كيف أكون سعيداً!!
النجاح وتطوير النفس والإبداع. هي مصطلحات متعددة ولكنها ترجمة لشيء واحد هو الجدية والعمل.. فالجاد إنسان يبذل كل ما يستطيع، ويتعلم كل ما يمكن تعلمه من أجل الوصول إلى أهدافه، ولا يمكن أن نكون ناجحين ومبدعين إذا لم يكن لدينا قدر عالي من الهمة والعزيمة والجلد.. الهمة لتعلم كل جديد، والبذل لكل ما يمكن بذله. وأداء أعمالنا بأعلى درجة من الإتقان
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
أنا شاب عمري 25 سنة وأرجو من حضراتكم المساعدة:
1. أريد السعادة دائما كيف أنجزها؟
2. أريد أن أبدع في شغلي لأنني أشتغل بالشركة قسم الحسابات؟
3. أريد أن أطور نفسي في الحياة.
4. أريد أن أكون ناجحا في الحياة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله..
أخي الحبيب:
بالرغم من كون سؤالك قد اشتمل على أربع أمور (السعادة، الإبداع، تطوير النفس، النجاح) إلا أنها في حقيقة الأمر متعلقة ببعضها البعض وكأنها شيء واحد.. فنحن نشعر بالسعادة عندما نقوم بالإنجاز والعمل الدؤوب. والذي نصل إليه من خلال التطوير الدائم للنفس، وتدريبها على الإبداع فيما تقوم به.. ليتحقق النجاح بإذنه تعالى..
ودعني أخي الكريم ألخص إجابتي من خلال النقاط التالية:
1. جزء كبير من سعادتنا نناله من خلال رضانا عن أنفسنا. وهذا يعني أنه لا بد أن تكون أفعالنا متناسبة مع قناعاتنا.. وإلا فسنشعر بتأنيب الضمير واللوم الدائم من داخل أنفسنا.. وهذا الأمر يختلف باختلاف الناس واختلاف القناعات التي يحملونها، فالطالب الذي لديه قناعة داخلية أن الحصول على أقل من 90% هو فشل وكسل، فإنه سيصاب بالإحباط والضيق إذا حصل على أقل من هذه الدرجة، بينما زميله الآخر الذي يرى أن الحصول على هذه الدرجة هو من علامات التميز والتفوق.. سيكون أكثر الناس سعادة بحصوله على نفس الدرجة!!
2. وهي تابعة للنقطة السابقة، ألا وهي أن المسلم لكونه يؤمن بمجموعة من القناعات والمبادئ الشرعية فإنه سيكون من أتعس الناس عندما يشعر أنه بعيد عنها وأنه مهمل لها. لأن هذا سيولد لديه الشعور بالذنب والتقصير وهو ما عبر عنه القرآن بقوله سبحانه وتعالى {لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ} [القيامة: 1-2] فنفسه تلومه وتقرعه وتراجعه على أخطائه وذنوبه، ولذلك كله كان التزام أوامر الله والقرب منه سبحانه من أكبر أسباب السعادة {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى} [طه: 124]
3. خلقنا الله ضعافاً. ولدينا حاجة فطرية إلى الاستناد إلى غيرنا.. فالإنسان منذ أن يكون صغيراً وهو يستند إلى أمه، فإذا كبر قليلاً استند واستعان بعائلته الصغيرة، فإذا كبر أكثر استقوى بأصدقائه وأقرباءه.. ويبقى في بحث دائم عن الأمان الذي يشعره بالاطمئنان، فالسعي نحو المال هو نوع من الشعور بالأمان من الفقر ومن الحاجة إلى الناس وكذلك تكوين الصداقات، وربط العلاقات وغيرها ولكن الإنسان لا يشعر بالأمان والاطمئنان الحقيقي إلا بقربه واستناده إلى أقوى قوي سبحانه وتعالى (القوي المتعال) فقوته فوق كل قوة وعونه أكبر من كل عون.. ألا ترى كم هو الرضا والأنس والسعادة التي تصيب الواحد منا بعد الطاعة الصادقة، أنظر إلى سعادتك بعد سجود قد دعوت فيه الله بصدق وإقبال، أو بعد صلاة قد أطلت فيها المناجاة وسكبت فيها الدمع.. إن جزء من سر هذه السعادة هو إحساس الواحد منا بقربه وتحسن علاقته مع القوي المتعال.. مع المعين المسدد.. وبالفعل من وجد الله ماذا فقد ومن فقد الله ماذا وجد..
4. جزء كبير من سعادتنا. نناله من خلال شعورنا بقيمة وجودنا وأثرنا الإيجابي على الآخرين من حولنا.. فالإنسان مجبول على حب نفسه وحاجته إلى تقدير نفسه عالية جداً.. وعندما لا نشعر يقيمه إضافية نقوم بها للأخرين فإننا قد نحتقر أنفسنا ونصاب بالإحباط والتعاسة.. وهذا ما يفسر شعور الواحد منا بالأنس والراحة عندما يقوم ببذل الخير للناس.. عندما يقوم بالتصدق على فقير، أو زيارة قريب أو مريض، إن ذلك الشعور الجميل بالراحة ينبع لأننا أعطينا. أعطينا من مالنا أو من جهدنا أو من مشاعرنا... وغالباً ما تكون سعادتنا بالعطاء أكبر من سعادتنا بالأخذ!!
5. النجاح وتطوير النفس والإبداع. هي مصطلحات متعددة ولكنها ترجمة لشيء واحد هو الجدية والعمل.. فالجاد إنسان يبذل كل ما يستطيع، ويتعلم كل ما يمكن تعلمه من أجل الوصول إلى أهدافه، ولا يمكن أن نكون ناجحين ومبدعين إذا لم يكن لدينا قدر عالي من الهمة والعزيمة والجلد.. الهمة لتعلم كل جديد، والبذل لكل ما يمكن بذله. وأداء أعمالنا بأعلى درجة من الإتقان «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (السلسلة الصحيحة: 1113)، وعندما نتأمل ونراجع سير أكبر وأبرز الناجحين من السابقين واللاحقين، سنجد أن الصفة المشتركة بينهم هي أنهم أناس (جادون) أي أنهم أناس أصحاب همة عالية وعمل دؤوب، وليس بالضرورة أن يكونوا أذكياء أو عباقرة، إنهم فقط يملكون من الهمة الحديدية ما يجعلهم ينظرون إلى أهدافهم وكأنها واقع أمامهم فيمشون نحوها بكل قوة وعزيمة ووضوح..
وأخيراً أخي الحبيب..
لعلك لاحظت أني تعمدت ألا أعطيك نقاط تفصيلية صغيرة عن خطوات النجاح والإبداع وغيره، فهذه تمتلئ بها الكتب العربية والمترجمة، ولكني أردت أن أعطيك منطلقات عامة يندرج تحتها الكثير جداً من النقاط التفصيلية الصغيرة..
وبإمكانك من أجل أخذ بعض النقاط الإجرائية والتنفيذية المفيدة مراجعة كتب الدكتور طارق السويدان في الإبداع.. وكتاب الخطوات الذكية تعريب سامي سلمان في تطوير النفس، وكتاب العادات السبع لستيفن كوفي في النجاح وكتاب حتى لا تكون كلاً لعوض القرني في تطوير النفس.
وفقك الله لكل خير.. وجعلك مباركاً أينما كنت.. والله يحفظك ويرعاك
المستشار: أ. وليد الرفاعي