زوجتي لا تحترمني بسبب ظروفي المادية

منذ 2021-08-30

رجل متزوج، مكث في السفر مدة كبيرة، ثم عاد إلى بلده، فتعسَّرت أموره، وضاقت معيشته، وأصبح يعمل عند حَميهِ، فأصبحت زوجته لا تحترمه في أي شيء، ويسأل: ما الرأي؟

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

أنا متزوج منذ ثلاث عشرة سنة، رُزقتُ بثلاث بنات، الكبرى منهن عمرها اثنا عشر عامًا، قضيتُ ثلاث عشرة سنة في السفر وكان معي زوجتي وأولادي، وقد كنت أمرَّ أحيانًا بأحوال صعبة، وكانت زوجتي لا تشتكي، وكنا سعداء ولله الحمد، وقد عدت لبلدي منذ سنتين تقريبًا، لكني لم أُوفَّق في جمع المال، فتعسرت أموري كثيرًا، فعملت عند والد زوجتي، بيد أن ظروف العمل صعبة والأحوال متوقفة؛ بسبب الظروف الاقتصادية العالمية، فأصبح الدخل ضعيفًا جدًّا جدًّا، ولا أستطيع إيجاد عمل آخر، المشكلة أن زوجتي عنيدة جدًّا، ولا تبدي لي أي احترامٍ؛ فهي تسبني وتسب الأطفال، وصوتها عالٍ باستمرار، ولا تسأل عن والدتي التي تسكن في نفس البيت الذي نسكنه لكن في شقة أخرى، رغم أنني عندما مرِضت زوجتي بسرطان الثدي، لم أُقصر معها، وأنفقت عليها ما تبقى من مال الغربة، حتى أصبحت لا أملك مالًا، وإذا ما شكوتها لأبويها، أجد ردودًا غير مقنعة ومائعة؛ مثل: حاول أن تتحمل، وقد كانت زوجتي تثق دائمًا برأيي وتأخذ به، حتى إنني سألتها يومًا: هل قلت لك يومًا شيئًا ووجدته خاطئًا؟ فأجابت أن لا، أما الآن فهي تثق في كل رأي سوى رأيي، وترى دائمًا رأيًا مخالفًا لرأيي، حتى إنها من الممكن أن تثق برأي أخيها الأصغر ولا تثق برأيي

فمثلًا: أخبرتها يومًا أن تقطع صلتها بامرأة معينة، فلم تستجب لي، بيد أنه لما أخبرتها جارتنا بذلك، قطعت علاقتها بها، رغم أنني أخبرتها بذلك منذ البداية، أرجو نصيحتكم؛ فأنا أمر بظروف سيئة جدًّا؛ فأطفالي أصبحوا بلا شخصية من جراء المعاملة السيئة لأمِّهم وسبِّها وصراخها الدائمَين، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فبعد التأمل في مشكلتك تبين لي الآتي:

1- عشتم سعداء، وزوجتك لا تشتكي أبدًا وقت التغرب للعمل، مع صعوبة ظروفكم الاقتصادية.

 

2- بعد العودة من الغربة، ساءت أحوالك الاقتصادية، وساءت معها أخلاق زوجتك.

 

3- أبناؤك بلا شخصية بسبب كثرة صراخ أمهم عليك وعليهم، وبسبب سبِّها وشتمها لكم.

 

4- واضح جدًّا فقدُ ثقة زوجتك فيك، وفي آرائك؛ ولذا تقبل من غيرك ما لا تقبله منك.

 

5- زوجتك لا تحترم أمك، ولا تسأل عنها.

 

6- واضح جدًّا من مشكلتك، ومن تجرؤ زوجتك عليك وعلى بناتك أن فيك ضعفَ شخصيةٍ، وهذا الضعف يجرئُ الزوجة، ويُفقدها الثقة في زوجها.

 

7- وواضح أيضًا أنك تفتقد القدرة السليمة على إدارة البيت اقتصاديًّا؛ ولذا لم تستطع توفير مبالغ مناسبة وقت غربتك الطويلة.

 

8- يوجد ارتباط قوي بين حالتك الاقتصادية وقت الغربة، وحالتك الاقتصادية الحالية، وبين أخلاق زوجتك، فتأثير حالتك السيئة كما تقول واضح جدًّا على أخلاق زوجتك، وربما أخلاقك أنت أيضًا.

 

9- لعل من أسباب تغير زوجتك تأثير بعض الصديقات أو القريبات؛ فعندما كانت بعيدة عنهم، كانت هادئة، وعندما قربت منهم، وكثُر الاتصال والاحتكاك، والقيل والقال، ساءت أخلاقها.

 

10- انتبها؛ فقد تكونان أو يكون أحدكما مقصرًا في الواجبات الشرعية مثل الصلاة، أو أنكما تتساهلان ببعض المعاصي؛ مثل: العقوق، أو قطيعة الرحم، أو الظلم، أو أي أمور محرمة أخرى؛ فللمعاصي أثر عجيب في سوء العشرة الزوجية، وحلول المآسي، وضعف البركة في الرزق؛ قال سبحانه: {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آل عمران: 165].

 

بعد هذا التشخيص الاجتهادي لأسباب مشكلتك، جاء دور السؤال المهم: ما الحل؟ فأقول مستعينًا بالله سبحانه:

أولًا: لا بد أن تتفقدا نفسيكما في علاقتكما بالله سبحانه، ومحافظتكما على الواجبات وترك المعاصي؛ ومن ثَمَّ تكثران من التوبة والاستغفار؛ قال سبحانه: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 - 12]، ومع الاستغفار أكْثِرْ من الاسترجاع والدعاء، ولا تيأس أبدًا.

 

ثانيًا: راجع شخصيتك؛ فلا بد من القوة والحزم في علاقتك مع زوجتك، بشرط عدم الظلم، وبهذا تحصل لك الهيبة والتقدير.

 

ثالثًا: ناصح زوجتك في أخطائها، ولتكُنِ النصيحة بقوة ممزوجة بالحكمة.

 

رابعًا: راجع تدبيراتك الاقتصادية وطريقتك في الصرف والإنفاق.

 

خامسًا: من أخطاء بعض من يتغربون كثرة الإنفاق بالهدايا للأقارب، والإسراف في ذلك؛ طلبًا للمدح، وهربًا من الوصف بالبخل، ثم يرجع لبلده بخُفَّيْ حُنين، فنفسُك وزوجتك وبناتك أولَى من غيرهم بمالك.

 

سادسًا: ذكِّرها بحقوقك الشرعية عليها من السمع والطاعة وحسن الخلق، وكذلك حقوق بناتك من حسن الرعاية والتربية والحنان، وأنت أيضًا تفقَّد نفسك، ولا تزكِّ نفسك، وعدِّل أخطاءك.

 

سابعًا: ذكِّرها أنه ما دامت أمك قريبة منكم، فمن حسن عشرتها معك، ومما يُدخل السرور على قلبك، ويقوِّي محبتك لزوجتك - أن تتلطف لأمِّكِ، وتُحسِّن أخلاقها معها.

 

ثامنًا: بيِّن لها مخاطر بعض الجليسات، وأنهن لن ينفعْنَها بشيء، بل التلقي منهن يضر بحياتكما الزوجية، ويعرضها لخطر الانفصال والتفكك.

 

تاسعًا: إن تيسر تعريفها بجليسات صالحات تقيَّات، فلعل في ذلك خيرًا كثيرًا لكما.

 

عاشرًا: إن كان في بلدكم مراكز تربوية، أو مراكز إصلاح أُسَريٍّ، فلعل في الذهاب إليهم خيرًا؛ لتلقَّى منهم التوجيهات النافعة.

 

حفظكما الله، وأعاذكما من نزغات شياطين الإنس والجن.

 

وصلِّ اللهم على نبينا محمد ومن والاه.

  • 3
  • 0
  • 7,991

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً