نماذج من الأدوار التي لعبتها الداعيات في هذا العصر
محمد الحسن الددو الشنقيطي
- التصنيفات: الدعاة ووسائل الدعوة -
السؤال: ضرب لنا الصحابيات في صدر الإسلام خير مثل في الدعوة إلى الله تعالى،
فما هي الأدوار التي لعبتها الداعيات في هذا العصر؟ نريد نماذج حية
وذلك مع ما أمكن من التفصيل.
الإجابة: إن الله عز وجل يستغل لنصرة دينه والقيام به من شاء من عباده، ولا
يختص هذا بعصرٍ من العصور، ففي كل عصر ينزل الله تعالى لائحة من عباده
يكلفهم بنصرة دينه، لا خيار لهم في ذلك، لو أراد أحد منهم أن يصرف
نفسه عن خدمة الدين لما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وفي المقابل نجد آخرين
أقوى أجساماً وأفرغ بالاً وأكثر أموالاً فلا ييسر الله لهم خدمة دينه،
بل يجعل في وجوههم العقبات ويصدهم عن نصرة دين الله تعالى، وهذا ما
صرَّح الله به في كتابه في قوله: {سَأَصْرِفُ عَنْ آَيَاتِيَ الَّذِينَ
يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ
آَيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا
يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ
سَبِيلًا}، وكذلك في قول الله تعالى: {يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ}، وفي قوله
تعالى: {وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ
لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ
فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ اقْعُدُوا مَعَ الْقَاعِدِينَ (46) لَوْ
خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا
خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ
وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}، فيضع الله تعالى العراقيل
في وجوه من شاء من عباده حين لا يرتضي خدمتهم لدينه، فهم غير مرضيين
عنده فلا يرتضي خدمتهم لدينه فيصرفهم بكل الصوارف، وأما من ارتضاهم
لخدمة دينه فيهيئ لهم الأسباب حتى ولو كانوا مشغولين، ولو كانوا ضعاف
الأبدان أو ضعاف العلم، أو مقلين من المال أو غير ذلك، فييسر الله لهم
أسباب نصرة الدين والبذل في سبيله.
فمن هذا من واقعنا المعاصر: أنني أعرف امرأة كانت في بلد هو أول بلدٍ من بلاد الإسلام اشتهر فيه انخلاع المرأة من لباسها ومن حيائها، ومع ذلك نذرت نفسها لله تعالى فضحت في سبيل الله بكل ما تستطيع، كانت تجمع الشباب في بيتها ليتعلموا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وتقول: "أنا لا أستطيع أن أعلِّم أحداً ولا أن أتعلم أنا كثيراً مما ينبغي أن أتعلم، ولكنني سأكون خادمة لعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوفر لكم المكان وأوفر لكم ما أستطيع من الغذاء، وأوفر لكم التغطية المناسبة فأريد أجركم فقط" تريد المشاركة في الأجر، سعت لهذا ولكن الله فتح لها كثيراً من العلم، مع أنها امرأة كبيرة في السن يسَّر الله لها تعلم كثير من العلم، فقرأت عدة تفاسير من تفاسير كتاب الله تعالى وأحاطت بما فيها، ثم قرأت عدة من كتب السنة وأدركت كثيراً مما فيها، ثم حاولت أن تعيش لله تعالى فأوذيت في سبيل الله بأنواع الإيذاء، سجنت مدة سنتين وثمانية أشهر في التعذيب، مكثت ثلاثة أيام بلياليهن لا تجد ماءً ولا مأكلاً، رميت في بركة من الماء البارد في الشتاء فلما خرجت جلدت خمسمائة سوط، ومع ذلك أعيدت إلى الماء البارد فلم ترجع، صبرت على أنواع الإيذاء في ذات الله، ولكنها خرجت من السجن وهي شامخة الأنف بطلة من أبطال الإسلام، حامية لثغر من ثغور هذا الدين.
وكذلك أعرف أخرى في عصرنا هذا ما زالت حية، وكان من أمرها أنها تزوج بها أحد الدعاة إلى الله عز وجل، فسعت لمؤازرته في دعوته متأسية بخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فكانت في خدمته ومواساته والسعي معه في نصرة دين الله، فتعرض هو لبعض الإيذاء وأخذ إلى السجون، فلما أخذ إلى السجون كانت هذه المرأة عند حسن الظن بها، فأخذت كل ما في البيت مما تعلم أنه هو لا يحب أن يطلع عليه أحد فوضعته في أكياس خاصة وأخفتها في أخفى مكان وأخذت الأولاد واعتنت بهم وعلمتهم ما كان هو يحب أن يتعلموه، وربتهم على الشهامة وحسن الخلق، وعلى أن يتعودوا نصرة الدين وأن يكونوا مثل أبيهم مضحين في سبيل الله، وقد كثرت الضغوط على هذا الرجل في السجن حتى إنه عُرض له فلمٌ فيه صورة بيته -واجهة بيته- وكأن امرأة تُخرج يدها لأهل الشارع تطلب منهم المساعدة، وكأنها زوجته وكل هذا دبلجة غير صحيح، وأخرجوا له صورة بعض الأولاد وهم في أرثِّ ملابس وفي أشد حال يريدون الضغط عليه نفسياً، وقالوا: أنت المسؤول عن هؤلاء، فأنت يمكن أن تصبر على ما شئت لكن هؤلاء هذه المرأة المسكينة التي أخذتها من أهلها ومن بيت النعمة، وهؤلاء الأولاد الذين كنت سبباً في شقائهم عليك أن ترحمهم، ولكن الرجل كان محقاً فصبر وصمد، ثم أرادوا الذهاب به إلى بيته لتفتيشه فجاءوا يطلبون تفتيش البيت فامتنعت المرأة أن تفتح، وسبَّتهم سباً يظهر فيه كثير من الجراءة والشجاعة، ثم أتوا به هو فسلم عليها فعرفت صوته، فرحبت به ترحيباً كبيراً وجعلته بطلاً عظيماً، وفتحت له الباب وأدخلته وقامت في خدمته ثم قالت: أما هؤلاء الكلاب الذين معك فأنا لا أخدمهم، فإن شئت فناولهم الضيافة وإلا فدعهم فهم كلاب يخدمون أنفسهم، ثم أدخلت الأولاد في المغتسل فنظفتهم وألبستهم أحسن الملابس وأتت بهم واحداً بعد الآخر يقبِّلون رأس أبيهم، ويقرءون عليه ما حفظوه بعده من القرآن والسنة ويشجعونه على ما هو فيه، كل واحد ينشد أنشودة فيها بطولة وشجاعة، فأدرك الرجل أن وراءه شخصاً يوثق به، وأن وراءه من لا يتضعضع ولا يلين لكل الخطوب، وبذلك استفاد كثيراً ثباتاً في سجنه، حتى إنه حين رجع إلى السجن قال: لا أبالي حتى ولو دام السجن حتى نهاية العمر، فإن خلفه من يثق به، ولهذا يقول أحد الشعراء في تخليد هذا النوع من النساء، يقول:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
فمن هذا من واقعنا المعاصر: أنني أعرف امرأة كانت في بلد هو أول بلدٍ من بلاد الإسلام اشتهر فيه انخلاع المرأة من لباسها ومن حيائها، ومع ذلك نذرت نفسها لله تعالى فضحت في سبيل الله بكل ما تستطيع، كانت تجمع الشباب في بيتها ليتعلموا ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم، وتقول: "أنا لا أستطيع أن أعلِّم أحداً ولا أن أتعلم أنا كثيراً مما ينبغي أن أتعلم، ولكنني سأكون خادمة لعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أوفر لكم المكان وأوفر لكم ما أستطيع من الغذاء، وأوفر لكم التغطية المناسبة فأريد أجركم فقط" تريد المشاركة في الأجر، سعت لهذا ولكن الله فتح لها كثيراً من العلم، مع أنها امرأة كبيرة في السن يسَّر الله لها تعلم كثير من العلم، فقرأت عدة تفاسير من تفاسير كتاب الله تعالى وأحاطت بما فيها، ثم قرأت عدة من كتب السنة وأدركت كثيراً مما فيها، ثم حاولت أن تعيش لله تعالى فأوذيت في سبيل الله بأنواع الإيذاء، سجنت مدة سنتين وثمانية أشهر في التعذيب، مكثت ثلاثة أيام بلياليهن لا تجد ماءً ولا مأكلاً، رميت في بركة من الماء البارد في الشتاء فلما خرجت جلدت خمسمائة سوط، ومع ذلك أعيدت إلى الماء البارد فلم ترجع، صبرت على أنواع الإيذاء في ذات الله، ولكنها خرجت من السجن وهي شامخة الأنف بطلة من أبطال الإسلام، حامية لثغر من ثغور هذا الدين.
وكذلك أعرف أخرى في عصرنا هذا ما زالت حية، وكان من أمرها أنها تزوج بها أحد الدعاة إلى الله عز وجل، فسعت لمؤازرته في دعوته متأسية بخديجة بنت خويلد رضي الله عنها، فكانت في خدمته ومواساته والسعي معه في نصرة دين الله، فتعرض هو لبعض الإيذاء وأخذ إلى السجون، فلما أخذ إلى السجون كانت هذه المرأة عند حسن الظن بها، فأخذت كل ما في البيت مما تعلم أنه هو لا يحب أن يطلع عليه أحد فوضعته في أكياس خاصة وأخفتها في أخفى مكان وأخذت الأولاد واعتنت بهم وعلمتهم ما كان هو يحب أن يتعلموه، وربتهم على الشهامة وحسن الخلق، وعلى أن يتعودوا نصرة الدين وأن يكونوا مثل أبيهم مضحين في سبيل الله، وقد كثرت الضغوط على هذا الرجل في السجن حتى إنه عُرض له فلمٌ فيه صورة بيته -واجهة بيته- وكأن امرأة تُخرج يدها لأهل الشارع تطلب منهم المساعدة، وكأنها زوجته وكل هذا دبلجة غير صحيح، وأخرجوا له صورة بعض الأولاد وهم في أرثِّ ملابس وفي أشد حال يريدون الضغط عليه نفسياً، وقالوا: أنت المسؤول عن هؤلاء، فأنت يمكن أن تصبر على ما شئت لكن هؤلاء هذه المرأة المسكينة التي أخذتها من أهلها ومن بيت النعمة، وهؤلاء الأولاد الذين كنت سبباً في شقائهم عليك أن ترحمهم، ولكن الرجل كان محقاً فصبر وصمد، ثم أرادوا الذهاب به إلى بيته لتفتيشه فجاءوا يطلبون تفتيش البيت فامتنعت المرأة أن تفتح، وسبَّتهم سباً يظهر فيه كثير من الجراءة والشجاعة، ثم أتوا به هو فسلم عليها فعرفت صوته، فرحبت به ترحيباً كبيراً وجعلته بطلاً عظيماً، وفتحت له الباب وأدخلته وقامت في خدمته ثم قالت: أما هؤلاء الكلاب الذين معك فأنا لا أخدمهم، فإن شئت فناولهم الضيافة وإلا فدعهم فهم كلاب يخدمون أنفسهم، ثم أدخلت الأولاد في المغتسل فنظفتهم وألبستهم أحسن الملابس وأتت بهم واحداً بعد الآخر يقبِّلون رأس أبيهم، ويقرءون عليه ما حفظوه بعده من القرآن والسنة ويشجعونه على ما هو فيه، كل واحد ينشد أنشودة فيها بطولة وشجاعة، فأدرك الرجل أن وراءه شخصاً يوثق به، وأن وراءه من لا يتضعضع ولا يلين لكل الخطوب، وبذلك استفاد كثيراً ثباتاً في سجنه، حتى إنه حين رجع إلى السجن قال: لا أبالي حتى ولو دام السجن حتى نهاية العمر، فإن خلفه من يثق به، ولهذا يقول أحد الشعراء في تخليد هذا النوع من النساء، يقول:
ما غاب من خلَّف في الدار من ***
ترعاه في مقامه والمسير
كأنها إيـــــــــــاه في
كــــــــلما *** تفعل في غيبته تستشــــير
تأتي الذي يرضى وتأبى الذي *** يأبى
عليها دينها والضمير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.