أختى الصغيرة لا تتكلم معنا عندما نحدثها !!
أغلب الحالات المشابهة لحالة أختك تكون مصابة بما يسمى (الصمت الاختياري)، وهو اضطراب قلق يمنع الطفل من النطق في أوضاع اجتماعية معينة، منها الحصص الدراسية والأماكن العامة، غير أنّه يكون قادرًا على التّحدث بحرية أمام أفراد عائلته وأصدقائه عندما لا يكون هناك أحد آخر يسمعه.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أختي الصغيرة منذ فترة تعاني من عدم التجاوب مع المتحدث أو الفاعل، بمعنى: إذا أردت أن أتكلّم معها لا ترد بالرغم من سهولة السؤال، ومهما تكلمت معها تبقى تنظر لي ولا تتكلم غير الكلام الذي تريد أن تقوله، وغالبًا يكون كلمه واحدة، وأذهب لأداعبها فلا تضحك، وتبقى تنظر لي فقط، وهربت مرتين من البيت لأسباب غير مفهومة، وإذا نظرت إليها يظهر أنّها تريد أن تمشي من البيت، ولا تقول الأسباب ولا تتكلم أصلاً.
كانت منتظمة بالصلاة والذكر، والآن غير مهتمة، وتبيّن لك في لحظة أنّها ستصلي، وفي ثانية تلاقيها قعدت، ويوم ذهبنا إلى المستشفى صرخت تريد أن تذهب إلى أمها، طبيعي ربما، لكن من بعد أن عادت أمها غيّرت الفكرة، وتريد أن تذهب مع أي أحد فينا خارج البيت.
دائمًا تضللنا بأشياء لتعمل هي شيء تريده، ونحن 3 رجال ووقفنا عاجزين عن حلّ الأزمة هذه بالرغم أنّها السنة الفائتة كانت تتجاوب وتعبّر، وتداعبها تضحك وتكشّر وتتضايق، لكن الآن لا يظهر إلا أنّها إنسانة تعيش في عالم ثاني.
أبوها شديد نوعًا ما لكن الأمر غير جديد، والجدير بالذكر أنّها ابتدأت تحضن وهذا جديد عليها، وكانت تكتفي بسلام اليد، وكانت تخاف من أقل شيء، والآن بقيت إنسانة ثانية لا تخاف حتى من أبيها، ولا تنصاع لأوامره.
ذهبت أسأل عنها في المدرسة طلعت تخرج آخر واحدة منها، ويخرجونها بالعافية لتخرج، لكن الغريب أنّها كانت تأتي إلى البيت، ولا ترد على أحد في المدرسة، ودائمًا تفكيرها شارد لدرجة أنّي أقول لها: لو الأمر هذا صح هزّي رأسك، ولكن لا تهزّ رأسها!.
قرأنا عليها رقية شرعية وكما هي، أرجو أن تفيدوني؛ لأنّي عجزت عن المحاولات والحلول.
أخي الفاضل: أغلب الحالات المشابهة لحالة أختك تكون مصابة بما يسمى (الصمت الاختياري)، وهو اضطراب قلق يمنع الطفل من النطق في أوضاع اجتماعية معينة، منها الحصص الدراسية والأماكن العامة، غير أنّه يكون قادرًا على التّحدث بحرية أمام أفراد عائلته وأصدقائه عندما لا يكون هناك أحد آخر يسمعه.
ومن أبرز أسباب الصمت الاختياري:
1- الخوف من الاتصال الاجتماعي.
2- ضعف الثقة بالنّفس، ويشتد ذلك عند الذهاب إلى المدرسة لأول مرة.
3- الشعور بالخجل الشديد نتيجة للتنشئة الاجتماعية الخاطئة.
4- اضطراب اللغة ومشاكل اللفظ.
5- الاتكالية التي يمارسها الطفل نتيجة لمعاملة الوالدين.
6- الدلال الزائد الذي يتلقاه الطفل من الوالدين.
7- الشعور بالقلق والاضطراب النفسي.
8- المشاكل العائلية والشعور بعدم الاستقرار والأمان.
9- الحد من العلاقات الاجتماعية بحيث لا يسمح للطفل من الاتصال بالآخرين وتكوين الصداقات أو العلاقات في المراحل الأولى من النّمو، وعندما يواجه الأطفال الآخرين خاصة في المدرسة للوهلة الأولى تظهر هذه الحالة.
10- الصرامة في المعاملة وتسلّط الوالدين أو من يتعامل مع الطفل من الكبار.
11- تعرّض الطفل لمواقف من الإهانة والاستهزاء.
ومن المهم الأخذ بعين الاعتبار أنّه عند حدوث هذه الحالة لدى أختك، فهي ﻻ تكون صامته بإرادتها، بل تكون غير قادرة على التحدث، ولكن مع مرور الوقت، ستصبح قادرة على توقع الأوقات التي تفقد خلالها القدرة على الكلام وتعمل ما بوسعها لتفاديها.
نقترح عليك -أخي الفاضل- اتباع الإرشادات التالية:
اختاروا شخصًا من عائلتكم يكون قريبًا منها تتقبله وتتجاوب معه، وليكن هذا الشخص ذو شخصية محببة بالنسبة لها، بحيث يبدأ بتشجيعها على الكلام، وهنا يجب عدم حثّها على الكلام أمام الآخرين؛ فهذا يحرجها ويزيد الأمر تعقيدًا.
عرض الحالة على اختصاصي في النطق (التخاطب) وعلى اختصاصي نفسي في ذات الوقت، ويفضل أن يكون ذلك في أحد المراكز المتخصصة، بحيث يتم تشخيص الحالة، ومن ثم العمل على علاجها من خلال جلسات الاسترخاء والمساعدة في الكلام.
يسر الله أمركم لكل خير.
المستشار: د. عبد الرحمن جرار