طهرت من الحيض في النهار، فهل تأكل وتشرب؟
محمد بن صالح العثيمين
- التصنيفات: فقه الصيام -
السؤال: سمعت أنكم أفتيتم للحائض إذا طهرت في نهار رمضان أنها تأكل وتشرب ولا
تمسك بقية يومها، وكذلك المسافر إذا قدم للبلد في النهار فهل هذا
صحيح؟ وما وجه ذلك؟
الإجابة: نعم، ما سمعته من أني ذكرت أن الحائض إذا طهرت في أثناء اليوم لا يجب
عليها الإمساك، وكذلك المسافر إذا قدم، فهذا صحيح عني، وهو إحدى
الروايتين عن الإمام أحمد رحمه الله وهو مذهب مالك والشافعي رحمهما
الله، وروي عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: "من أكل أول
النهار فليأكل آخره"، وروي عن جابر بن يزيد وهو أبو الشعثاء أحد أئمة
التابعين الفقيه أنه قدم من سفر فوجد امرأته طاهراً من الحيض في ذلك
اليوم فجامعها، ذكر هذين الأثرين في المغني، ولم يتعقبهما، ولأنه لا
فائدة من الإمساك، لأنه لا يصح صيام ذلك اليوم إلا من الفجر، ولأن
هؤلاء يباح لهم الفطر أول النهار ظاهراً وباطناً مع علمهم بأنه رمضان،
والله إنما أوجب الإمساك من أول النهار من الفجر، وهؤلاء في ذلك الوقت
ليسوا من أهل الوجوب، فلم يكونوا مطالبين بالإمساك المأمور به. ولأن
الله إنما أوجب على المسافر وكذلك الحائض عدة من أيام أخر، بدلاً عن
التي أفطرها، ولو أوجبنا عليه الإمساك لأوجبنا عليه أكثر مما أوجبه
الله؛ لأننا حينئذ أوجبنا إمساك هذا اليوم مع وجوب قضائه، فأوجبنا
عليه أمرين مع أن الواجب أحدهما، وهو القضاء عدة من أيام أخر وهذا من
أظهر الأدلة على عدم الوجوب.
أما الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله فيجب عليهم الإمساك والقضاء، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله وحجتهم قياس ذلك على ما إذا قامت البينة في أثناء النهار، فإنه يجب الإمساك على من كان من أهل الوجوب، وهذا القياس فيه نظر.
. أولاً: لأن من قامت عليه البينة في أثناء النهار لا يباح له الفطر في أول النهار لو علم بالهلال، فلم يكن ممن يباح له الفطر ظاهراً وباطناً، وحقيقته أنه يحرم الفطر، لكن هو معذور بعدم العلم فلم يكن عليه حرج في أكله قبل العلم بالهلال فأشبه الناسي.
. ثانياً: ولأن من قامت عليه البينة في أثناء النهار فأمسك له فائدة من الإمساك، على قول شيخ الإسلام رحمه الله ومن وافقه، وذلك أن هذا الإمساك يفيده ويسقط عنه القضاء، فلا قضاء عليه على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، لأنه معذور بالأكل حيث لم يعلم بالهلال مع أن أبا الخطاب ذكر رواية: لا يلزمه الإمساك، وقاله عطاء من التابعين، فإذا تبين أنه ليس مع القائلين بوجوب الإمساك على الحائض إذا طهرت والمسافر إذا قدم، إلا مجرد القياس على ما إذا قامت البينة في أثناء النهار، وأن هذا القياس فيه نظر، لعدم مساواة الفرع للأصل إذا تبين ذلك، فالأصل براءة الذمة وعدم الوجوب، ولكن ينبغي أن لا يظهر الأكل والشرب علناً إذا كان في ذلك مفسدة.
سؤال:
ما الفرق بين هذه الحالة وبين من علموا بدخول الشهر في أثناء النهار؟
الجواب:
الفرق بينهما ظاهر، لأنه إذا قامت البينة في أثناء النهار فإنه يلزمهم الإمساك؛ لأنهم في أول النهار إنما أفطروا بالعذر (عذر الجهل)، ولهذا لو كانوا عالمين بأن هذا اليوم من رمضان لزمهم الإمساك، أما القوم الاۤخرون الذين أشرنا إليهم فهم يعلمون أنه من رمضان، لكن الفطر مباح لهم، فبينهما فرق ظاهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد التاسع عشر - كتاب الصيام.
أما الرواية الثانية عن الإمام أحمد رحمه الله فيجب عليهم الإمساك والقضاء، وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله وحجتهم قياس ذلك على ما إذا قامت البينة في أثناء النهار، فإنه يجب الإمساك على من كان من أهل الوجوب، وهذا القياس فيه نظر.
. أولاً: لأن من قامت عليه البينة في أثناء النهار لا يباح له الفطر في أول النهار لو علم بالهلال، فلم يكن ممن يباح له الفطر ظاهراً وباطناً، وحقيقته أنه يحرم الفطر، لكن هو معذور بعدم العلم فلم يكن عليه حرج في أكله قبل العلم بالهلال فأشبه الناسي.
. ثانياً: ولأن من قامت عليه البينة في أثناء النهار فأمسك له فائدة من الإمساك، على قول شيخ الإسلام رحمه الله ومن وافقه، وذلك أن هذا الإمساك يفيده ويسقط عنه القضاء، فلا قضاء عليه على رأي شيخ الإسلام ابن تيمية، لأنه معذور بالأكل حيث لم يعلم بالهلال مع أن أبا الخطاب ذكر رواية: لا يلزمه الإمساك، وقاله عطاء من التابعين، فإذا تبين أنه ليس مع القائلين بوجوب الإمساك على الحائض إذا طهرت والمسافر إذا قدم، إلا مجرد القياس على ما إذا قامت البينة في أثناء النهار، وأن هذا القياس فيه نظر، لعدم مساواة الفرع للأصل إذا تبين ذلك، فالأصل براءة الذمة وعدم الوجوب، ولكن ينبغي أن لا يظهر الأكل والشرب علناً إذا كان في ذلك مفسدة.
سؤال:
ما الفرق بين هذه الحالة وبين من علموا بدخول الشهر في أثناء النهار؟
الجواب:
الفرق بينهما ظاهر، لأنه إذا قامت البينة في أثناء النهار فإنه يلزمهم الإمساك؛ لأنهم في أول النهار إنما أفطروا بالعذر (عذر الجهل)، ولهذا لو كانوا عالمين بأن هذا اليوم من رمضان لزمهم الإمساك، أما القوم الاۤخرون الذين أشرنا إليهم فهم يعلمون أنه من رمضان، لكن الفطر مباح لهم، فبينهما فرق ظاهر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد التاسع عشر - كتاب الصيام.