قرأتُ في كتب شيخ الإسلام حول تكليم الموتى
منذ 2006-12-01
السؤال: لقد قرأت في بعض كتب شيخ الإسلام حول تكليم الموتى فذكر: أن ذلك يكون
من الشيطان، حيث يخرج من القبر ويكلم القادم إليه، وغير ذلك، فهل قصة
مطرف التي ذكرها ابن القيم من هذا النوع? وما هو الحد الفاصل بين
تكليم الموتى إن كان من شيطان أو لا?
الإجابة: أولاً: دنو أرواح الأموات من قبورهم يوم الجمعة أو ليلتها ومعرفتهم من
زارهم أو مر بهم وسلم عليهم أكثر من معرفتهم بهم في غير يوم الجمعة أو
ليلتها، والتقاء الأحياء والأموات ذلك اليوم، كل هذا من الأمور
الغيبية التي استأثر الله بعلمها فلا تعلم إلا بوحي من الله لنبي من
أنبيائه، ولم يثبت في ذلك حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما
نعلم، ولا يكفي في معرفة ذلك الأحلام فإنها تخطئ وتصيب، فالقول بها
والاعتماد عليها رجم بالغيب.
ثانيا: ما قرأته في كتاب [زاد المعاد] لابن القيم رحمه الله في هذا الموضوع مبني على ما رواه أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا في كتاب [القبور] -باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء- من أحاديث غير ثابتة، وآثار وأحلام، وفيما يلي ذكر ذلك مع نقده.
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عون، ثنا يحيى بن يمان، ثنا عبد الله بن سمعان، عن زيد بن أسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، وفي سنده يحيى بن يمان، قال ابن حجر في [التقريب]: يحيى بن يمان العجلي الكوفي صدوق عابد يخطئ كثيراً وقد تغير. وفي سنده أيضاً عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني، قال ابن حجر في [التقريب]: متروك اتهمه أبو داود وغيره بالكذب.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن قدامة الجوهري، ثنا معن بن عيسى القزاز، أخبرنا هشام بن سعد، ثنا زيد بن أسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " "، وفي سنده محمد بن قدامة الجوهري الأنصاري أبو جعفر البغدادي، قال ابن حجر في [التقريب]: فيه لين، وفي سنده أيضاً هشام بن سعد المدني أبو عباد أو أبو سعد القرشي، ضعفه يحيى بن معين والنسائي، وقال حرب: لم يرضه أحمد، وذكره ابن عبد البر في باب من نسب إلى الضعف ممن يكتب حديثه، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث يستضعف وكان متشيعاً، وقال ابن حجر في [التقريب]: صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن الحسين، حدثني يحيى بن بسطام الأصغر، حدثني مسمع، حدثني رجل من آل عاصم الجحدري قال: رأيت عاصما الجحدري في منامي بعد موته بسنتين، فقلت: أليس قد مت?! قال: بلى، قلت: فأين أنت? قال: أنا والله في روضة من رياض الجنة، أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فنتلقى أخباركم، قال: قلت أجسادكم أم أرواحكم? قال: هيهات، بليت الأجسام، وإنما تتلاقى الأرواح، قال: قلت: فهل تعلمون بزيارتنا إياكم، قال: نعم، نعلم بها عشية الجمعة ويوم الجمعة كله وليلة السبت إلى طلوع الشمس، قال: قلت: فكيف ذلك دون الأيام كلها? قال: لفضل يوم الجمعة وعظمته.
في سنده رجل مبهم، وفي سنده يحيى بن بسطام، قال ابن حجر في [لسان الميزان]: قال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه؛ لأنه داعية إلى القدر؛ ولأن في روايته مناكير، وذكره العقيلي في [الضعفاء]، وقال أبو داود: تركوا حديثه، قال له معتمر بن سليمان: أنت قدري? قال: نعم. هذا ولو صح سنده لم يصح مستنداً؛ لأنه رؤيا من غير معصوم فلا تقوم بها حجة.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن خداش، ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي التياح قال: كان مطرف يغدو فإذا كان يوم الجمعة أدلج، قال: وسمعت أبا التياح يقول: بلغنا أنه كان ينور له في سوطه فأقبل ليلة حتى إذا كان عند مقابر القوم وهو على فرسه فرأى أهل القبور كل صاحب قبر جالساً على قبره فقالوا: هذا مطرف يأتي الجمعة، قلت: وتعلمون عندكم يوم الجمعة، قالوا: نعم، ونعلم ما تقول الطير، قلت: وما يقولون? قالوا يقولون. سلام سلام. خالد بن خداش هو أبو الهيثم المهبلي ومولاهم البصري قال فيه ابن حجر في [التقريب]: صدوق يخطئ، ثم هذه الرواية منام فلا تقوم به حجة تعارض الأصل المحقق وسنة الله الكونية الثابتة في أن الأموات لا يكلمون الأحياء وأن الأحياء لا يسمعون كلام الأموات إلا معجزة لنبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكذلك لا يخرجون من قبورهم إلا يوم القيامة، كما قال سبحانه: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}.
أما رد السلام فقد ورد فيه حديث ضعيف، وذكره الشيخ ابن عبد الهادي في [الصارم المنكي]، ولو فرضنا صدق المنام لم يدل على صحة ما ذكره ابن القيم فيما تقدم نقله عنه؛ لأنه بلاغ من غير معصوم عن مجهول.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الرابع عشر (العقيدة).
ثانيا: ما قرأته في كتاب [زاد المعاد] لابن القيم رحمه الله في هذا الموضوع مبني على ما رواه أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا في كتاب [القبور] -باب معرفة الموتى بزيارة الأحياء- من أحاديث غير ثابتة، وآثار وأحلام، وفيما يلي ذكر ذلك مع نقده.
قال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن عون، ثنا يحيى بن يمان، ثنا عبد الله بن سمعان، عن زيد بن أسلم، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " "، وفي سنده يحيى بن يمان، قال ابن حجر في [التقريب]: يحيى بن يمان العجلي الكوفي صدوق عابد يخطئ كثيراً وقد تغير. وفي سنده أيضاً عبد الله بن زياد بن سليمان بن سمعان المخزومي المدني، قال ابن حجر في [التقريب]: متروك اتهمه أبو داود وغيره بالكذب.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن قدامة الجوهري، ثنا معن بن عيسى القزاز، أخبرنا هشام بن سعد، ثنا زيد بن أسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: " "، وفي سنده محمد بن قدامة الجوهري الأنصاري أبو جعفر البغدادي، قال ابن حجر في [التقريب]: فيه لين، وفي سنده أيضاً هشام بن سعد المدني أبو عباد أو أبو سعد القرشي، ضعفه يحيى بن معين والنسائي، وقال حرب: لم يرضه أحمد، وذكره ابن عبد البر في باب من نسب إلى الضعف ممن يكتب حديثه، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث يستضعف وكان متشيعاً، وقال ابن حجر في [التقريب]: صدوق له أوهام، ورمي بالتشيع.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا محمد بن الحسين، حدثني يحيى بن بسطام الأصغر، حدثني مسمع، حدثني رجل من آل عاصم الجحدري قال: رأيت عاصما الجحدري في منامي بعد موته بسنتين، فقلت: أليس قد مت?! قال: بلى، قلت: فأين أنت? قال: أنا والله في روضة من رياض الجنة، أنا ونفر من أصحابي نجتمع كل ليلة جمعة وصبيحتها إلى بكر بن عبد الله المزني فنتلقى أخباركم، قال: قلت أجسادكم أم أرواحكم? قال: هيهات، بليت الأجسام، وإنما تتلاقى الأرواح، قال: قلت: فهل تعلمون بزيارتنا إياكم، قال: نعم، نعلم بها عشية الجمعة ويوم الجمعة كله وليلة السبت إلى طلوع الشمس، قال: قلت: فكيف ذلك دون الأيام كلها? قال: لفضل يوم الجمعة وعظمته.
في سنده رجل مبهم، وفي سنده يحيى بن بسطام، قال ابن حجر في [لسان الميزان]: قال أبو حاتم: صدوق، وقال ابن حبان: لا تحل الرواية عنه؛ لأنه داعية إلى القدر؛ ولأن في روايته مناكير، وذكره العقيلي في [الضعفاء]، وقال أبو داود: تركوا حديثه، قال له معتمر بن سليمان: أنت قدري? قال: نعم. هذا ولو صح سنده لم يصح مستنداً؛ لأنه رؤيا من غير معصوم فلا تقوم بها حجة.
وقال ابن أبي الدنيا: حدثنا خالد بن خداش، ثنا جعفر بن سليمان، عن أبي التياح قال: كان مطرف يغدو فإذا كان يوم الجمعة أدلج، قال: وسمعت أبا التياح يقول: بلغنا أنه كان ينور له في سوطه فأقبل ليلة حتى إذا كان عند مقابر القوم وهو على فرسه فرأى أهل القبور كل صاحب قبر جالساً على قبره فقالوا: هذا مطرف يأتي الجمعة، قلت: وتعلمون عندكم يوم الجمعة، قالوا: نعم، ونعلم ما تقول الطير، قلت: وما يقولون? قالوا يقولون. سلام سلام. خالد بن خداش هو أبو الهيثم المهبلي ومولاهم البصري قال فيه ابن حجر في [التقريب]: صدوق يخطئ، ثم هذه الرواية منام فلا تقوم به حجة تعارض الأصل المحقق وسنة الله الكونية الثابتة في أن الأموات لا يكلمون الأحياء وأن الأحياء لا يسمعون كلام الأموات إلا معجزة لنبي من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وكذلك لا يخرجون من قبورهم إلا يوم القيامة، كما قال سبحانه: {ثم إنكم بعد ذلك لميتون * ثم إنكم يوم القيامة تبعثون}.
أما رد السلام فقد ورد فيه حديث ضعيف، وذكره الشيخ ابن عبد الهادي في [الصارم المنكي]، ولو فرضنا صدق المنام لم يدل على صحة ما ذكره ابن القيم فيما تقدم نقله عنه؛ لأنه بلاغ من غير معصوم عن مجهول.
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى اللجنة الدائمة بالسعودية - المجلد الرابع عشر (العقيدة).
- التصنيف: