كيف أتعامل مع هذا النوع من البشر؟!

منذ 2017-05-02

سؤالي يدور حول صديق لي، غير ملتزم، ونصحته ذات مرة لما عرفت تقصيره في الصلاة؛ فانتصح إلا أن هذا لم يدم؛ فما هي إلا أيام وعاد إلى سايق عهده! السبب في ذلك أصدقاؤه، الذين ما إن يسهر معهم، أو يخرج معهم؛ حتى ينقلب 180 درجة عما تركته عليه!!

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته الأخوة الكرام..

شكر الله لكم هذه الجهود الخيرة النيرة، وما تقدمونه من نفع للإسلام والمسلمين...

 

سؤالي يدور حول صديق لي، غير ملتزم، ونصحته ذات مرة لما عرفت تقصيره في الصلاة؛ فانتصح، حتى إنه كان في بعض الأحيان يوقظني لصلاة الفجر، وتوقف عن سماع الأغاني، وقد كنت عنده الصديق الموثوق به إلى حد كبير..

 

إلا أن هذا لم يدم؛ فما هي إلا أيام وعاد إلى سايق عهده! السبب في ذلك أصدقاؤه، الذين ما إن يسهر معهم، أو يخرج معهم؛ حتى ينقلب 180 درجة عما تركته عليه!!

 

حاولت أن أوفر له أصدقاء من أهل الالتزام، لكنهم ليسوا كأصدقائه الذين اعتادهم..

 

لقد تعبت معه كثيراً، وآلمني حاله جداً، علماً أنه شغل جزءاً كبيراً جداً من تفكيري، لكن وا أسفى، لا حياة لمن تنادي، قهرني ذلك، وتضايقت كثيراً، فماذا أفعل؟؟

 

أبني، ثم أجد غيري يهدم في ساعة ما أبنيه في أسبوع! فكيف أصنع مع هذا الشخص، سريع التأثر، سريع التقلب، سهل الانجذاب وراء أي شخص؟؟!!

 

أرشدوني.. وإن كان هناك مجموعة من الكتب في هذا الخصوص؛ فدلوني عليها.

أنتظر ردكم على أحرِّ من الجمر..

الإجابة:

أخي الكريم.. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وأهلاً وسهلاً بك..

وأسال الله أن يجزيك خير الجزاء على الاهتمام بالدعوة إلى الله، والحرص على هداية الناس إلى طريق الخير؛ امتثالاً لأمر الله -سبحانه- القائل: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران:104].

 

ويسعدني الإجابة عن سؤالك بالنقط التالية:

أولاً: صديقك فيه خير كثير، ولكنه يعاني ضعفاً في شخصيته، خاصة في هذه المرحلة العمرية، التي تطرأ على الشاب فيها بعضُ التغيّرات والتأثيرات والتقلبات المختلفة، ولذلك لابد من متابعة دعوته وحثه على طريق الخير، وعليك أن تصبر وتحتسب، ولا تيئس أبداً؛ فلربما كتب الله- سبحانه- هدايته على يديك.

 

ثانياً: ادع الله له بظهر الغيب، فالدعاء لأخيك المسلم بظهر الغيب مستجاب عند الله- سبحانه- كما في حديث أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال:

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( {مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ؛ إِلاَّ قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ}. (أخرجه مسلم).

وفي رواية صفوان بن عبد الله بن صفوان، وكانت الدّرداءُ تحته «أي زوجته»،

قال: «قَدِمْتُ الشَّامَ، فَأَتَيْتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ فِي مَنْزِلِهِ، فَلَمْ أَجِدْهُ، وَوَجَدْتُ أُمَّ الدَّرْدَاءِ، فَقَالَتْ: أَتُرِيدُ الْحَجَّ الْعَامَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ! قَالَتْ: فَادْعُ اللَّهَ لَنَا بِخَيْرٍ؛ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كَانَ يَقُولُ:دَعْوَةُ الْمَرْءِ الْمُسْلِمِ لأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ مُسْتَجَابَةٌ، عِنْدَ رَأْسِهِ مَلَكٌ مُوَكَّلٌ، كُلَّمَا دَعَا لأَخِيهِ بِخَيْرٍ؛ قَالَ الْمَلَكُ الْمُوَكَّلُ بِهِ: "آمِينَ، وَلَكَ بِمِثْلٍ».

قَالَ: «فَخَرَجْتُ إِلَى السُّوقِ، فَلَقِيتُ أَبَا الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لِي مِثْلَ ذَلِكَ، يَرْوِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ». ( أخرجه مسلم) .

 

ثالثاً: اقترب منه أكثر، بالمعاملة الحسنة، والابتسامة، وبذل المعروف له، والنصح باللين، مع الحرص على إيجاد البدائل المناسبة له، وحبذا لو أهديت له الفينةَ بعد الفينة هديةً ما -على قدر استطاعتك- ولتكن كتاباً مشوِّقاً، أو شريطاً يذكره ويرشده إلى سلوك طريق الخير.

 

رابعاً: أرشده إذا وجدت منه إقبالاً على طاعة الله- ليسلك طريق طلب العلم الشرعي، ورغِّبْهُ في هذا الأمر؛ فطلبُ العلم حصنٌ حصين من الوقوع في المهلكات، وهو سببٌ في معرفة مداخل الشيطان وطرقه.

 

خامساً: الجِدُّ والاجتهاد وبذل الأسباب في الدعوة إلى الله مطلب شرعي، ولكن احذر كل الحذر أن يشغلك التفكير في صديقك عن القيام بواجباتك وعبادتك وأعمالك، ويؤثر في نفسيتك ويضايقك، ويسبب لك الهم والغم.

 

وحاول أن تشغل نفسك بما يعود عليك بالنفع، فكما تعلم أن الهداية بيد الله عز وجل؛ يقول الله تعالى: {إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ} [القصص:56]، ويقول تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} [البقرة:272].

 

سادساً: هناك بعض الكتب المناسبة والمفيدة، مثل:

1 - الجواب الكافي لمن سأل عن الدواء الشافي، للإمام ابن القيم.

2 - الفوائد، للإمام ابن القيم.

3 - التميّز في فهم النفسيات، للأستاذ أكرم عثمان.

4 - ترويض الشخصيات البشرية، للأستاذ أكرم عثمان.

 

أسأل الله أن يوفقك، وأن يفتح لك أبواب الدعوة إليه، وأن يرشد صديقك إلى طريق الخير، ويثبتنا وإياكم على الحق.

أ. محمد الحازمي

  • 0
  • 0
  • 6,682

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً