ولأولادي في الصلوات والخلوات وفي قيام الليل، على أن حالهم لا يسرني، فقد صرَّح ابني بأنه لن يصوم رمضان، رغم أنني لم أُقصر في تربيته، وقد أتمَّ حفظ القرآن، والتغيير الوحيد أننا قد تركنا السعودية، غير ذلك فأنا لا أرى أثرًا لتربيتي ولا لدعائي، فاتَّهمتُ نفسي وراجعتها، فأنا - ولله الحمد - على خير من الله، وقد بتُّ حيرانَ في أمري، أفتونا مأجورين، وجزاكم الله خيرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فبعد قراءة مشكلتك مع ابنك تبيَّن لي بشكل واضح جدًّا أن سبب تغيُّرِ ابنك أحد الأسباب الثلاثة التالية، أو هي معًا:
الأول: تغير الجلساء، وأنت أشرتَ لذلك بطريق التلميح، عندما قلتَ بأن التغير حصل بعد رحيلكم عن السعودية.
الثاني: الدخول على مواقع إنترنت مشبوهة، تدعو للإلحاد، أو التقليل من عظمة الشعائر الإسلامية.
الثالث: أنك اعتمدتَ على تربية أصدقائه الطيبين السابقين، ولم تدعمها بالتشجيع والمتابعة، ولم تحذِّره عند الانتقال من خطورة جلساء السوء الذين قد يكونون من أقرب الناس لكم، ويبدو أن تربيته السابقة، وإن كان ظاهرها الصلاح، إلا أنها لم تكن قوية راسخة عن قناعة ولا عن قوة إيمان بالله في القلب، ويشوبُها ضعفٌ في التعظيم لشعائر الله، وهذه النوعية سهلة الافتراس من جلساء السوء، وسهلة الانتكاس؛ لأن قناعاتها السابقة هَشَّةٌ، وغير مبنية على أصولٍ متينة راسخة، ومع ذلك كله، فلا يأسَ أبدًا من استصلاحه، فما الحل لردِّه لرُشْدِهِ؟ أقول مستعينًا بالله سبحانه: الحل بالآتي:
أولًا: الاستمرار في الدعاء له بصدقٍ وإخلاص، مع عدم اليأس أبدًا.
ثانيًا: محاولة تعريفه على الصالحين، وإبعاده عن جلساء السوء، ولو كانوا من الأقارب.
ثالثًا: التقرب له والتلطف له؛ أي: لا يكون بينك وبينه حواجزُ، بل مكاشفات ومُصارحات.
الرابع: الطلب من الصالحين من معلِّمِيه الاعتناءَ بتوجيهه ومناصحته بالحكمة.
خامسًا: أن تعرف طبيعة عمره، فهو في سنِّ المراهقة سريعة التقلب، وسريعة الاستجابة للخير، ولكل ناعِقٍ بِشَرٍّ، ولذا فالزَمِ الحكمةَ في مناصحته.
سادسًا: لعلك إن كنت قادرًا علميًّا تجلس مع أبنائك كلهم جلسات أبوية وأخوية، يتخللها التذكير بفضل التوحيد، وبتعظيم شعائر الله، وتعظيم حرماته، والتذكير بالهدف من خلق الجن والإنس، وتذكيرهم بالموت والجنة والنار، وإن كنتَ غير قادر، فتحضر لهم في البيت داعيةً حكيمًا يُحسِنُ التلطف والإقناع، وكذلك تدلُّهم على مواقع إنترنت طيبة، أو ترسل لهم مقاطع يوتيوب وعظِيَّةً مؤثرة.
سادسًا: أن تطلب من خطيب الجمعة أن يخطب عن تعظيم شعائر الله، وعن خطورة بعض مواقع الإنترنت، وكذلك بعض الجلساء، وعن فضل الاستقامة وحسن الخاتمة.
حفِظكم الله جميعًا، وأسعدك بصلاح أبنائك، وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.
- التصنيف:
- المصدر: