ما هو أفضل ما تُعطى منه كفارة الصيام؟
منذ 2007-01-11
السؤال: ما هو أفضل ما تعطى منه كفارة الصيام؟ وهل يمكن إعطائها من النقود؟
وهل يمكن أن يقضي اليوم الذي يطالب قبل أن يؤدي الإنسان الكفارة؟ وهل
يمكن إعطائها لشخص واحد أو أشخاص ليوزعوها؟
الإجابة: إن كفارة الصيام من الكفارات التي فيها الخيار بين ثلاث خصال، بين
الإطعام: أن يطعم الإنسان ستين مسكيناً، وبين العتق، وبين صيام شهرين
متتابعين، ففيها الخيار بين هذه الخصال الثالث.
والراجح فيها التخيير بين هذه الخصال مطلقاً، وقد أفتى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سلمة بن صخر بهذه الأمور، فبيَّن أن عليه أن يعتق رقبة وضرب صفحة عنقه، وقال: والذي بعثك بالحق لا أملك غير هذه، فقال: " "، فقال: وهل وقعت فيما وقعت فيه إلا من الصيام؟ فقال: " "، فقال: لا أجد ما أطعمهم به، فقال: " " فجلس، فجيء النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر فيه ستون مداً، فقال: " "، فقال: والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: " "، فهذه هي الكفارة كفارة الصيام، وهي مخيرة أي تخير فيها الإنسان بين هذه الخصال الثلاث.
وعند المالكية: أن الأفضل فيها الإطعام، والإطعام إنما هو تمليك، فالإطعام دائماً إذا جاء في معناه ولذلك لا يشترط فيه الإدام ولا الإنضاج، فإذا أطعم الإنسان الفقير أي ملَّكه مداً في المدينة أو مداً وثلثاً في غير المدينة فقد أطعم، فلذلك الإطعام هو التمليك فيطعم الأرز مثلاً أو القمح يعطي كل مسكين مداً في المدينة والأفضل في غير المدينة أن يزيده ثلثاً زيادة على ذلك، هذا هو الأفضل، وقد حصلت فتوى ليحي ابن يحي الليثي صاحب مالك الذي روى عنه الموطأ أن أحد ملوك بني أمية في الأندلس أفطر في نهار رمضان فاستفتى العلماء في الكفارة، فقال يحي: لا يجزئك إلا الصيام شهرين متتابعين ولا يجزئك ما سوى ذلك من الكفارات، فأفتاه بهذا فأشكل ذلك على العلماء، فسألوا يحي فلم يجبهم بحضرة الملك، فلما خرجوا سألوه فقال: إن الملك لا يشق عليه أن يطعم ستين مسكيناً، فيفطر كل يوم ويطعم ستين مسكيناً!! وإذا أعتق فسيعتق من مال المسلمين، فلذلك لا يردعه من الإفطار في نهار رمضان إلا أن يصوم شهرين متتابعين، وهذا النوع هو من الإفتاء أو القضاء بالسياسة الشرعية، والسياسة الشرعية معناه ما هو الأكمل والأفضل من الأمور التي فيها الخيار فيجتهد فيها، ولذلك اختار يحي ابن يحي صاحب مالك في حق الإنسان الذي لا يردعه إلا الصوم أن كفارته هي الصيام.
ويجوز للإنسان القضاء قبل الكفارة، ويجوز أن تكون الكفارة سابقة على القضاء ويجوز أن يخرجا معاً: وهذا الإطعام الراجح فيه وهو مذهب الجمهور أنه لابد أن يكون لستين مسكيناً فلا يعطى لمسكين واحد هذا مذهب جمهور أهل العلم، وذهب أبو حنيفة إلى أن المقصود بستين مسكيناً أي ستين مداً فتعطى لمسكين واحد عند أبي حنيفة، ولكن مذهب الجمهور أقوى لأن الله صرح بتمييز العدد، فالعدد إذا جاء مبهماً يميز بتمييز من بعده سواء كان مجروراً أو منصوباً للدلالة على المقصود به، والعدد هنا هو إطعام ستين، وبعده جاء التمييز وهو مسكيناً، فدل هذا على أنه لابد أن يكون العدد في المساكين.
بقية السؤال: هل يمكن إعطاؤها من النقود؟ فالجواب: أن مذهب جمهور أهل العلم أن من وجب عليه نوع من أنواع المال فلا يجزئه إخراج القيمة عنه، سواء كان ذلك في الزكاة أو في زكاة الفطر أو في الكفارة أو في المقدرات، لأن الشارع حددها بالأمداد، فلذلك فعلى الإنسان أن يأخذ بالاحتياط لنفسه، فلا يُخرج إلا ما أوجب الشارع إخراجه.
وذهب أبو حنيفة إلى جواز دفع القيمة، ومثله أشهب من المالكية أيضاً، وذكر ابن الجاح في المدخل أن الفقير إذا كان أرغب في النقود كان دفعها أفضل لكن هذا الاجتهاد لا يوافق عليه مذهب الجمهور، أن القيمة لا تجزئ أصلاً فلذلك الاحتياط أن يختار الإنسان نفسه وأن لا يختار رغبة الفقراء عن رغبة نفسه، فهو قد أوجب الله عليه دفع هذا المال بعينه والذمة قد عُمرت بمحقق، فلا تبرأ إلا به، فلذلك إذا أراد البراءة لذمته فعليه أن يخرج نوع ما أمر بإخراجه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
والراجح فيها التخيير بين هذه الخصال مطلقاً، وقد أفتى النبي صلى الله عليه وسلم في حديث سلمة بن صخر بهذه الأمور، فبيَّن أن عليه أن يعتق رقبة وضرب صفحة عنقه، وقال: والذي بعثك بالحق لا أملك غير هذه، فقال: " "، فقال: وهل وقعت فيما وقعت فيه إلا من الصيام؟ فقال: " "، فقال: لا أجد ما أطعمهم به، فقال: " " فجلس، فجيء النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر فيه ستون مداً، فقال: " "، فقال: والذي بعثك بالحق ما بين لابتيها أهل بيت أحوج منا، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: " "، فهذه هي الكفارة كفارة الصيام، وهي مخيرة أي تخير فيها الإنسان بين هذه الخصال الثلاث.
وعند المالكية: أن الأفضل فيها الإطعام، والإطعام إنما هو تمليك، فالإطعام دائماً إذا جاء في معناه ولذلك لا يشترط فيه الإدام ولا الإنضاج، فإذا أطعم الإنسان الفقير أي ملَّكه مداً في المدينة أو مداً وثلثاً في غير المدينة فقد أطعم، فلذلك الإطعام هو التمليك فيطعم الأرز مثلاً أو القمح يعطي كل مسكين مداً في المدينة والأفضل في غير المدينة أن يزيده ثلثاً زيادة على ذلك، هذا هو الأفضل، وقد حصلت فتوى ليحي ابن يحي الليثي صاحب مالك الذي روى عنه الموطأ أن أحد ملوك بني أمية في الأندلس أفطر في نهار رمضان فاستفتى العلماء في الكفارة، فقال يحي: لا يجزئك إلا الصيام شهرين متتابعين ولا يجزئك ما سوى ذلك من الكفارات، فأفتاه بهذا فأشكل ذلك على العلماء، فسألوا يحي فلم يجبهم بحضرة الملك، فلما خرجوا سألوه فقال: إن الملك لا يشق عليه أن يطعم ستين مسكيناً، فيفطر كل يوم ويطعم ستين مسكيناً!! وإذا أعتق فسيعتق من مال المسلمين، فلذلك لا يردعه من الإفطار في نهار رمضان إلا أن يصوم شهرين متتابعين، وهذا النوع هو من الإفتاء أو القضاء بالسياسة الشرعية، والسياسة الشرعية معناه ما هو الأكمل والأفضل من الأمور التي فيها الخيار فيجتهد فيها، ولذلك اختار يحي ابن يحي صاحب مالك في حق الإنسان الذي لا يردعه إلا الصوم أن كفارته هي الصيام.
ويجوز للإنسان القضاء قبل الكفارة، ويجوز أن تكون الكفارة سابقة على القضاء ويجوز أن يخرجا معاً: وهذا الإطعام الراجح فيه وهو مذهب الجمهور أنه لابد أن يكون لستين مسكيناً فلا يعطى لمسكين واحد هذا مذهب جمهور أهل العلم، وذهب أبو حنيفة إلى أن المقصود بستين مسكيناً أي ستين مداً فتعطى لمسكين واحد عند أبي حنيفة، ولكن مذهب الجمهور أقوى لأن الله صرح بتمييز العدد، فالعدد إذا جاء مبهماً يميز بتمييز من بعده سواء كان مجروراً أو منصوباً للدلالة على المقصود به، والعدد هنا هو إطعام ستين، وبعده جاء التمييز وهو مسكيناً، فدل هذا على أنه لابد أن يكون العدد في المساكين.
بقية السؤال: هل يمكن إعطاؤها من النقود؟ فالجواب: أن مذهب جمهور أهل العلم أن من وجب عليه نوع من أنواع المال فلا يجزئه إخراج القيمة عنه، سواء كان ذلك في الزكاة أو في زكاة الفطر أو في الكفارة أو في المقدرات، لأن الشارع حددها بالأمداد، فلذلك فعلى الإنسان أن يأخذ بالاحتياط لنفسه، فلا يُخرج إلا ما أوجب الشارع إخراجه.
وذهب أبو حنيفة إلى جواز دفع القيمة، ومثله أشهب من المالكية أيضاً، وذكر ابن الجاح في المدخل أن الفقير إذا كان أرغب في النقود كان دفعها أفضل لكن هذا الاجتهاد لا يوافق عليه مذهب الجمهور، أن القيمة لا تجزئ أصلاً فلذلك الاحتياط أن يختار الإنسان نفسه وأن لا يختار رغبة الفقراء عن رغبة نفسه، فهو قد أوجب الله عليه دفع هذا المال بعينه والذمة قد عُمرت بمحقق، فلا تبرأ إلا به، فلذلك إذا أراد البراءة لذمته فعليه أن يخرج نوع ما أمر بإخراجه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
محمد الحسن الددو الشنقيطي
أحد الوجوه البارزة للتيار الإسلامي وأحد أبرز العلماء الشبان في موريتانيا و مدير المركز العلمي في نواكشوط.
- التصنيف: