ابني الوحيد يعاني من وساوس أثرت على حياته!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجو منكم مساعدتي؛ ابني الوحيد عمره ٢١ سنة، يشعر دائمًا أنَّه مخنوق ومتضايق، ويقول: أنَّه أحيانًا يشعر أنَّه سيموت إذا خرج لمكان، أو إذا نام، وفجأة يشعر أنّه يكتئب وهو جالس معنا أو مع أصحابه!.
ترك دراسته الجامعية، وقبل فترة حصل معه موقفًا لأحد أقاربه الأعزاء عليه حيث أصيب بجلطة، وكان هو معه.
لا أعرف ماذا أفعل؟ أرجوكم أفيدوني، وهل بالإمكان أن يتواصل معكم؟.
أختي الكريمة: أهلاً ومرحبًا بك.
- أختي: هوّني على نفسك، فأنا أتفهم مشاعرك وخوفك وقلقك على ابنك، واستشعرت كلماتك تمامًا حين ذكرتي أنَّه ابنك الوحيد، فهو كل ما لديك، وخوفك وقلقكك مبرر وواقعي.
- كنت أتمنى أن تذكري المزيد من التفاصيل والمعلومات حول ابنك، مثل: منذ متى وهو يعاني من تلك الأعراض والوساوس؟ إلا أنَّني استنبطت أنّها منذ فترة طويلة أو كافية لنطلق عليها اضطرابًا نفسيًا؛ حيث أثرت على قدرة ابنك على ممارسة أنشطة حياته اليومية، بل أثر على دراسته فترك الدراسة الجامعية، وتأثرت علاقاته الاجتماعية.
- وأعتقد أنَّ أسلوب التربية كان له من العوامل التي أثرت في شخصية ابنك؛ فقد يكون تلقى تدليلاً زائدًا كونه الابن الوحيد، وكنت تخافين عليه كثيرًا، وتلقّى الكثير من التنبيهات والتعليمات والتحذيرات من الكثير من الأشياء، وتلقّى حماية زائدة نابعة من خوفك عليه، ذلك الخوف الذي انتقل إليه وتطور إلى وساوس ومخاوف، ولا أقصد من كلماتي هذا أن ألومك أو أُلقي عليك بالمسؤولية، أو أن تشعري بالذنب إطلاقًا؛ فذلك النوع من التربية يقع فيه العديد من الآباء ممن لهم ابن وحيد، ولكن ما أقصده أن نحاول أن نتدارك الخطأ الآن؛ أجل إنَّ ابنك قد كبر ولم يعد طفلاً، ولكنّه ليس ناضجًا بالقدر الكافي، ولا يتحمل المسؤولية؛ لذلك أنصحك بالتالي:
* بدايةً أفضّل أن تصطحبي ابنك لاستشاري نفسي؛ فهو بحاجة للمزيد من التشخيص وجلسات العلاج النَّفسي، وربما يحتاج إلى علاج دوائي.
* من المهم الاستماع إلى ابنك بشكل مباشر، وأفضل أن يرسل هو باستشارته، وأن يوضّح فيها مشاعره، والأسباب التي دفعته لترك الدراسة، وما يشعر به عند التواجد مع الآخرين، وما هي نوع الوساوس التي يعاني منها سواء في الأفعال أو الأفكار، وما هي طموحاته وأحلامه وأهدافه للمستقبل؛ لذلك أرجو أن يكتب استشارته بشكل مفصل حتى نستطيع مساعدته بشكل دقيق.
* لا بدَّ أن تتحاوري مع ابنك، وتخبريه أنَّه أصبح رجلاً ومسؤولاً عن أفعاله، وأنَّه سيتحمّل نتيجة قراراته الحالية في المستقبل، وأتمنى أن تقنعيه بالعودة لاستكمال دراسته من جديد.
* وضّحي له أنَّ ما يراوده من وساوس أو مخاوف هي مجرد أفكار غير منطية وغير مبررة، ولا بدَّ أن يحاول مقاومتها، وإقناع نفسه بعدم منطقيتها، ولا يسترسل فيها ولا يستسلم لها، بل يقوم بفعل مغاير تمامًا لما تفرضه تلك الأفكار.
* شجعي ابنك أن يخرج للحياة، وأن يتعرف على أشخاص جيدين وإيجابيين ومتفائلين، وسيجد مثل هؤلاء الأفراد في المراكز الرياضية والنوادي الاجتماعية الهادفة والتي تقدم أنشطة تطويرية وبناءة، وفي المشاريع والأعمال الخيرية والتطوعية، وتحاوري معه أن يصبح له هدف في الحياة وليسعى لتحقيقه.
* شجعيه كذلك على ممارسة الرياضة بانتظام ولو من خلال المشي لمدة نصف ساعة يوميًا؛ فالرياضة توظف الطاقة الإيجابية، وتساعد على الشعور بالبهجة؛ حيث تحفز إفراز هرمون الاندروفين المسؤول عن الشعور بالبهجة والانشراح.
* ليتقرب إلى الله بالحفاظ على الصلاة في وقتها، وذكر الله، والدعاء، والاستغفار.
* كما نصحتك في البداية فأنا أفضل عرضه على طبيب نفسي، وتشجيعه ليكتب استشارته نفسه.
- وأعود وأقول لك: لا تحزني ولا تيأسي، وثقي بأنَّك قادرة على مساعدة ابنك لتخطي تلك المرحلة والوقوف على أرض صلبة، والمضي قدمًا، والنجاح في مستقبله؛ فهو ما زال صغيرًا وفي ريعان الشباب، ويمكنه بكل سهولة تعويض ما فاته والعودة للدراسة، والشعور بالإنجاز.
أهلاً وسهلاً بك -أختي الكريمة-، وسعدت برسالتك، وبانتظار المزيد من استشاراتك.
المستشار: د. رباب محيي عمار