تربية ولدي يتيم الأب
ابني في الثانية عشر من عمره وهو يتيم الأب، فكيف أتعامل معه؟
- التصنيفات: فقه المعاملات - التربية والأسرة المسلمة - تربية الأبناء في الإسلام - طلب العلم - استشارات تربوية وأسرية -
توفي زوجي وابني لم يبلغ العامين من عمره، والآن أصبح عمره 12 عامًا، أعاني في التعامل معه فهو عصبي جدًا، ودائمًا يشعر بالغيرة من أخته التي تصغره بعام، رغم أني لا أفرق في التعامل بينهما، بل أشجعه أكثر في الدراسة؛ لأني أعرف قدراته وقدراتها، يتعبني كثيرًا في مذاكرته بالرغم من مدح مدرسيه لمستواه، ويقولون أن مستوى ذكائه ممتاز، لكن يجب عليه المذاكرة ليصبح متفوقًا، وهو لا يرغب في المذاكرة، ودائم الشجار معي والعناد، وأنا لا أخفي عليك أغضب عليه لقلة مذاكرته، فهو ضعيف في القراءة، ماذا أفعل؟ هو في الصف السادس الابتدائي، وأنا أشجعه بأشياء ثمينة ولا أعلم كيف أتعامل معه عمومًا في كل النواحي، فأنا أم وأب في وقت واحد.
شكرًا لك على الكتابة إلينا، وأعانك الله وجزاكِ خيرًا على الدور المزدوج الذي تقومين به في تربية الطفلين.
الأصل في طفل في هذا العمر اليافع أنه يسهل علينا السيطرة عليه وحسن توجيهه بالطريقة التي نريد، ليس بالضرب أو العنف أو القسوة، وإنما بحسن الفهم للمهمة المطلوبة منّا، ومن خلال الاستيعاب والتدبير، وأريد أن أطمئنك أن هناك أملاً كبيرًا 100% من حسن تدبير التعامل مع طفلك، ولكن لابد لهذا من أمرين مطلوبين:
الأول: أن نتعلم مهارات تربية الأطفال والتعامل معهم، وما هي احتياجاتهم وكيفية تلبيتها، وسواء تم هذا التعلم من كتب تربية الأطفال، أو من خلال دورات تدريبية متخصصة للآباء والأمهات في مهارات تربية الأطفال والتعامل معهم، طبعًا من الصعب جدًا أن نشرح هنا كل شيء في مهارات تربية الأطفال فهي كثيرة جدًا، وبدلًا من تقديم سمكة فالأفضل أن أدلك على طريق الحلّ، بأن تتعلمي صيد السمك بمعرفة أين تتعلمين تربية الأطفال من خلال هذه الكتب أو الدورات المتخصصة.
الثاني: التحلِّي بالصبر والهدوء أثناء التعامل مع الأطفال، والابتعاد عن الشدة والتوتر، فهذا لا يزيد الطفل إلا عنادًا وصعوبة وتوترًا، ومن الطبيعي أيضًا أن تتمني لطفلك التفوق والنجاح، لكن وكما تعلمين؛ إننا لا نحقق كثيرًا من الفائدة بمجرد الشدة، فهذا لا يزيده إلا ارتباكًا وترددًا وضعفًا في المواقف والشخصية.
لابد من تعزيز ثقة الطفل في نفسه أولًا، مما يزيد من إمكاناته وقدراته، وذلك عن طريق التركيز على ما يحسنه ويتقنه بشكل إيجابي، لا بالتركيز على ما لا يحسنه ويعجز عنه، فالنجاح يؤدي للمزيد من النجاح، وبعض الأطفال في حاجة لتكرار الدرس والشرح في بعض المواد، ولابد لنا هنا من الصبر والمزيد من الصبر والهدوء، فالشدة والارتباك لا تزيده إلا ترددًا وضعفًا.
يمكنك تعزيز ثقته بنفسه أيضًا من خلال الأنشطة المختلفة غير الدراسية كالرياضة والهوايات المختلفة، فهذه كلها تقوي من ثقته في نفسه، مما يُسَهّل عليه تعلم أي مادة مدرسية، هذا بالإضافة إلى أن هذه الأنشطة تقربك أكثر من طفلك ومن أخته أيضًا، ويمكن أن تحسّن العلاقة بينهما مما يمكن أن يخفف من المشادّة بينهما.
ولابد في كل هذا من أن تكوني حازمة معه في تنفيذ ما تعتقدين بأنه التصرف الأفضل والعادل، والحزم معه في تنفيذ المطلوب لا يعني الشدة أو التوتر، إنما أنك جادة في تنفيذ العمل المطلوب وبمنتهى الهدوء.
وإذا وجدت صعوبة في الهدوء وفي ضبط أعصابك، فربما يفيد أن لا تهملي نفسك في رعايتها، وما يمكن أن يعينك على الهدوء والاسترخاء، وذلك عن طريق تنمية هواياتك الخاصة، والمفيدة بالذات لك أنتِ، وكما يقول الرسول الكريم: « » (صحيح الترمذي[2413]).
حفظ الله طفليك وجعلهما من المتفوقين، وأعانك على هذا الجهاد الذي أنتِ فيه.