أبقى مع زوجي المدمن أم أطلق؟

منذ 2021-03-29

امرأة تأخرت بها سن الزواج، فتزوجت شخصًا لا تعرفه، وبعد ثلاثة شهور من الزواج اتضح أنه مدمن، وهي في حيرة من أمرها بين البقاء إلى جواره والقيام بعلاجه، وبين الطلاق، وتسأل: ما الحل؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تأخرت بي سن الزواج، وكنت أتمنى الزواج بشدة، فتزوجت - وأنا في سن الرابعة والثلاثين - شخصًا لا أدري عنه شيئًا لولا أننا سألنا عنه ومُدِحَ لنا، وتمت الخِطبة والدخلة في نفس اليوم؛ إذ تعلَّل أهله بأنه بعيد في الجنوب ويركب الطائرة، وبعد أن تمَّ الدخول شعرت بأنه ليس طبيعيًّا؛ فهو يحرك يديه كثيرًا ويدخن كثيرًا، وبعد زواجي بثلاثة أشهر، اتصل بي شرطي وقال بأن زوجي فاقد للوعي، بسبب تعاطيه كمية كبيرة من حبوب الكبتاجون، وقد وقع ذلك الكلام من نفسي أسوأ موقع، ونزل عليَّ كما الصاعقة، وبعدها كلمت أخي وجاء وأخذني، واختفى زوجي مدة شهر، ثم أتى إليَّ يترضاني، وأنا لم أُطْلِع أحدًا من أهلي على هذا الأمر؛ كيلا تكبر المشكلة، وفي هذا الشهر الذي اختفى فيه كنت أثقف نفسي عن الإدمان، وقلت في نفسي لعل الله عز وجل اختارني لأكون سببًا في هدايته، واحتسبت الأجر عند ربي، وعدتُ له، ولم أجعله يشعر بأنه مدمن، وكنت أتعامل معه بصورة طبيعية، ثم إنه وبعد ستة أشهر عاد لأخذ الحبوب، وطلقني أكثر من ثلاث مرات، ويتعلل بأنه غيرُ واعٍ، استفتينا مفتيًا، وراجعني، أنا لا أريد أن أخسره؛ فهو طيب وكريم وحنون، ومتعلق بي، ويصلي، لكني أخاف من المستقبل وأشك دائمًا في عودته لتلك الحبوب، وأحاول أن أخلِّصه من الإدمان، وقد عرضت عليه أن يدخل مستشفى، لكنه أبى؛ بحكم أن وظيفته حساسة، وقد تحريتُ عن ذلك الأمر، وتبيَّن لي صدقُه.

 

كيف أساعد زوجي المدمن؟ وهل من الممكن أن يترك ذلك الأمر دون أن يؤثر على مخه؟ كلام الناس يذبحني، فهم يقولون إنني رضيت شخصًا مدمنًا، فمن المؤكد أن بي عيبًا، أحيانًا أشعر أنه مسكين ومغلوب على أمره، وأحيانًا تعز عليَّ نفسي وأقول: أنا لستُ مكرَهة على هذا العيش، لكن أعود وأفكر في سنِّي الكبيرة، وأني أريد أن يكون لي ذرية، وإذا طُلِّقتُ، صِرْتُ زوجة ثانية، أرجو منكم النصح، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

بسم الله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فقد ذكرتِ في بداية رسالتكِ أنه لم يكن يبدو طبيعيًّا منذ البداية، فهل فكرتِ في أنه ربما يتناول هذا العقَّار بوصفه علاجًا؟ وخاصة أنه يبدو من رسالتكِ أن أهله كانوا يُخْفُون عنكِ شيئًا ما؟

 

تقولين: "لقد اختفى شهرًا ثم عاد"، فما سبب اختفائه؟ هل كان يتعافى من أثر المخدر أو يتعافى بالمخدر؟

 

فإذا كان بالفعل مريضًا وقد خدعوكِ، فهذا لا يعني بالضرورة أن تهدمي بيتكِ، فحاولي أن تعرفي تفاصيل مرضه، ولا تخجلي من الاستعانة بأهلكِ، ووقتها الأمر لكِ، إما أن تبقي معه وتحتسبي الأجر عند الله، فغيركِ ربما تتزوج الرجل سليمًا معافًى، فيصبح وقد أعجزه المرض، فتبقى معه وتحتسب الأجر لله بقية عمرها.

 

فإن قررتِ الانفصال، فهذا حقُّكِ، ولأن تكوني زوجة ثانية أو حتى رابعة لرجلٍ يصونكِ، ويرعى الله فيكِ - خيرٌ لكِ من البقاء مع رجل قد غشَّكِ، أو مع مدمن لا أملَ في إصلاحه، ولا تجعلي خوفكِ من كلام الناس يدفعكِ للاستمرار في طريق نهايته لا تُرضيكِ.

 

وأنا أنصحكِ بالاستمرار؛ سواء كان مريضًا أو مدمنًا، فزوجكِ طيب وكريم وحنون، ويحافظ على الصلاة، هذا يعني أن علاقته بالله قائمة، وعلاقته بكِ طيبة، وهذه بداية جيدة، وأساسٌ لا بأسَ به، يمكن أن ترتكزي عليه في محاولة إصلاحه، فكلنا أصحاب ذنوبٍ ومعاصٍ، وليس فينا إنسان كامل.

 

بعض الرجال يلجأ لمثل هذه المخدرات لزيادة قدرته الجنسية، وهذا لكِ دور كبير فيه؛ فلا تُشعريه أبدًا بأنه لا يُرضيكِ، حتى ولو اضطُررتِ للتمثيل، تصرفاتكِ يجب أن تكون طبيعية، ولا تُطيلي النظر إلى عينيه، فيقرأَ ما في داخلكِ، واحرصي على أن تقتربي منه، فتكوني أمه وأخته قبل أن تكوني زوجته، فكلما زاد تعلُّقه بكِ، زاد الأمل في الشفاء، وعلامة نجاحكِ هو زيادة الوقت الذي يقضيه معكِ في البيت، وطلبه رضاكِ، وحرصه على ما يُسعدكِ، فإن علمتِ أنه تحت تأثير المخدر، فإياك والشجارَ أو حتى الجدل معه، فإن زال عنه أثر المخدر، فأحسني إليه، وحاولي من جديد، طالَما أن هناك استجابةً ورغبة منه في التخلص من الإدمان.

 

كوني حافزًا دائمًا على زيادة تديُّنِهِ، فحُثِّيه على التزام صلاة الجماعة، وعلى الصوم، وعلى العمرة والحج، واجعلي ما بينك وبين الله عامرًا، وتضرَّعي إلى الله عز وجل؛ عساه أن يهديَ لكِ زوجكِ.

 

علاج الإدمان يحتاج إلى وقتٍ طويل، ومحاولات مستمرة، وقد ينقطع المدمن عن المخدر ثم يعود إليه مرات عديدة، وكلما طالت مدة ابتعاده عن المخدر، زاد الأمل في التعافي، حتى ولو عاد إليه.

 

يمكن أن تستشيروا طبيبًا نفسيًّا في بلد آخر، ودون أن يُعرِّف نفسه ووظيفته للطبيب، فهناك أدوية تساعد على سحب أثر هذا المخدر من الجسم.

 

يسَّر الله لكِ أمركِ، وشفى لكِ زوجكِ.

  • 6
  • 1
  • 7,548

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً