هل ترك الجماعة سبب في نزع البركة
منذ 2006-12-25
السؤال: هل صحيح أن عدم ذهاب الرجل للصلاة مع الجماعة سبب في نزع البركة من
حاله وماله؟
الإجابة: لا ريب أن الصلاة هي عمود الإسلام وهي أعظم الواجبات والفرائض بعد
الشهادتين.
وقد دل على ذلك آيات كثيرات وأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك قوله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، إلى أن قال تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، وقال جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} فجعلها سبحانه قرينة التوحيد.
وقال عز وجل: {فَإِنْ تَابُوا} يعني: من الشرك، {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فدل ذلك على عظمتها وأنها قرينة التوحيد، وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}.
وقال عليه الصلاة والسلام: " " (متفق على صحته).
ومن أهم واجباتها وأعظمها: أداؤها في جماعة في حق الرجل، حتى إن الرب سبحانه أوجبها في حال الخوف، فقال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} الآية.
فأوجب سبحانه صلاة الجماعة في حال الخوف، وحال مصافة المسلمين لعدوهم بأن يصلوا جماعة ويحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو.
وقال عليه الصلاة والسلام: " "، وأتاه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " " قال: نعم، قال: " " (خرجه مسلم في الصحيح).
فهذا رجل أعمى لم يأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام في التخلف عن الجماعة، وفي اللفظ الآخر: " " فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى ليس له قائد يلائمه -يعني يحافظ على الذهاب به-.
فإن كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يقوده إلى المسجد ليس له رخصة، بل يتعين عليه أن يصلي في المسجد فكيف بحال القوي المعافى، فالأمر في حقه أعظم وأكبر، ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل للتهاون بها وتركها بعد ذلك فإنه اليوم يتخلف، وغداً يترك ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عنها في الجماعة والمساجد التي هي بيوت الله، والتي قال الله فيها سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} الآية، وهي المساجد، وهذا أمر معلوم، فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب، ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية لقلة وقعها في صدورهم ولقلة عظمتها في قلوبهم فيتركونها بعد ذلك.
فترك الصلاة في جماعة وسيلة وذريعة معلومة لتركها بالكلية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " " (خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه).
وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " "، وهذا يدل على أنه كفر أكبر لأنه أتى به مُعرَّفاً، وقال آخرون من أهل العلم: إنه كفر دون كفر إذا لم يجحد وجوبها، لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر وهو ظاهر إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وقد حكى عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، ومراده كفر أكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر لكن ليس بكفر أكبر، مثل: الطعن في الأنساب، والنياحة على الأموات سماها النبي صلى الله عليه وسلم كفراً، والصحابة كذلك، لكنه كفر أصغر، فلما أخبر عنهم أنهم كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، علم أنه أراد بذلك الكفر الأكبر كما جاء في الحديث.
وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة، وتسبب أيضاً شراً كبيراً عليه في بدنه وتصرفاته فهذا لا يُستغرب، فإن المعاصي لها شؤم كبير، ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان وفي قلبه وفي تصرفاته وفي رزقه فلا يستغرب هذا، وقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " "، ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض، ومنع المطر، وحصول الشدة، وهذا كله بأسباب المعاصي، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وقال عز وجل: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.
وهذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع، فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها، ويتباعد عنها، وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى المسارعة إلى الطاعات، فهي خير في الدنيا والآخرة، والمعاصي شر في الدنيا والآخرة.
رزق الله الجميع العافية والسلامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. المجلد الثاني عشر.
وقد دل على ذلك آيات كثيرات وأحاديث صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك قوله جل وعلا: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}، وقوله سبحانه: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقوله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ}، إلى أن قال تبارك وتعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}، وقال جل وعلا: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ} فجعلها سبحانه قرينة التوحيد.
وقال عز وجل: {فَإِنْ تَابُوا} يعني: من الشرك، {وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ} فدل ذلك على عظمتها وأنها قرينة التوحيد، وقال تعالى: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}.
وقال عليه الصلاة والسلام: " " (متفق على صحته).
ومن أهم واجباتها وأعظمها: أداؤها في جماعة في حق الرجل، حتى إن الرب سبحانه أوجبها في حال الخوف، فقال تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ} الآية.
فأوجب سبحانه صلاة الجماعة في حال الخوف، وحال مصافة المسلمين لعدوهم بأن يصلوا جماعة ويحملوا السلاح لئلا يحمل عليهم العدو.
وقال عليه الصلاة والسلام: " "، وأتاه صلى الله عليه وسلم رجل أعمى فقال: يا رسول الله، إنه ليس لي قائد يلائمني للمسجد، فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال له صلى الله عليه وسلم: " " قال: نعم، قال: " " (خرجه مسلم في الصحيح).
فهذا رجل أعمى لم يأذن له الرسول عليه الصلاة والسلام في التخلف عن الجماعة، وفي اللفظ الآخر: " " فصرح أنه ليس له رخصة وهو أعمى ليس له قائد يلائمه -يعني يحافظ على الذهاب به-.
فإن كان الرجل الأعمى الذي ليس له قائد يقوده إلى المسجد ليس له رخصة، بل يتعين عليه أن يصلي في المسجد فكيف بحال القوي المعافى، فالأمر في حقه أعظم وأكبر، ثم التخلف عن صلاة الجماعة من أعظم الوسائل للتهاون بها وتركها بعد ذلك فإنه اليوم يتخلف، وغداً يترك ويضيع الوقت؛ لأن قلة اهتمامه بها جعلته يتخلف عنها في الجماعة والمساجد التي هي بيوت الله، والتي قال الله فيها سبحانه: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} الآية، وهي المساجد، وهذا أمر معلوم، فإن الذين يتخلفون عن الجماعة يسهل عليهم ترك الصلاة بأدنى عذر وبأقل سبب، ثم بعد ذلك يتركونها بالكلية لقلة وقعها في صدورهم ولقلة عظمتها في قلوبهم فيتركونها بعد ذلك.
فترك الصلاة في جماعة وسيلة وذريعة معلومة لتركها بالكلية، وقد قال صلى الله عليه وسلم: " " (خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة بإسناد صحيح عن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه).
وخرج مسلم في الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " "، وهذا يدل على أنه كفر أكبر لأنه أتى به مُعرَّفاً، وقال آخرون من أهل العلم: إنه كفر دون كفر إذا لم يجحد وجوبها، لكن الصحيح الذي قامت عليه الأدلة أنه كفر أكبر وهو ظاهر إجماع الصحابة رضي الله عنهم.
وقد حكى عبد الله بن شقيق العقيلي التابعي الجليل عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، ومراده كفر أكبر؛ لأن هناك أشياء عملها كفر لكن ليس بكفر أكبر، مثل: الطعن في الأنساب، والنياحة على الأموات سماها النبي صلى الله عليه وسلم كفراً، والصحابة كذلك، لكنه كفر أصغر، فلما أخبر عنهم أنهم كانوا لا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة، علم أنه أراد بذلك الكفر الأكبر كما جاء في الحديث.
وأما كون هذه المعصية تسبب محق البركة، وتسبب أيضاً شراً كبيراً عليه في بدنه وتصرفاته فهذا لا يُستغرب، فإن المعاصي لها شؤم كبير، ولها عواقب وخيمة في نفس الإنسان وفي قلبه وفي تصرفاته وفي رزقه فلا يستغرب هذا، وقد دلت الأدلة على أن المعاصي لها عواقب وخيمة.
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: " "، ومعلوم أن المعاصي تسبب الجدب في الأرض، ومنع المطر، وحصول الشدة، وهذا كله بأسباب المعاصي، كما قال تعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، وقال عز وجل: {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ}.
وهذا أمر معلوم بالنصوص وبالواقع، فجدير بالمؤمن أن يحذر مغبة المعاصي وشرها، ويتباعد عنها، وأن يحرص على أداء ما أوجب الله عليه، وعلى المسارعة إلى الطاعات، فهي خير في الدنيا والآخرة، والمعاصي شر في الدنيا والآخرة.
رزق الله الجميع العافية والسلامة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز. المجلد الثاني عشر.
- التصنيف: