طفلي شقي وأسرته لا تهتم به!
التربية عملية متكاملة يقوم بها الوالدان والأقارب والمجتمع المحيط من مدرسة ومسجد، وناد وشارع، وسوق، لكن هذه العناصر قد تتضارب وتعمل عملاً متناقضًا متعاكسًا، أو قد يفقد الطفل والصبي الكثير من هذه العناصر.
أيها السادة الكرام، أرجو منكم مساعدتي فأنا أجهل كيفية التعامل مع طفل شقي يجلب المشاكل ولا يحب الدراسة، هذا الطفل أصبح يسرق من البيت من غير خجل، وينكر بشكل فظيع، ويستطيع أن يفلت من العقوبة بكل سهولة؛ لأن أمه لا ترضى أن يعاقب، وأباه لا يبالي، وليس له مثال يحتذي به، وأصحابه على شاكلته. إنه في الثانية عشرة من العمر، وحرام أن يضيع هكذا، وهو لا يجد من ينتبه له وسط أسرته الغارقة في المشاكل.
اعلمي سيدتي أن التربية عملية متكاملة يقوم بها الوالدان والأقارب والمجتمع المحيط من مدرسة ومسجد، وناد وشارع، وسوق، لكن هذه العناصر قد تتضارب وتعمل عملاً متناقضًا متعاكسًا، أو قد يفقد الطفل والصبي الكثير من هذه العناصر، أو لنقل قد يفقد أثرها الإيجابي.
وقد يُرزق الطفل أو الصبيُّ بمربٍّ فاضل يفوق في تأثيره هؤلاء جميعًا ويعوّضه عن الجميع، لكن لهذا المربي صفات لا بد تواجدها في شخصيته وفي أسلوبه في التعامل:
أولها: أن يكون راغبًا في تربية هذا الصبي والإحسان إليه شفقة منه عليه وخدمة للمجتمع، وإرضاء لله، وثقة بأنه سبحانه سيُغيّر الصبي من حال إلى حال.
وأن يكون على استعداد لتعلم فنون التربية من خلال متابعة إصدارات أساتذة متميزين في هذا الميدان، مثل د.محمد الثويني وآخرين لهم روابط على اليوتيوب ومحرك البحث.
وأن يكون المربي مقبلاً على الصبيّ محبًا غير كاره، يستحضر أنّ الصبي طيب وما زال غضّا، لكن أفعاله هي السيئة، ولا بد من التفنن في تغيير هذه الأفعال ضمن خطة تربوية طويلة الأمد عميقة الأثر، تغيّر مفاهيم الحياة عنده حتى تتغير أحاسيسه وسلوكياته.
وعلى المربي أن يصنّف نمط شخصية الصبي ونوعها؛ وذلك بالعودة إلى روابط خاصة بعلم أنماط الشخصيات، والحرص على معرفة أسباب ودوافع الأفعال السيئة التي يتصرفها.
لا بد أن يسلط المربي الضوء على الوقت، فيملأ وقت الطفل بما هو مفيد؛ من خلال انخراطه في العمل التطوعي الجماعي، وممارسة الهوايات والمواهب، والمذاكرة الجادة والأنشطة التي تثري العلوم، ويستطيع المربي ربط الطفل بالمؤسسات والشخصيات التي تزيد من اختلاطه بالمؤثرين إيجابًا ودون رقابة، وتواصل حثيث، ولكن قد يكون المربي إداريًا وليس تنفيذيًا ولا متواجدًا في كل التفاصيل.
أن ينتبه المربي لصحبة هذا الطفل وتغيرها إلى مجموعة أفضل بطريقة غير مباشرة وضمن تدرّج سلس مقبول؛ وذلك لما للصحبة من أثر في سحب الشخص نحو الشر أو الخير؛ فالصاحب ساحب.
ومن هنا يسهل عليكم ربطه بالمسجد أو المركز الإسلامي في المنطقة من الجالية المسلمة، ولا بد من ربطه بجلسة علم من أستاذ ومربٍّ راقٍ يتدارسون القرآن كل أسبوع تلاوة وفهمًا مع صحبة طيبة، قد يلتقون أيضًا على ترجمة النص القرآني إلى أنشطة وفعاليات جماعية تفيد المجتمع وتؤثّر على شخصياتهم.
تكثيف الدعاء له والمتابعة لأموره النفسية والسلوكية، ورصد الملاحظات ومتابعتها معه بكل الوسائل التربوية المفيدة، كالنقاش والحوار، والتربية بالمواقف وغيرها (تابعي روابط خاصة بالتربية وأساليبها).
اعزليه عن كل ما من شأنه التأثير عليه سلبًا كالصحبة مثلاً أو أي شيء تظنين أنه يزيد حالته سوءًا.
تواصلي مع والديه وأقاربه، واذكري الصبي بخير أمامهم، واذكري أهله أمامه بخير، واحرصي على إيجاد جسور مودة واهتمام بينهم، مثل الترتيب للاحتفال بذكرى ميلاده أو نجاحه أو تميّزه بشيء جيد، كالفوز في لعبة رياضية مثلاً.
المربي لا بد أن يبقى قريبًا منه ولو افتراضيًا، وعليه أن يحظى باحترامه وحبه، ولهذا الشرط فنون وأساليب أجملها بتقديم الاحترام للصبي، ومراعاة أحواله وظروفه، وإظهار الثقة به والتقدير، وإيجاد القواسم المشتركة بينكما والاهتمامات المتشابهة؛ كي يرتبط ارتباطًا روحانيًا قبل كل شيء.
أعانكم الله ووفقكم لانتشاله مما هو فيه. بوركتم.
المستشار: د. منال العواودة