وساوس تتعلق بالتوبة

منذ 2021-03-07

فتاة تشكو سوء تعاملها مع الآخرين، الذي يكون انعكاسًا لِما يعتريها من وساوسَ تتعلق بتوبتها، ففي كل مرة تحاول التوبة وتغيير سلوكها، تراودها وساوس بأن توبتها ناقصة أو تفرح وتعجَب بتوبتها، فتيئَس وتعود للذنب مرة أخرى، وتسأل: ما النصيحة؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

مشكلتي تكمُن في عصبيتي وسوء أخلاقي في تعاملي مع المحيطين بي، أحاول التوبة كل مرة، لكن بلا جدوى؛ إذ إنني أتوب إلى الله، وأدعوه أن يغفر لي، ثم تراودني وساوس بأنني لم أحقق شروط التوبة من الندم وحسن الظن بالله، وأحيانًا أتغلب على هذا الشعور، وأسارع للخيرات، فأفرح بتوبتي، فتنتابني وساوس بأن ذلك إعجابٌ بالنفس وغرور، فلا أدري ما أفعل، فتمتلئ نفسي ضيقًا وحزنًا، وأجدها عادت للذنب تارة أخرى، فأقوم بتفريغ ذلك الضيق في تعاملي مع المحيطين بي، أحيانًا يكون مزاحًا وأحيانًا أخرى يكون جادًّا، فأخاصم إخوتي، وذلك الأمر يؤلمني كثيرًا، رغم أنهم يعلمون عصبيتي، ويثيرون غضبي بما يفعلون من أمور، وكثيرًا ما أصرخ على أمي أيضًا، ثم إنني أشعر بالذنب بعد ذلك، لكن لا أستطيع منع نفسي، الوساوس تحيط بي، أسمعها في عقلي وفي صلاتي، ورغم أنني الملتزمة في عائلتي، فأنا أشعر أن قلبي قاسٍ، وفقدت شغفي بالأشياء جميعها، أصبحت أجد في العزلة والوحدة مهربًا؛ كي لا أخاصم أحدًا، وفي عزلتي أحفظ القرآن، أو أقرأ درسًا، أو أستمع لدرس مثلًا، أرجو منكم المساعدة، فحالتي تتطور من أسوأ إلى أسوأ، ولا فرصة لي في الذهاب إلى طبيب نفسي، فأنا أسكن في قرية ولا يمكن الذهاب إليه أبدًا، أرشدوني وجزاكم الله خيرًا، وأرجو منكم ألَّا تنشروا معلوماتي الشخصية في السؤال.

الإجابة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

أولًا: مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، ونسأل الله لنا ولكِ الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.

 

ثانيًا: مما يتبين من رسالتكِ أن هذا الاضطراب النفسي سببُهُ عدمُ التربية الإيمانية والدينية القويمة في الصِّغر؛ مما نشأ عنه عدم وجود القدوة التي يُحتذى بها.

 

وعلاج هذا الأمر بالصحبة الصالحة التي تُعين على طاعة الله، وتُذكِّركِ عند الكسل والنسيان.

 

أما عدم الاستقرار على التوبة، فهذا ناتج عن خَلَلٍ في توبتكِ كما أشرتِ في طوايا رسالتكِ، فمجرد الترك ليس توبة، وإنما للتوبة شروط؛ منها:

الندم، والبعد عن المعصية وأسبابها، والعزم على عدم العودة إليها، وردُّ المظالم التي تتعلق بحقوق الآدميين، فواجب عليكِ استسماح أمِّكِ، وطلب العفو منها لرفع صوتكِ عليها، والإحسان، وبذل الغالي والنفيس لبِرِّها.

 

ثالثًا: أما عن عدم الاستقرار في الطاعة، فلعدم وضوح الهدف لديكِ، وعدم المجاهدة في تحقيقه، فواجبٌ عليكِ الجِدُّ والاجتهاد في طلب العلم الشرعي الذي به يصحُّ اعتقادكِ وعبادتكِ ومعاملاتكِ، فلا بد:

1- أولًا: إحسان الفرائض، وتعلُّم كيفية القيام بها؛ كصفة الوضوء، وصفة الغسل، وصفة الصلاة، وصفة ثياب المرأة المسلمة.

 

2- ثم لا بد من تحديد وِرْدٍ من نوافل الأعمال؛ كقراءة القرآن، والسنن الراتبة، ونحوها.

 

3- ثم لا بد من تمرين النفس على الصبر بعدم العجلة، والتأني قبل أخذ القرارات؛ لذا شُرعت الاستشارة والاستخارة، حتى يدرك المرء أهمية التؤدة وعدم الاستعجال.

 

4- عودي نفسكِ كظمَ الغيظ بمعرفة فضله، وبالأخذ بوصية النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تغضب»، وبفعل ما أمر به عند الغضب؛ كالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، ومن تغيير الهيئة من جلوس لقيام أو لقعود، وبالوضوء، ونحوه.

 

5- وعليكِ بالإلحاح في الدعاء، ولا سيما في أوقات استجابة الدعاء؛ كالسجود والسَّحَر والسفر ونحوها.

 

6- وعليكِ بالصدق، فالله خبير بعباده، ومن طلب شيئًا بصدقٍ نَالَهُ.

 

7- وعليكِ بالإيمان، والإيمان قول وعمل واعتقاد، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، فبتحقيق الإيمان تتحسن الأخلاق والمعاملات، ويجد المسلم العونَ من الله، ويبدل من صفاته السيئة.

 

8- وبمجالسة الصالحين أصحاب الأخلاق الهادئة؛ فالمرء على دين خليله.

 

هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

  • 6
  • 0
  • 2,022

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً