وساوس وقلق دائم
لدي تفكير شديد وأتأثر من أي موقف وأستفز، ما نصيحتكم؟
- التصنيفات: قضايا الشباب - تزكية النفس - أعمال القلوب -
لدي تفكير شديد، وأتأثر من أي موقف وأستفز، مع أنه قد يكون موقفًا يسيرًا جدًا، ولا يستحق الاهتمام!
كذلك لدي وسواس في أشياء حقيرة، وعندي صداع مع عصبية، فأنا أسافر دائمًا منفردًا ولا يوجد لدي أصدقاء إطلاقًا، فقط علاقات سطحية، وإذا صار لي موقف يكون لدي حب الانتقام! مع أني شخص مسالم وطيب جدًا، لكن لا أعرف كيف يأتي الشعور؟!
تأتيني أفكار غير منطقية عند حدوث أي موقف، وعندي رهاب، لا أستطيع التكلم بطلاقة في المجلس، وأخاف من السخرية، وأخاف من عدم ترتيب كلامي، وأنا أدرس مساء في الثانوية، ولا أعرف كيف أصف حالتي، وهذا شعوري، أرجو الإفادة، وشكرًا.
أخِي الكريم: يُضخِّم الإنسان بعض الأمور ويُجسِّمها، هذا معروف كصفة من صفات النفس البشرية، وفي ذات الوقت هناك بعض الناس يُحقِّرون الأمور المهمة والأمور العظيمة، وكلا المنهجين فيهما خطأ كبير.
الإنسان يجب أن يكون وسطيًا، ويُوازن بين الأمور، ويُعطي كل شيءٍ أهميته التي يستحقها، ويتجاهل الأمور التي لا تستحق الاهتمام، وأنت لديك هذا القلق الذي سبَّب لك هذا الذي تتحدَّث عنه، وأعتقد أن القلق نفسه يؤدِّي إلى انقباضات عضلية ينتج عنه الصداع.
موضوع الوسوسة وحب الانتقام: هذا معروف، أحد أنواع الوساوس التي قد يقع فيها بعض الناس، لكن -الحمد لله تعالى- الإنسان لا يتبع وساوس العنف، الوساوس قد تكون في العبادات، أو قد تكون حول الجنس، أو حول العنف، وما دام الوسواس في محتواه خطيئة أو دعوة للشر فمن رحمة الله أن الإنسان لا يُطبقه، فأرجو أن تطمئن -أيها الفاضل الكريم-.
شعورك بالرهاب خاصة في المواقف الاجتماعية وعدم ثقتك بنفسك: أعتقد أن هذا كله ناتج عن قلق المخاوف الوسواسي البسيط الذي تعاني منه، فالمطلوب منك أولًا: أن تُحقِّر الأفكار السلبية، هذا مهمٌّ جدًّا، وأن تتجاهلها، وأن تُقاومها، فهذه الثلاثة يجب أن تُطبقها.
أنا سعدتّ جدًّا أنك تدرس في الثانوية المسائية، وهذا دليل أنه لديك دافعية ممتازة إيجابية، تريد بالفعل أن تُحسِّن من مستواك العلمي والأكاديمي.
أيها الفاضل الكريم: أنا أوصيك بالصحبة الطيبة، هذا يعطيك الشعور بالأمان، ويزيل عنك الخوف من السخرية والاستهزاء في المجالس، ويُشعرك بعزة نفسك وقيمتك، ومن الأشياء المثبت أنها مفيدة للإنسان في هذا السياق:
الحرص على صلاة الجماعة: صلاة الجماعة فيها أجر وثواب عظيم، وبجانب ذلك تجعلك تتداخل وتتواصل وتتفاعل مع مجموعةٍ محترمة ونقيَّةٍ من الناس، ومثل هذه المعارف تجعل الإنسان مطمئنًا، فأنا أرجوك أن تبني علاقات اجتماعية على هذا السياق.
صلة الرحم أيضًا مفيدة، زيارة المرضى في المستشفيات، مشاركة الناس في المناسبات -خاصة الأعراس- الذهاب إلى أماكن التسوق متى ما كان ذلك ضروريًا... وهكذا.
إذن من خلال هذه التفاعلات الاجتماعية تستطيع حقيقة أن تبني شخصيتك، أن تستعيد ثقتك في نفسك، وأن تطوِّر مهاراتك، وهذا هو الذي أنصحك به، وأنا أرى أنه من الأفضل لك أيضًا أن تتناول دواء بسيطًا جدًّا لقلق المخاوف الوسواسي، وسوف يفيدك كثيرًا.
إنِ استطعت أن تذهب إلى الطبيب -الطبيب العمومي أو الطبيب النفسي- فهذا أمر جيد، وإن لم تستطع فيمكنك أن تتحصَّل على الدواء من الصيدلية، بشرط أن يكون عمرك أكثر من عشرين عامًا. الدواء يعرف تجاريًا باسم (زولفت Zoloft) أو يعرف تجاريًا أيضًا باسم (لسترال Lustral) ويسمى علميًا باسم (سيرترالين Sertraline) الجرعة هي نصف حبة (خمسة وعشرون مليجرامًا) لمدة عشرة أيام، ثم حبة واحدة ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يوم لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
الدواء من الأدوية السليمة، ولا يُسبب الإدمان، وهو قطعًا مفيد بإذنِ الله تعالى.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.