ابنتي تغيرت في الثانوية ولم تعد متفوقة كما كانت!
لا شك بأنّ الثّانوية العامّة تُعد من مراحل التّعلّم المفصليّة في حياة الطّلبة؛ لذلك تجد الكثير من الأسر والأبناء خلال تلك الفترة في حالة من القلق والتّوتّر الذي يؤثر بشكلٍ ما على الحالة النّفسيّة لسائر الأطراف؛ مما يضعف نتيجة التّحصيل، وغالبًا ما يؤثّر سلبًا على النّتائج العامّة، وقد يؤدّي إلى مفاجآت غير محمودة.
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
ابنتي في الثانوية العامة، كانت متفوقة جدًا، الأولى دائمًا أو الثانية، وكانت تبكي لضياع نصف الدرجة، ولم أحمل لها همًا يومًا ما، فلم تكن أبدًا تنتظر من يوجهها؛ فهي عنيدة، وعندما دخلت الصف الأول الثانوي رأينا تغيرًا طرأ فجأة على اهتمامها بالمذاكرة، ولم تحزن للنتيجة التي نقصت فيها أكثر من 18 درجة؛ وهذا شيء لم نتعوده منها، ولم تحزن عليه، وقالت هذه فترة نقاهة حتى أقدم على 3 ثانوي بجد، وجاءت اللحظة الحاسمة حينما أخبرتني أمها بأنها تتغيب عن الدروس، وكأن خنجرًا انغرس بصدري! ولما واجهتها انفجرت بالبكاء وقالت: والله رغمًا عني هناك شيء مسيطر على عقلي. وبدأت أدرس الأمر جيدًا وأرقيها وأقرأ عليها القرآن، ولم أكن أتابعها؛ لأنها لم تكن تحتاج إلى متابعة؛ فهي تصلي وتقرأ القرآن، وملتزمة، ونحن أسرة ملتزمة بطبعها، وبدأت أرجع إلى الوراء حينما فعل أخوها كذلك، وكان ذكيًا جدًا مثلها وقد حدث هذا معي أنا أيضًا، ولا أدري هل ذلك وراثة أم عين! الأمر الذي أستشير من أجله أن عمتها اقترحت علينا ألا تدخل الامتحان هذا العام، ولكني أخشي أن نكلمها في ذلك فيجعلها العام القادم أسوأ مما هي فيه؛ حيث إنها ربما تكون تريد أن تخلص من الثانوية العامة، وحيث إنها ستفقد أصدقاءها الذين يحفزونها بعض الشيء.
أنا في حيرة، وأتمنى أن أصل إلى قرار قبل الامتحانات التي هي على الأبواب، وكيف أتعامل معها بغض النظر عن النتائج؟
الأب الكريم: حفظك الله وابنتك وسائر أحبّتك.
ندرك تلك المشاعر وذلك القلق الذي ينتابك، ولا شك بأنّ الثّانوية العامّة تُعد من مراحل التّعلّم المفصليّة في حياة الطّلبة؛ لذلك تجد الكثير من الأسر والأبناء خلال تلك الفترة في حالة من القلق والتّوتّر الذي يؤثر بشكلٍ ما على الحالة النّفسيّة لسائر الأطراف؛ مما يضعف نتيجة التّحصيل، وغالبًا ما يؤثّر سلبًا على النّتائج العامّة، وقد يؤدّي إلى مفاجآت غير محمودة.
وبالنّسبة لما أشرت إليه بأنْ يكون عامل الوراثة هو سبب حدوث انتكاسة في مستوى التّحصيل خلال سنة الثانوية العامّة على وجه الخصوص؛ فليس هنالك أي مرجع علمي يؤيّد تلك الظّاهرة، إلا أنْ تكون هناك عوامل نفسيّة مشتركة أو اضطرابات نفسيّة تؤثّر على مستوى الأداء والحالة النّفسيّة لأفراد الأسرة بصفة عامّة ودائمة.
وخير ما نشير عليك به: أنْ تبتعد كليًّا عن مضاعفة القلق والتّوتّر، بل ننصحك بالهدوء والتّحلّي بالحكمة، والحوار بشكلٍ فاعل وناضج مع ابنتك، والبحث وإيّاها عن أساليب تزيد من الدّافعيّة لديها، وتبث الثّقة مجدّدًا في نفسها، وعليك أنْ تغرس في ذهنها فكرة الاستفادة من الوقت المتبقّي متوكّلةً على الله –سبحانه– لإنقاذ ما فات من تقصير، ونحن على قناعة تامّة بأنّ العمل بهدوء حتّى في اللحظات الأخيرة كفيل بإسعاف الضّعف الذي حدث.
ثمّ ساعدها على اكتساب قناعات إيجابيّة نحو أهميّة التّعلّم، فالعمليّة التّعليميّة لا تعتمد على التّحصيل الدّراسي فحسب، على الرّغم من أهميّة النتائج، إلا أنّ المعيار الأول لقياس الكفاءة والقدرات يكمن في المخرجات التّعليميّة التي تؤكّد اكتساب الخبرات المعرفيّة؛ لذلك عليك نصحها بالمذاكرة بانفتاح دون قلق، والسّعي أولًا كهدفٍ أساسي لتغذية العقل بالمعرفة، والاستفادة من لذة العلم، قبل أي شيء، ثم الإقبال على استكمال الامتحانات المقررة بعيدًا عن الشّحنات السّالبة التي تضعف أداء العقل التّحليلي، وتمنح الغلبة للذّاكرة العاطفيّة.
وأخيرًا: لا تجعل ابنتك تشعر لحظة بالفشل أو الإخفاق، وساعدها على خوض التّجربة، والاستعداد العاجل للامتحانات بما تملك من طاقات مستفيدة مما اكتسبت من خبرات خلال فترات التّعليم السّابقة كافّة، واجلس بقربها لتقديم العون، وكن لها الحافز النّفسي الذي يمدّها بالكفاءة والشّجاعة، ثمّ أكثر من الدّعاء والصّدقات وقراءة القرآن، سائلًا الله أنْ يجعل التّوفيق والسّداد حليفها فما التّوفيق إلا بأمر الله.