ساعدوني في تربية ابن أختي المراهق!
اتخاذ الضرّب المبرّح كوسيلة للوعظ ومواجهة الأخطاء يُعد من وسائل إيذاء البدن وهدم الشّخصيّة؛ لذلك لا بد من استبداله بوسائل الحوار لمخاطبة الفكر والعقل، وبناء القيم وغرس القناعات والمساهمة في تشكيل الكيان.
ولد أختي عمره 14 عامًا، والده لا يهتم به، وأمه متزوجة من رجل آخر، ونحن من قام بتربيته منذ ولادته وحتى اللحظة.
أنا أخاف عليه كثيرًا، أريده أن يكون شابًا صالحًا ناجحًا في الحياة؛ لأنه مسؤوليتي أمام الله، ولا يوجد طفل في البيت في نفس سنه كي يلعبوا مع بعضهم، ويحب أن يلعب مع أولاد الجيران، وإذا ارتكب خطأ كبيرًا أضربه ضربًا شديدًا -طبعاً نادرًا ما يحصل أن أضربه-، لكني أتعامل معه بصوت مرتفع.
يتلهف أن يشتري تلفون لمس ويستخدم الانترنت، وأنا أرفض؛ لأني خائف عليه أن ينحرف، لكن الأشياء الأخرى التي يطلبها أعطيها له، مثل كرة أو دراجة.
لديه صديق بنفس سنه، لديه تلفون، ويستخدم الانترنت، ووصل به الأمر إلى أن يسرق تلفونًا من سيارة أحد أصدقائي، ولم يخفه في البيت، بل رأيته يشحنه فوق الطاولة؛ فضربته ضربًا شديدًا، ولم يكرر ذلك.
حين أقول له لا تذهب بعيدًا، العب أمام المنزل؛ يخالف الكلام ويذهب بعيدًا، وأنا أخاف عليه، أريده أن يظل أمام عيوني. وحين أمنعه من الخروج من المنزل يظل متضايقًا.
لا أعلم هل أشتري له تلفونًا، وهل أسمح له أن يستخدم الإنترنت! ماذا أعمل معه؟!
بناتي صغار في عمر 8 سنوات و 6 سنوات، ودائمًا يتشاجر معهن، وأحيانًا يضربهن ويرجمهن بأي شيء، وأضربه وأقول له: هذه بنت لا ترمها. كلمني إذا عملت لك شيئًا سيئًا، وأنا سوف أضربها.
أهتم بملابسه مثل بناتي، ولدي ولد عمره سنتان يحبه كثيرًا، وويعجبه أن يلعب معه في المنزل.
لم أر منه شيئًا سيئًا، ولكني أخاف عليه حين يكبر، فأصبح غير قادر على تأديبه، وحين أضربه أزعل وأتألم جدًا؛ لأني لا أريده أن يفهم أني أكرهه؛ لأني أحبه كثيرًا، وأدعو الله دائمًا أن يصلحه ويوفقني لتربيته.
لا أصطحبه معي خارج المنزل، وأضغط عليه في تحركاته، أين ذهبت؟ ومع من؟ وهكذا.
مستواه الدراسي تراجع كثيرًا، ومشكلتي لا أتابعه باستمرار في المذاكرة، أقول له: ذاكر، ثم أذهب لعملي، ثم أعود فيقولون لي: لم يذاكر.
أريد نصيحتكم، ماذا أعمل؟ أريده أن يكون شابًا صالحًا وتقيًا ومهذبًا.
السيّد الكريم: حفظك الله وأعانك على تربية أطفالك وابن أختك، ورفع درجاتك لإحسانك في التّربيّة.
نثني على عظيم ما تؤدّيه من إحسانٍ، جعله الله في ميزان حسناتك ورفعة درجاتك، ونثق بالمشاعر الطّيبة التي تجعلك مسؤولًا أمام الله عن تربية ولد أختك، ونؤكّد لك بأنّه يمارس حقّه الطّبيعي بالحياة، وأنّه يدرك اهتمامك به ويلمسه؛ مما جعله يُطيع أوامرك ويهتدي بها، على الرّغم من أنّه في مرحلة عمريّة يصعب معها الخضوع حتّى للوالدين، إلا أنّه يحفظ لك عرفان التّربية.
ونعلم بأنّ الشّعور بالمسؤوليّة المضاعفة هو الدّافع الوحيد للحدّة التي تعامل بها ولد أختك، إضافة إلى تعاملك معه على أنّه طفل في مرحلةٍ يحتاج معها بشكلٍ مباشر لمن يقود تصرّفاته وتحرّكات، لكن نؤكّد لك حاجته مع هذه المرحلة لتحمّل بعض المسؤوليّات، ومنحه شيئًا من الثّقة لمواجهة معطيات الحياة بنظرةٍ خاصّة وذاتيّة، مع مساعدته بالوقوف إلى جنبه ومشاركته تلك المعطيات.
لذلك ننصحك:
- بأنّ تمنحه جانبًا من الثّقة، اصطحبه إلى مجالس الرّجال، لا تتركه وحيدًا واجعل كلماتك الدّافئة عبر ساعةٍ من الحوار ترافقه في غيابك، لا حاجة لأنْ تكبّله بالقيود والقوانين الحازمة، بقدر ما هو بحاجة لأنْ تغرس في ذهنه القيم وتجعله يؤمن بها؛ فالحرمان من المشاركة مع الأصدقاء أو اقتناء وسائل التّكنولوجيا ليس حلًا، وقد يؤدّي إلى تأثيرات عكسيّة، كما حدث، فقد يدفعه شعوره بالنّقص لارتكاب بعض الأخطاء والمحاذير التي لم تكن في الحسبان.
كما أنّ اتخاذ الضرّب المبرّح كوسيلة للوعظ ومواجهة الأخطاء يُعد من وسائل إيذاء البدن وهدم الشّخصيّة؛ لذلك لا بد من استبداله بوسائل الحوار لمخاطبة الفكر والعقل، وبناء القيم وغرس القناعات والمساهمة في تشكيل الكيان.
وعليك أنْ تجعل منه رفيقًا ويدًا للعون لك؛ ليشعر بالقيمة الإنسانيّة لوجوده وأهميّة شخصه، وإشراكه في حلقات الذّكر والبرامج الثّقافيّة الجماعيّة؛ مما يُساعده على اكتساب السّلوك المهذّب والتّحلّي بالتّقوى والصّلاح.
إضافة إلى أن المشكلات التي تدور بينه وبين طفلتيك –حفظهما الله– تعود لساعات الفراغ الطّويل التي يعاني منها، وعدم القدرة على شغل أوقاته بما ينفع من الأنشطة الثّقافيّة والرّياضيّة، كما ننصحك بتحفيزه على تحمّل مسؤوليّة تجاه نفسه، كأنْ يختار لنفسه جانبًا من الاهتمامات الخاصّة التي تشعره بقيمة ما يؤدّيه.
وعليك مساعدته لغرس الطّموح في نفسه، وترغيبه بالاهتمام في برامج التّعلّم، من خلال توضيح أهداف خاصة به يسعى لتحقيقها، والتّحدّث إليه عن المستقبل، وتصوير العواقب الإيجابيّة المترتّبة على تحقيق تلك الأهداف، ولا بدّ من المتابعة اليوميّة للوجبات والإنجازات التي يؤدّيها في الجانب الدّراسي، ولو لمدّة وجيزة خلال اليوم الواحد، ومع نهاية كلّ أسبوع.
وأخيرًا: ننصحك كذلك بالاستعانة بالمختصّين والمدرّسين في المدرسة لتوفير الدّعم والتّشجيع له؛ لتطوير ذاته وشخصيّته، وشحذ همّته، وغرس الدّوافع الإيجابيّة لحثّه على تحمّل المسؤوليّات.
نسأل الله أنْ يجزيك خير الجزاء، مع خالص تمنيّات موقع " مستشارك الخاص " بالسّداد والتّوفيق.