زوجتي والإنترنت.. دع القلق وابدأ (الحوار)!

منذ 2015-07-13

السلام عليكم إخواني الأفاضل، أنا عاقد على زوجتي ولم أدخل بها بعد، هي منتقبة قبل أن أقدم لخطبتها بفترة بسيطة، وقبل ذلك كانت فتاة عادية تعيش حياتها كباقي البنات غير الملتزمات. وقد أحببتها وأحسست أن عقلها كبير لكني أشعر أحيانا بأنها مخادعة في الكلام عن بعض الأمور.

السؤال:

السلام عليكم إخواني الأفاضل، أنا عاقد على زوجتي ولم أدخل بها بعد، هي منتقبة قبل أن أقدم لخطبتها بفترة بسيطة، وقبل ذلك كانت فتاة عادية تعيش حياتها كباقي البنات غير الملتزمات. وقد أحببتها وأحسست أن عقلها كبير لكني أشعر أحيانا بأنها مخادعة في الكلام عن بعض الأمور.

ومن ناحيتي كنت ملتزمًا منذ صغري ولكن ظللت فترة أدخل النت وأمارس بعض النشاطات المخلة، وأتحدث مع بنات وأشاهد بعض المحرمات ولكني أقلعت عن ذلك كله وتبت قبل أن أخطب تلك الفتاة، ولكن لما أتحدث معها عن أشياء على الإنترنت أجد عندها خلفية عنها مثل الشات وغيره، مع أني لما أسألها عن دخولها النت تنفي أي علاقة لها به، لكني أشعر عند اتصالي بها أنها تجلس أمام الحاسب وأشعر بتأثير موجات الهاتف على الجهاز أمامها على الرغم من نفيها.

بالإضافة لذلك كانت لي علاقة "شات" في الماضي بفتاة كانت تدخل بنفس اسم زوجتي؛ حتى إني شككت أنها هي نفسها، وأخشى أن أكون عوقبت بذنبي، لكني لا أستطيع الجزم بأن زوجتي تستخدم النت بطريق مشروع أو غير مشروع. والآن أشعر بحيرة شديدة، وحياتي أصبحت جحيماً لا يطاق واستبد بي التفكير في الموضوع كثيرًا، مع أن فتاتي منتقبة منذ فترة كما ذكرت وتحافظ على الصلوات ولديها ثقافة إسلامية معقولة. لكن يلاحقني الشك في إخفائها الحقيقة بشأن علاقتها بالانترنت؟ ولماذا تنفي وجوده لديهم في البيت؟

أريد مساعدتكم بارك الله فيكم. أنقذوني من حيرتي؛ فرج الله كروبكم، وجزاكم عني خير الجزاء...

الإجابة:


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ومرحبا بك أخي الفاضل في موقعك المبارك "المسلم"، وشكر الله لك حسن ظنك، وفرج الله كربك وأصلح لك زوجك ويسر أمرك وأعانك.

مشكلتك أخي تتعلق بشكوك وظنون تدور في رأسك حول علاقة زوجتك الكريمة بالشبكة العالمية (الإنترنت) التي غزت بيوتنا وملتقياتنا وأماكن عملنا؛ فلم يعد منها فكاك ولا مهرب! ومن فضل الله ورحمته أن لها جانباً من الخير من آثاره هذا التواصل بينك وبين هذا الموقع المبارك لطلب النصح والمشورة.

ثم إن جزءاً من هواجسك يمور في نفسك؛ خشية أن تكون معاقباً بما ابتليت به في وقت سالف من محاثات محرمة مع فتيات على الإنترنت، كما أنك تبني تصوراتك تجاه الزوجة الفاضلة على أمرين: الأول: حداثة تدينها والتزامها على حد قولك، والآخر: عدم ثقتك في إنكارها لعلاقتها بالإنترنت.

أخي العزيز: لقد سبق المرور على ما يقارب مضمون هذه المشكلة في استشارات سابقة، وقد أوصيك هنا بما ذكرته هناك، مع مزيد مما يناسب مع حالتك بالتحديد. وفي البدء أود أن تستحضر معي هذه الحقائق والصور الذهنية لتتضح الرؤية أمامك بشكل أفضل تجاه حل المشكلة بعون الله تعالى.

أولاً: العلاقة علاقة زواج؛ فقد تم العقد، وتنتظران الزفاف، بإذن الله تعالى.

ثانيًا: الزوجة الكريمة (جزاها الله خيرًا) تلتزم بالحجاب إلى حد تغطية الوجه وتحافظ على الصلوات ولديها ثقافة إسلامية جيدة.

ثالثاً: تتسم بالاتزان والعقل الكبير، كما تصفها.

فهذه حقائق ثلاث بين يدي أوهام وهواجس تتمثل فيما يلي:

أولاً: الشك في جدية التزامها!

ثانياً: الشك في علاقتها بالإنترنت، مشروعة أم محرمة!

ثالثاً: الاستناد لظنون وقرائن مثل ذبذبات الجهاز لدى اتصالك بها!

وبعد هذه المقابلة بين الحقائق والأوهام آمل أن تكون قد وضعت يدك معي على بداية الطريق الصحيح (الحوار)!

نعم، ثق أخي الحبيب أنك بعد دعاء الله وعونه جل وعلا لن تجد سبيلاً لتبديد هذه الحيرة أفضل من المصارحة النبيلة المهذبة، والحوار الراقي الودود، مع شريكة المستقبل.

دع عنك هذا القلق الذي يرتع في شكوك وظنون لا تنهض أمام الحقائق الطيبة الناصعة، فقد دخل "الإنترنت" إلى غالبية بيوت المسلمين، ولم يعد من الممكن بناء تصوراتنا عن الناس على مجرد وجوده لديهم، ولا حتى على استعمالهم له، وإلا أصبح الناس قاطبة في عداد المتهمين؛ إلا أن نرى شيئًا منكرًا ظاهرًا فنتواصل بالنصح بالمعروف.

افتح قلبك لزوجتك، وحلّقا معا في آفاق رحيبة عالية تجاه بيت المستقبل، وحرصكما معا على تأسيسه على تقوى من الله ورضوان؛ لتحيط به البركات؛ فهذا التذكير لك ولها يهز القلوب ويعينها على مقاومة الفتن والمغريات؛ مخافة تهديد العش الجميل بالمعاصي والمنكرات {فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات:55].

تحاورا وتشاورا حول كيفية التعامل مع هذه التقنيات في بيت المستقبل؛ لتوصل لها من خلال ذلك رسائل مبكرة غير مباشرة من زوج حبيب مشفق، وليس بمرتاب قلق!

اطلب منها طلبًا صريحًا أن تتواصل معك على هذه الشبكة؛ لتمنحها ما يغنيها عن أي فراغ تخشاه أمام هذه الشاشات، وأغدق عليها بالرسائل الدعوية الجميلة وسط منوعات طريفة ومسلية في دائرة الحلال المباح، ثم اجعل من بعضها مادة للحوار عند تواصلكما بلقاء أو مهاتفة.

ولا تنس بحال استمالة قلبها ومشاعرها بالود والهدايا العينية؛ فمظاهر اهتمامك بها بإذن الله من أفضل وسائل الوفاء وحفظ الغيبة؛ إكرامًا وامتنانًا للعشرة الطيبة.

ومن جهة أخرى، وكما أوصيت في الاستشارات السابقة المماثلة، احرص على دعم جهودك الشخصية بمعينات مباركات من خلال الجانب النسوي في أسرتك؛ بحيث يكون لوالدتك أو أخواتك إشارات لطيفة في هذا الشأن، دون أن تكون ديدن الحوار والشغل الشاغل لهن.

وتذكر أخي قول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْم} [الحجرات من الآية:12]. وقول حبيبنا وقدوتنا صلى الله عليه وسلم: «إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث» (متفق عليه)؛ فلا تسلم قيادك للوساوس والهواجس، وحوّل الوقت المستغرق فيها إلى وقت للتواصل والتواصي والحوار والتذكير!

وقبل ذلك ومعه وبعد معك سلاحك الضارب "الدعاء"، وما أدرك ما الدعاء؟! أكرم شيء على المولى الجليل؛ فبه يندفع البلاء ويتحقق الرجاء؛ بفضل رب الأرض والسماء.

وفقكما الله وبارك فيكما وجمع بينكما على خير في تأسيس بيت يكون للمتقين إمامًا.


خالد عبداللطيف - 25/8/1433 هـ
 

  • 1
  • 0
  • 3,768

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً