اتهمتني أم زوجي، فهل لي أن أمتنع عن زيارتها؟

منذ 2015-07-12
السؤال:

أنا امرأة متزوجة ولدي من الأطفال 3، ولله الحمد، وأنا الآن حامل، وقبل ما يقارب الشهر تقريباً ذهبت للسلام على أم زوجي، وفي أثناء كلامنا اتهمتني بأني أخلو مع السائق، وكان بمسمع من بنت ابنها وأمها، وأنا مسكت أعصابي ولم أتكلم بأي كلمه، وبعد عودتي إلى البيت أخبرت زوجي فتفاجأ من كلام أمه؛ فقررت أن لا أقابلها، ومع مرور هذا الشهر كثرت المشاكل بيني وبين زوجي بسبب عدم ذهابي إليها، وأنا لا استطيع مشاهدتها، فقد تعبت نفسيا ولا أحب أن تٌذكر عندي وأما زوجي فانه لم يعمل شيء ويغضب غضبا شديد إذا رفضت الذهاب إليها؛ أرجوا مساعدتي بحل بأسرع ما يمكن مع العلم أنني لم امنع أبنائي من الذهاب إليها والسلام عليها.

ولكم جزيل الشكر والعرفان.

الإجابة:

أختي السائلة الكريمة بداية حفظ الله ذريتك وأقرَّ عينك بالولد الصالح الذي يبرُّكِ ويطيعك في مرضاة الله.

مشكلتك مع أم زوجك هي مشكلة تتكرر في البيوت مع زوجات الأبناء وأمهات أزواجهم، وتتنوع مشاكلهم بحسب لغاتهم وأفكارهم وطبائعهم، وبحسب تربيتهم وظروف معيشتهم، وهناك منهم من ينجح في التأقلم معها وتحديها، ومنهم من يفشل في التغلب عليها.

وأم زوجك كأية حماة قد يصور لها عقلها البسيط وسذاجتها، أشياء غير حقيقية فتتهمك وتخطئ في حقك، أو لعل هناك من وسوس لها ونقل إليها خبرا عنك لحسد أو غيرة أو رغبة شيطانية في التفريق بينك وبين زوجك، وما أكثر شياطين الإنس.

 

وأنت تعلمين أختي الكريمة مجالس النساء وما يجري فيها من الخوض في أحاديث قد توقع النساء في غيبة أو نميمة، أو تتبع عورات بعضهن وفضح أعراضهن. إلا من سلم منهن قلبها من الخبائث، وقوي إيمانها، وخافت ربها، وأحست برقابته في سرها وعلانيتها، فحفظت لسانها من كل لفظ سوء.

 

كما أن الناس في تلقي الأخبار حال ورودها أصنافا ثلاثة: إما قبول الخبر، أو رد الخبر، أو التثبت فيه، بحسب نضجهم، وأخلاقهم، ووعيهم الديني، وقدرتهم على التمييز بين الحق والباطل.

 

لهذا كان من حكمة ديننا الحنيف أنه وجهنا لنتحرَّى في تلقِّي الأخبار قبل الوقوع في أعراض المسلمين، وتتبًّع عوراتهم، ونشر عيوبهم، واتهامهم زورا وبهتان، وأوجب الله علينا التبيُّن من الأخبار والتثبُّت منها حال ورودها، فقال في محكم تنزيله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6].

 

فلعل أم زوجك بلغها خبر عنك، فتلقته على محمل الجد، ولم تتبين صدقه من كذبه، فتسرَّعت في الحكم عليك، وتعجَّلت في اتهامك ممَّ أنت منه براء، لأن عاطفتها غلبت حكمة عقلها، وحبها لابنها وغيرتها على عرضه سبقت عدلها وإنصافها.

 

فتعاملي مع هذا الموقف بحكمة، واغفري لحماتك ما اتهمتك به على شدته، لأجل كبر سنها، ولأنها جدة أولادك وأم زوجك.

 

أعرف أن الجرح عميق، وليس سهلا عليك أن تنسي الأذى والإهانة التي تعرضت لها، ولكن حبك لزوجك ولأولادك ولأسرة زوجك، يشفع عندك لتسامحي وتغفري.

 

ولكن لابد من أن تجلسي قبل ذلك مع حماتك وزوجك جلسة عائلية لتصفية القلوب، ومعرفة أسباب اتهامها لك، ولأجل أن تدافعي عن حقك، وتبرئي نفسك من كل ما اتُّهمت به، مع التزامك احترام حماتك وزوجك، لأنها بكل الأحوال هي والدته، مهما كانت في نظرك سيئة، وحبها يتقدم حبه لك، وإهانتها إهانة له، وإكرامها إكراما له.

 

وحاولي أن تظهري قوتك في حفاظك على اتزانك، وتأكدي أن حوارك بأسلوب راقٍ مع حماتك، سيدعوها لتعيد النظر فيما قالته، وتحس بخطئها، وحتى في حالة ما إذا ظلت مصممة على رأيها فيك، يكفيك ثقتك بنفسك وثقة زوجك بك وبأخلاقك.

 

كذلك أنصحك أختي الكريمة أن ترضي زوجك بزيارة أمه، حتى لا تعتقد أنك تهربين من مواجهتها، فتؤكدي بذلك شكوكها، وصدق الخبر المنقول إليها، ولأجل صيانة كرامة زوجك، وسلامة قلبه من رياح الشك تعصف به.

 

وبكل الأحوال فأسرة زوجك بما فيهم حماتك مهما يصدر عنهم من أصناف الأذى، ترفَّعي عن ذلك بالصبر، والتعامل مع كل موقف بهدوء وبحكمة، واستجلاب محبتهم ورضاهم ما استطعت لذلك سبيلا.

 

وإن رأيت منهم ما يعيبهم أو يؤذيك في نفسك أو عرضك أو أخلاقك.. فالزمي الحوار الهادف والمقنع، والنصيحة بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة، ولا تردي ظلمهم وإساءتهم بالمثل، بل اجتهدي على الحفاظ على دينك وأخلاقك وقيمك التي تميزك كمسلمة وكزوجة صالحة.

 

وفي الختام أتمنى أن تغلب حكمتك وعقلك عاطفتك، وتقدمي مصلحتك ومصلحة بيتك على كل شيء.

وأسأل الله العلي القدير أن يحفظك ويحفظ زوجك وبيتك وأولادك من عواصف الفتن، وشر الألسُن.

 

صفية الودغيري
 

  • 1
  • 0
  • 12,756

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً