كنتُ متفوقة؛ لكن تغير الحال!!
ومع نتيجة إهمالي مادتين حصلت على نتيجةٍ عادية جداً بالنسبة لي، والحمد لله على كل شيء، فصدمت، وتزعزعت ثقتي بنفسي، بالرغم من وقوف البعض معي، إلا أني اهتممت بمن نظر إلي نظرة ازدراء أكثر من اهتمامي بمن أكدوا أني الأفضل رغم كل شيء، ثم دخلت التخصص الذي أحبيته، ومشاعري كانت طول الوقت مضطربة: حماس، ثم إحباط، ثم حزن، ثم حماس كبير، ثم إحباط.. وهكذا،
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
أنا البنتُ الصغرى المدللة ببيتنا، أصلي والحمد لله، لكني لست محافظة جداً على ديني، فأحياناً يأتي وقتُ أكون فيه مواظبة، وأحياناً يأتي وقتُ والعياذ بالله يصيبني فيه خمولٌ رهيب، والشيطان وخاصة في السنوات الأخيرة يتمكن مني بسهولةٍ تامة.
من أول سنة لي في الدراسة وأنا والحمد لله دائماً الأولى، حتى عندما كنت أتراجع قليلاً، لا ألبثُ حتى أستجمع قواي، وأسترجع مكانتي، ودائماً كنتُ متميزة،
حتى أصبحتُ مقبلةً على شهادة البكالوريا، أي كانت أسرتي وأساتذتي ينتظرون مني تحصيل درجة ممتازة، وواله لا أملكُ الكلمات لوصف التوتر والخوف الذي أصابني، خاصةً مع قرب الاختبار،
لكني كنت أظهر أني بخير، وسأحقق الأفضل ربما اهتممتُ برأي من حولي كثيراً، ومع نتيجة إهمالي مادتين حصلت على نتيجةٍ عادية جداً بالنسبة لي، والحمد لله على كل شيء،
فصدمت، وتزعزعت ثقتي بنفسي، بالرغم من وقوف البعض معي، إلا أني اهتممت بمن نظر إلي نظرة ازدراء أكثر من اهتمامي بمن أكدوا أني الأفضل رغم كل شيء، ثم دخلت التخصص الذي أحبيته،
ومشاعري كانت طول الوقت مضطربة: حماس، ثم إحباط، ثم حزن، ثم حماس كبير، ثم إحباط.. وهكذا،
ونفسيتي تتعب، دخلت الكلية وأنا كلي إصرار أن أسترجع مكانتي، لكني كنت بصعوبةٍ أجمع مجموعاً حتى أنجح، ولا أدرس جيداً، بالرغم من أني أحب تخصصي، وأنام محبطةً، وأصل لكره نفسي، وأن أعود للنت والمسلسلات وغيرها، وأحياناً أبكي على نفسي وكيف صارت!
أنا الآن بإقامة جامعية، ومن أول السنة وإلى اليوم سنة ثالثة لم أستطع أن أتأقلم، في عامي الثاني واجهت مشكلة
فوبيا رهيبة من الحيوانات الصغيرة: الجرذان، والزواحف؛ لأني وجدت بعضها في غرفتي، وهنا بدأ الهلع، وبدأت الوساوس، وأصبحت الثقة بنفسي معدومة، ودائماً خائفة،
من ماذا؟ لا أعرف، وأخاف من الغد، وأخاف من أن يغدر بي صديقاتي، وأخاف من الوحدة، ومن الظلمة، ومن الليل، وأخاف من الناس، ودائما أترقب شيئاً سوف يحصل لي، لدرجة أني منذ شهر استيقظتُ وأنا فزعة، وتهيأ لي أن روحي سوف تنقبض، وصليت وكأني أنتظر ملك الموت لكي يقبضها، ودائمًا عندي وساوس، ولا أقرض حاجاتي؛ لأني أخاف العين والسحر، ودراستي تتدهور، ولا أحس بطعم الحياة، وواله إني لا أطيق السكن الجامعي، وبدأت أشك أن بي عيناً أو سحراً، لكني استمعت للرقية من الكمبيوتر مراتٍ ومراتٍ، ولم أتأثر، حتى وصل بي الأمر أن فكرت بالانتحار غفرانك ربي، وأعرف أن هذا كله خطأ، لكن ليس بيدي، دراستي أكثر شيء يُعذبني، والمخاوف تنهش في عظمي، فلا سعادة أحس بها، ولا حياة أستمتع بلحظاتها. أفيدوني جزاكم الله خيراً.
توصيف المشكلة وتحديدها:
1- ذكرتِ أختنا الفاضلة أنك البنت الصغرى المدللة.
2- هناك تكاسلٌ في الصلوات والالتزام بتعاليم الدين.
3- كنت متفوقة في دراستك، ومرتبتك هي الأولى على زميلاتك.
4- أصبتِ بصدمةٍ زعزعت ثقتك في نفسك عندما أخفقتِ وهبط مستواك في الاختبار
5- لديك خوفٌ شديد من الزواحف والجرذان.
6- تطور الخوف عندك إلى حالةٍ شديدة، حتى صرت تخافين من أي شيء، حتى فكرت في الانتحار والعياذ بالله.
7- شخَّصت حالتك أنها ربما تكون عيناً أو سحراً.
الحلول والعلاج:
1- ننصحك بأن تستبعدي فكرة العين والسحر نهائياً، وألا تستسلمي لها؛ لأن ما ذكرتيه لا علاقة له بالسحر، وإنك إذا استسلمت لها؛ فإنها ستوصلك إلى متاهاتٍ أنت في غنىً عنها.
2- ننصحك بالمزيد من التمسك بالدين، والأذكار الصباحية والمسائية، والمحافظة على الصلوات في وقتها؛ فالصلاة نورٌ، وهي صلةٌ بين العبد وربه، وإذا توثقت الصلة بينك وبين ربك؛ فإن هذا يُساعدك كثيراً في الثقة بنفسك، وعدم الخوف من الوحدة ومن كل شيء.
3- حالة التفوق الدراسي ثم النكسة بعد ذلك يمر بها كثيرون، وبعد تحليلنا للعديد من الحالات التي مرت بنا؛ وجدنا أن هذه الانتكاسة أحد أهم أسبابها: حدوث حدثٍ غريبٍ في حياتك، كفقدان عزيز أو قريب لك جداً، أو الوقوع في حالة تعلق وحب وغرام، أو الوقوع في حالة ظلم؛ هذه أبرز الأسباب التي تتسبب في تحول مفاجئ من التفوق إلى التراجع للوراء، ثم تزداد هذه الصدمة، وتتولد عنها صدمات أخرى، مما يؤدي إلى خوفٍ واضطرابٍ ووسوسة.
ولكن نبشرك بأن الدراسات النفسية تثبت أيضاً أن الكثيرين تمكنوا من العودة إلى حالتهم التفوقية الأولى بعد مرورهم لسنواتٍ في حالة التراجع والانتكاسة؛ وذلك عندما تمكنوا من فهم ما يحدث فهماً جيداً، وعندما تمكنوا من إزالة الأسباب التي حدثت، أو على أقل فهم دوافع تلك الأسباب.
4- أما بخصوص الخوف؛ فهناك خوفٌ طبيعي يحدث للإنسان للحفاظ عليه، وهناك خوفٌ غير طبيعي، أو يمكن أن نطلق عليه: الخوف المرضي.
وهناك بحثٌ جديدٌ أجراه علماء الأعصاب بجامعة كاليفورنيا الجنوبية؛ أظهر أن فقدان بروتين بالمخ ربما يكون هو المسؤول عن حالات الشعور بقلق مفرط، حيث يستمر الإحساس بالخوف حتى مع زوال ما يبعث على الخوف.
والخوف كما يؤكد علماء النفس حالة شعورية تحدث لعقولنا؛ لتساعدنا في تفادي ألم ما، وهذا الخوف يمكن أن نوظفه لصالحنا؛ وذلك بأن نأخذ خطوات سريعة تجاه الحلول.
5- ونحذرك أختنا الفاضلة من الاستسلام للخوف؛ فهو قد يعطل عقولنا، ويضعف قدراتنا، ويجعلنا عاجزين عن التفكير، ويعيقنا عن التفوق في الحياة والتغلب على مشاكلها.
وأنت أختنا الفاضلة أمامك خياران:
أ- إما الاستسلام للخوف، وبالتالي تتفاقم المشكلة لديك إلى أكثر مما وصلت إليه، وإلى وساس لا يعلمها إلا الله.
ب- وإما أن تركزي على هدفك، وتكافحي بما أعطاك الله من قوةٍ في التفكير، وعقل واعٍ حتى تصلي إلى أهدافك في التفوق الدراسي، وفي الحياة كلها.
باختصار أقول لك أختي الفاضلة: في اللحظة التي تقررين أنك ستواجهين الحياة، وتكونين على قدر المسؤولية تتغير حياتك بإذن الله تعالى، وتزول كل تلك المخاوف، وتتلاشى إلى الأبد.
وفقك الله، وسدد خطاك، ونسأل الله تعالى أن نراك وأنت تحملين شهادة الدكتوراه قريباً إن شاء الله.
المستشار: د.يحيى الغوثاني