امتحاناتي اقتربت وأنا أماطل في الدراسة!
هنالك أمور تساعدك في التخفيف من القلق والاسترخاء، مثل ممارسة الرياضة، وممارسة تمارين الاسترخاء، وقراءة القرآن الكريم، والتفكير الإيجابي، وإحسان الظن بالله تعالى.
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
أنا طالبة في السنة الثانية من الثانوية، وعندي امتحان باكالوريا، والتوتر قتلني، كلما أريد أن أذاكر دروسي ألهو بأشياء تافهة أهمها الهاتف، ولا أعرف كيف أركز بالدراسة! كل مرة أقرر أن أدرس، لكني تعبت من المماطلة.
ابنتي الكريمة: أرحب بتواصلك معنا، وأثمن فيك تحليلك لأسباب مشكلتك ووعيك بها؛ وهذا يعكس قدرة على مواجهة الذات ونقدها، وأسأل الله تعالى أن يعينك بالعزيمة والإرادة للتغلب على هذه المشكلة، ويرزقك النجاح والفلاح والرضا دنيًا ودينًا.
بنيتي: إن هروبك هذا من الدراسة واختلاق الحجج لتجنبها، وانشغالك بأبسط الأشياء عنها إنما هو نتيجة القلق، ونسبة معينة من القلق أمر لا بأس به، بل هو أمر محمود؛ لأنه يزيد من دافعيتنا للتحضر والأخذ بالأسباب والاستعداد للمواجهة، لكن القلق عندما يزيد عن حده تصبح نتائجه عكسية، ويصبح كالقيد الذي يكبلنا ويعوقنا عن المسير.
وأنت تدركين أنك تتهربين من الدراسة، وأن هذا التهرب سيزيد الأمور سوءًا، حتى وإن أراحك لفترة بسيطة، فعليك بمواجهة نفسك، واستجماع إرادتك وعزيمتك؛ لكي تتصدي لكل ما تمليه عليك مخاوفك من أفكار تهربية.
وهنالك أمور تساعدك في التخفيف من القلق والاسترخاء، مثل ممارسة الرياضة، وممارسة تمارين الاسترخاء، وقراءة القرآن الكريم، والتفكير الإيجابي، وإحسان الظن بالله تعالى.
وسأدلك على بعض الخطوات التي ستساعدك -بإذن الله- في مواجهة القلق والتهرب من الدراسة، وتعينك على تبني طرق المذاكرة الصحيحة والعادات الدراسية المنظمة:
اتخاذ القرار الحازم بأن تخالفي هذه الأفكار، وأن لا تنصتي لها، واستبدالها بأفكار إيجابية تدفعك للدراسة، والإكثار من الحديث الإيجابي للنفس، ومن التشجيع الذاتي.
أوكلي أمرك لله تعالى، واستعيني به على دراستك، واسأليه أن يشرح لك صدرك ويسهل لك أمرك.
ثم عليك أن تعملي على إقصاء المؤثرات التي تشغلك عن دراستك، أو تكون وسيلة وذريعة لك للانشغال عن الدراسة، مثل الهاتف والتلفاز والمشتتات الأخرى التي تلعب دورًا خفيًا في إضعاف رغبتك للدراسة، وعندما تملي لك نفسك بالتوجه للهاتف أو التلفاز أو غيرها؛ قاومي هذه الرغبة وأوقفيها عند حدها، وقولي لنفسك: إن الهاتف والتلفاز وغيرها أمور يمكن تأجيلها، ولن تفقدي شيئًا إن غبت عنها لبعض الوقت، لكن استعدادك للامتحان أمر مصيري لا يمكن تأجيله.
أن تحفزي نفسك وفكرك على الدراسة بتخيل مستقبلك، وما سيكون عليه لو -لا قدر الله- أهملت في دراستك، ولم تحققي المجموع الذي تريدين، وضعي نصب عينيك أهدافك وأحلامك المستقبلية، وتخيلي والديك وفرحتهما العارمة بتفوقك وتميزك، وانظري إلى السعادة التي ستدخلينها إلى قلبيهما، وانظري إلى مستقبلك أنت نفسك، والأبواب التي سيفتحها لك تميزك وتفوقك، ووجهي فكرك وطاقتك للحصول على الدرجات المناسبة، وتذكري أنها فترة زمنية وتنقضي، وقد تتعبين الآن، لكنك سوف ترتاحين في الغد -بإذن الله.
ثم قومي بتنظيم وقتك؛ فهذا سيساعدك على إيجاد وقت لكل ما ترغبين به من دراسة وهاتف وغيرها؛ لأن العشوائية تؤدي لضيق الوقت، وإلى زيادة القلق، وبالتالي لضياع الوقت وعدم الإنجاز، فابدئي بعمل جدول تنظيمي أسبوعي لنشاطاتك ودراستك، ووزعي وقتك على ما تحتاجين عمله من دراسة ونشاطات مختلفة.
وأعطي الدراسة حقها من الوقت، ورتبي جدولك حسب الأهمية، ثم احصري باقي النشاطات، وحددي كم يحتاج كل منها من وقت، ووزعيها في الجدول، بحيث يكون هنالك استراحات بين أوقات الدراسة، فاجعلي مواعيد الطعام ومشاهدة التلفاز مثلًا، أو استخدام الجوال أو الجلوس مع العائلة، أو غير ذلك من الأمور تتخلل أوقات الدراسة؛ كي تجددي في طاقتك وهمتك، واجعليها محطات استراحة تستعيدين فيها نشاطك.
ثم ابدئي بتحديد ما عليك دراسته، وقومي بتخصيص الوقت المناسب لكل مادة، بحيث يتناسب الوقت مع حجم المادة المدروسة ومع صعوبتها أيضًا.
وتذكري أن النوعية في الدراسة أهم من الكمية، فوقت أقل بتركيز أكبر وانتباه أشد؛ خير من وقت طويل بلا تركيز.
واحرصي على انتقاء الوقت المناسب للدراسة؛ فاستغلي وقت الفجر؛ لأنه أفضل وقت للتركيز والإنجاز؛ حيث يكون العقل أقدر على الفهم والحفظ وتخزين المعلومات واسترجاعها؛ لأن الفكر يكون صافيًا، والهواء مشبع بالأوزون.
وتأكدي من أن الإضاءة جيدة وكذلك التهوية، واستهلي وقت دراستك بعمل تمارين رياضية خفيفة؛ حتى تنشطي الدورة الدموية.
وحولي وقت الدارسة الذي قد يكون ثقيلًا على القلب إلى متعة؛ وذلك بأن تتفنني في استخدام أساليب الدراسة وتنوعي فيها، فتخيلي أحيانًا أنك مدرسة تقومين بتلقين المعلومات للطلاب، ووجهي إليهم الأسئلة، وجاوبي عليها؛ فبهذا أنت تثبتين المعلومات في ذاكرتك، ونظمي مثلًا ما عليك من حفظ بشكل يسهل حفظه، أي بشكل أغنية أو قصيدة، واربطي المعلومات التي تحتاجين لحفظها بأشياء من واقعك؛ حتى يسهل عليك تذكرها.
ونوعي في المادة الدراسية نفسها، واكتبي أحيانًا، واقرئي أحيانًا أخرى، وغيري أيضًا في جلستك.
وكلما شعرت بالتعب؛ توقفي عن الدراسة، وخذي استراحة قصيرة، وامشي قليلًا، أو افتحي النافذة وجددي الهواء، أو قومي بعمل نشاط بسيط يسلي عن نفسك.
وكلما أنجزت ما قررت إنجازه؛ كافئي نفسك بأخذ قسط من الراحة أو مشاهدة التلفاز مثلًا، أو حتى بقطعة من الحلوى.
احرصي على تناول إفطار جيد في الصباح؛ لأن دماغك يحتاج إلى الطاقة الكافية في هذه الفترة من الامتحانات، ولا تكثري من الطعام في الوجبات؛ لأن هذا سيشعرك بالكسل، واحرصي على أخذ كفايتك من النوم.
واجعلي لك أهدافًا في الحياة، أهدافًا دراسية ودينية، وعائلية واجتماعية، إن وجود الأهداف في الحياة يخلق الدافعية والحافز في نفس المرء، وإن قرنت وجود الأهداف الواضحة مع تنظيم الوقت والطموح، والثقة بالله تعالى؛ فقد حققت مقومات النجاح بإذن الله.
وتذكري -بنيتي- أنه لا ينقصك الذكاء ولا المقدرة الذهنية، لكنه الخوف الذي يجعلك تهربين من دراستك وتختلقين الحجج للتملص منها، وهو القلق الذي يسلبك طاقتك ورغبتك في الدراسة، فإن واجهت نفسك وتوقفت عن الهروب، وحدثت نفسك بأن دراستك ينبغي أن تكون في سلم أولوياتك، وأنها إنما فترة محددة وتمضي لكن نتائجها ستبقى معك طوال عمرك، وتذكرت أن التخاذل والتفريط الآن سيخلف ندمًا تعيشين معه باقي عمرك؛ فإن هذا سيساعدك على شحن نفسك بالإرادة والعزيمة على استجماع الطاقة للدراسة وعلى مخالفة الهوى، واستعيني بالله تعالى على أمورك، واسأليه التوفيق والسداد.
ودمتم سالمين.
المستشار: أ. فدوى الشمايله