ما يعين على علو الهمة في طلب العلم
محمد الحسن الددو الشنقيطي
- التصنيفات: طلب العلم -
السؤال: ما هو علاج من ليست له همة عالية في طلب العلم؟ وما هو الكتاب الأصح
والأكثر تراجم للرجال من الولادة إلى الموت؟
الإجابة: إن علاج الهمة إنما يكون بدراسة الإنسان لحال السابقين والأئمة
المُقتدى بهم، ولذلك فإن الإمام الذهبي لما رأى قصور الهمم ألف كتاب:
"تذكرة الحفاظ" فملأه بتراجم الأئمة الحفاظ الكبار، والسيوطي رحمه
الله لما رأى قصور الهمم في زمانه ألف كتاب: "طبقات الحفاظ" كذلك،
فإذا درس الإنسان تاريخ هؤلاء الأئمة الأعلام ورأى كيف أحرزوا العلم
ووصلوا إليه، وبعضهم لم يطلبه إلا في كبره كسلطان العلماء العز بن عبد
السلام لم يبدأ طلب العلم إلا بعد أن تجاوز أربعين سنة، فهذا مما يبعث
الأمل لدى الإنسان ويحيي لديه الهمة العالية، وكذلك إذا درس آداب
الطلب وما يتعلق بها فإنها تسهل عليه الأمر وتعينه على الإخلاص
فيه.
أما ما يتعلق بالتراجم فمما يُنصح به في هذا الباب كتاب: "سير أعلام النبلاء" للحافظ محمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، فهو كتاب جامع مهم، أحرز فيه تراجم كثير من الأئمة، وقد ابتدأه بترجمة أبي عبيدة بن الجراح لأنه ذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتراجم الخلفاء الأربعة الراشدين في كتاب السيرة، ثم بعدهم بدأ ببقية العشرة فافتتح كتابه بترجمة أبي عبيدة بن الجراح حتى أتى على بقية أعلام الصحابة، ثم ترجم لأعلام التابعين ولمن بعدهم إلى أن وصل إلى عصره هو في القرن الثامن في بداية القرن الثامن الهجري.
فهذه التراجم في كتاب السير مهمة جداً وبالأخص أنه إذا ترجم لإمام من الأئمة يذكر بعض حديثه بإسناده، ولا تخلو ترجمة منه من طرفة حديثية أو علمية أو قصة نافعة، وقد قال ابن المبارك رحمه الله: "سير الصالحين جندٌ من جنود الله يثبت الله بها قلوب عباده، ومصداق ذلك من القرآن قول الله تعالى: {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}"، ولا شك أن كل عصر فيه نماذج وقدوة، وعصر الإنسان الذي هو فيه دائماً يتشوف لتراجم أهله، وكذلك العصر الذي سبقه بقريب، فهو يسمع بكثير من الحكايات عن كثير من الأعلام والأئمة، وتحتاج إلى تمحيص وتحتاج إلى محدث يبحث في أسانيدها ويخرجها ويذكر منها ما صح وينبذ ما لم يصح، وهذا ما تحمل أعباءه بعض أئمتنا السالفين كالحافظ ابن حجر رحمه الله فإنه لما ألف الدرر الكامنة ترجم لكل من سبق المائة الثامنة التي هو فيها، وقد توفي رحمه الله سنة ثمانمائة واثنين وخمسين، وقد ترجم لشيوخه حتى ترجم لنفسه، وجاء بعده عدد من الأعلام كالسيوطي رحمه الله وكذلك صاحب شذرات الذهب فإن كتابه أيضاً حاوٍ لكثير من التراجم.
وفي عصرنا هذا جاء عدد من الذين اشتغلوا بمثل هذه التراجم وإن كانت قاصرة عن مدى أولئك السابقين، فقد ألف بعض الذيول كما فعل القدماء، فمثلاً لما ألف الحافظ الخطيب البغدادي تاريخ بغداد وتوقف فيه عند عصره هو، ذيَّله ابن النجار بذيل التاريخ، ثم ذيله الحافظ الذهبي بذيل التاريخ، ولما ألف الذهبي كتاب العبر ذيَّله أيضاً عدد من المذيلين من بعده بذيول العبر، وهكذا لما ألف ابن فرحون المالكي كتاب الديباج في تراجم المالكية ذيله عدد من المتأخرين فألف الشيخ أحمد باب التيمبكتي نيل الابتهاج بذيل الديباج، وألف القرافي الصغير أيضاً كتاب تطريز الديباج، فهذه من إكمال التراجم السابقة، ولما ألف ابن رجب كتاب طبقات الحنابلة ألف ابن الجوزي كذلك ذيل الطبقات فذيل ذلك الكتاب.
وفي عصرنا هذا بعض المحاولات من أمثال هذا، فالدكتور محمود بن الشيخ شعيب الأرناؤوط له ذيل على شذارت الذهب لابن العماد الحنبلي، وهذا الذيل قد طبع لأنه هو حقق الشذرات فذيلها إلى أن وصل إلى عصرنا هذا ويذكر طبعاً مشاهير أهل الشام ومنطقة أوروبا الشرقية التي هو منها، ولم يتوسع في كثير من التراجم في البلاد الأخرى، وقد اختار بعض التراجم من مختلف الأمصار، وفي ذلك الوقت طلب مني بعض التراجم في هذه البلاد، فبحثت عن بعض السابقين لمثل هذا فلم أجد ما يكفي لأن يدرج في تراجم المحدثين مما هو مدقق محقق وأحلته على بعض المراجع الموجودة، فذكر بعض تراجم أهل هذه البلاد من كتاب الوسيط ومن كتاب الدكتور محمد المختار بن اباه ومن كتاب بلاد شنقيط للشيخ الدكتور الخليل النحوي، وغير ذلك من الكتب القليلة ككتاب فتح الشكور للبارتيلي رحمه الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.
أما ما يتعلق بالتراجم فمما يُنصح به في هذا الباب كتاب: "سير أعلام النبلاء" للحافظ محمد بن عثمان بن قايماز الذهبي، فهو كتاب جامع مهم، أحرز فيه تراجم كثير من الأئمة، وقد ابتدأه بترجمة أبي عبيدة بن الجراح لأنه ذكر سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وتراجم الخلفاء الأربعة الراشدين في كتاب السيرة، ثم بعدهم بدأ ببقية العشرة فافتتح كتابه بترجمة أبي عبيدة بن الجراح حتى أتى على بقية أعلام الصحابة، ثم ترجم لأعلام التابعين ولمن بعدهم إلى أن وصل إلى عصره هو في القرن الثامن في بداية القرن الثامن الهجري.
فهذه التراجم في كتاب السير مهمة جداً وبالأخص أنه إذا ترجم لإمام من الأئمة يذكر بعض حديثه بإسناده، ولا تخلو ترجمة منه من طرفة حديثية أو علمية أو قصة نافعة، وقد قال ابن المبارك رحمه الله: "سير الصالحين جندٌ من جنود الله يثبت الله بها قلوب عباده، ومصداق ذلك من القرآن قول الله تعالى: {وَكُلّاً نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ}"، ولا شك أن كل عصر فيه نماذج وقدوة، وعصر الإنسان الذي هو فيه دائماً يتشوف لتراجم أهله، وكذلك العصر الذي سبقه بقريب، فهو يسمع بكثير من الحكايات عن كثير من الأعلام والأئمة، وتحتاج إلى تمحيص وتحتاج إلى محدث يبحث في أسانيدها ويخرجها ويذكر منها ما صح وينبذ ما لم يصح، وهذا ما تحمل أعباءه بعض أئمتنا السالفين كالحافظ ابن حجر رحمه الله فإنه لما ألف الدرر الكامنة ترجم لكل من سبق المائة الثامنة التي هو فيها، وقد توفي رحمه الله سنة ثمانمائة واثنين وخمسين، وقد ترجم لشيوخه حتى ترجم لنفسه، وجاء بعده عدد من الأعلام كالسيوطي رحمه الله وكذلك صاحب شذرات الذهب فإن كتابه أيضاً حاوٍ لكثير من التراجم.
وفي عصرنا هذا جاء عدد من الذين اشتغلوا بمثل هذه التراجم وإن كانت قاصرة عن مدى أولئك السابقين، فقد ألف بعض الذيول كما فعل القدماء، فمثلاً لما ألف الحافظ الخطيب البغدادي تاريخ بغداد وتوقف فيه عند عصره هو، ذيَّله ابن النجار بذيل التاريخ، ثم ذيله الحافظ الذهبي بذيل التاريخ، ولما ألف الذهبي كتاب العبر ذيَّله أيضاً عدد من المذيلين من بعده بذيول العبر، وهكذا لما ألف ابن فرحون المالكي كتاب الديباج في تراجم المالكية ذيله عدد من المتأخرين فألف الشيخ أحمد باب التيمبكتي نيل الابتهاج بذيل الديباج، وألف القرافي الصغير أيضاً كتاب تطريز الديباج، فهذه من إكمال التراجم السابقة، ولما ألف ابن رجب كتاب طبقات الحنابلة ألف ابن الجوزي كذلك ذيل الطبقات فذيل ذلك الكتاب.
وفي عصرنا هذا بعض المحاولات من أمثال هذا، فالدكتور محمود بن الشيخ شعيب الأرناؤوط له ذيل على شذارت الذهب لابن العماد الحنبلي، وهذا الذيل قد طبع لأنه هو حقق الشذرات فذيلها إلى أن وصل إلى عصرنا هذا ويذكر طبعاً مشاهير أهل الشام ومنطقة أوروبا الشرقية التي هو منها، ولم يتوسع في كثير من التراجم في البلاد الأخرى، وقد اختار بعض التراجم من مختلف الأمصار، وفي ذلك الوقت طلب مني بعض التراجم في هذه البلاد، فبحثت عن بعض السابقين لمثل هذا فلم أجد ما يكفي لأن يدرج في تراجم المحدثين مما هو مدقق محقق وأحلته على بعض المراجع الموجودة، فذكر بعض تراجم أهل هذه البلاد من كتاب الوسيط ومن كتاب الدكتور محمد المختار بن اباه ومن كتاب بلاد شنقيط للشيخ الدكتور الخليل النحوي، وغير ذلك من الكتب القليلة ككتاب فتح الشكور للبارتيلي رحمه الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نقلاً عن موقع فضيلة الشيخ الددو على شبكة الإنترنت.